البيت المسلم السعيد :أمل يحتاج إلى عمل

 

البيت المسلم هو لَبِنة قويةٌ في بناء المجتمع المسلم الملتزمِ بمنهج الله في الحياة، والأسرة في الإسلام نظام إلهي، ومنهجٌ رباني، وهَدْي نبوي، وسلوك إنساني، والحياة في بيوت المسلمين عبادة شاملة، وتربية مستمرة؛ فالحياة الأُسرية التي تقام بزواج رجل وامرأة هي آية من آيات الله -سبحانه وتعالى-.

 

يقول الله -تعالى-: ﴿ وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ﴾ [الروم: 21].

 

ولن ينجح المجتمع في تطبيق المنهج الرباني إلا إذا نجحت الأسرة، ولا تستقيم حياة الأمة إلا إذا قَوِيت الروابط الأُسرِية، فأصبح من الضروري اليوم إدراكُ الوالدين لدورهما، وأن العملية التربوية هي عملية تدريجية تراكمية ممتدة، ولكل مرحلة عمرية وسائلُها وأدواتها.

 

والزواج يقيم مؤسسة صغيرة، هي الأسرة، وهي نواة المجتمع، وكلما كانت النواة صالحة، كان المجتمع مستقرًّا قويًّا.

 

ما الأمور التي تراعَى عند اختيار الزوجين؟

مراعاة التكافؤ بينهما، والإسلام يعتبر الكفاءة في الدين والخلق في المقام الأول.

 

التقارب في العمر والمستوى الاجتماعي والثقافي.

 

فمراعاة ذلك يساعد على التفاهم، والانسجام بين الزوجين، وهو من المصالح المعتبرة شرعًا، والانسجام يساعد على تربية الأولاد تربية صحيحة.

 

الأولاد:

هم قرة عين الإنسان، وهم أمل الحياة، وسلوى النفس، وفرحة القلب، وبهجة العين، وأمان المستقبل، وهذا كله منوطٌ بحسن التربية، وسلامة تكوينهم وإعدادهم للحياة؛ بحيث يكونون عناصرَ بنَّاءة وفعالة، يعود خيرهم على والديهم، وعلى مجتمعهم، وعلى الناس أجمعين، وبذلك يكونون كما قال الله -تعالى- فيهم: ﴿ الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ﴾ [الكهف: 26].

 

وأما إذا أُهملتْ تربيتهم وأُسيءَ تكوينُ شخصياتهم، كانوا وبالاً على الوالدين، وشرًّا مستطيرًا على المجتمع والناس.

 

التربية الإيمانية:

1- صلاح الوالدين أو أحدهما:

صلاح الوالدين يكون سببًا في صلاح الأبناء، فصلاح امرأة عمران جعل نبيًّا يكفل بنتها، يقول الله -تعالى-: ﴿ إِذْ قَالَتِ امْرَأَتُ عِمْرَانَ رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّرًا فَتَقَبَّلْ مِنِّي إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ * فَلَمَّا وَضَعَتْهَا قَالَتْ رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُهَا أُنْثَى وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا وَضَعَتْ وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنْثَى وَإِنِّي سَمَّيْتُهَا مَرْيَمَ وَإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ * فَتَقَبَّلَهَا رَبُّهَا بِقَبُولٍ حَسَنٍ وَأَنْبَتَهَا نَبَاتًا حَسَنًا وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِنْدَهَا رِزْقًا قَالَ يَا مَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هَذَا قَالَتْ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ ﴾ [آل عمران: 35 – 37].

 

وفي سورة الكهف: صلاح الأب جعل نبيين يعملان بنيانًا لأولاده؛ ﴿ وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا ﴾ [الكهف: 82].

 

إذا كان بيت الزوجية مبنيًّا على: “سكن، ومودة، ورحمة“، وهذه ثلاثة أركان إذا توافرت، نجد أن الرحمة تتنزَّل من عند الله على هذه الأسرة، وتنجب ذرية صالحة.

 

الزواج شركة بين زوجين، فرجل تقي مع امرأة تقية، فالله ثالثهما، عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال -عليه الصلاة والسلام-: ((إن الله يقول: أنا ثالِثُ الشَّريكيْن، ما لم يَخُنْ أحدُهما صاحِبَه، فإذا خانه، خرَجتُ من بينِهما))؛ رواه أبو داود.

 

2- الإخلاص في التربية:

يعان العبد على قدر نيته ﴿ إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلًا ﴾ [الكهف: 30]، الإمداد من الله على قدر الاستعداد: “كل عمل لا يقوم على الإخلاص، فهو على جرف هارٍ“.

 

3- حسن التوكل على الله:

يقول الله -تعالى-: ﴿ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ ﴾ [الطلاق: 3]؛ فعلينا أن نأخذ بجميع الأسباب في التربية، ثم نترك النتيجة على الله -سبحانه- فلا نيْئَس مهما واجهنا من فشل أو مشاكل في بعض الجوانب، ولكن نستمر ونستمر في التربية حتى ننجح في جوانبَ أخرى.

 

4- حسن الظن بالله، وعدم النظر إلى المثبطات:

فالمثبِّطات في طريق التربية كثيرة جدًّا، فلا نلتفت إليها، فنحاول أن نجتازها أو نتجاهلها، ولا نقف عندها، عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((قال الله: أنا عند ظنِّ عبدي بي))؛ رواه البخاري.

 

5- عدم التصلب أمام المشكلات:

فلا بد للوالدين أن يكونا كالشجرة الليِّنة، التي تنحني مع الريح ثم تعود.

 

6- تجديد الهدف من التربية:

لا بد من تجديد الهدف من التربية للأولاد، وكل فترة يتجدَّد الهدف فيها تختلف عن غيرها.

 

7- الاستفادة من خبرات الآخرين:

فالاستفادة من خبرات الآخرين في التربية تكون بالنظر إلى السلبيات التي وقع فيها، والنظر إلى الإيجابيات.

 
 

 

اترك تعليقًا