تشبعوا في طلب الخير و شعب الإيمان

 

أيها الأخوة الأحبة

هاهو شعبان أمسى معلنا العد التنازلي نحو رمضان الكريم، وإذا كان شهر شعبان قد سمي بهذا الاسم لتشعب العرب في طلب الماء والبحث عن المصالح، فإن المطلوب منا أن نتشعب أيضا لكن في شعب الخير وشعب الإيمان، من أجل أن نصل إلى مراد الدعوة والتحقق بصفات الجماعة.

 

وان لشعبان في حياتنا ذكرى عظيمة لأنه كان الإطار الزمني للميلاد الجديد، هذا الميلاد الذي كانت آلام مخاضه شديدة، ومراحل انتظاره عسيرة، قطعت فيها أواصر حب لعقود من الزمن، ونسيت فيها أفضال عديدة، لا ينبغي أن تتلاشى بنزوات عابرة، ودخلت بين الأخوان نزغات شيطان الإنس والجان، عندما حدثت فرجات في الصف، ودخلته أرضات أصابت بنيانه المرصوص، وتلك صفات مراحل الفتن يصبح الرجل فيها مؤمنا ويمسي كافرا بما آمن به في الصباح، بفعل شبهات أصابت ركن الثقة في المقتل، ولذلك لابد أن نأخذ الدروس والعبر والحكيم من اعتبر من هذه الأحداث التي نسأل الله ألا تتكرر، بل نرجوا ونعمل على إزالة أثارها السيئة بإتباع الحسنة السيئة تمحها، والانتقال من نفوس أمارة بالسوء إلى نفوس مطمئنة، نصل بها إلى رضوان الله فنتحقق بقول الله تعإلى (رضي الله عنهم ورضوا عنه) سورة البينة الآية 8.

 

 

أيها الأخوان

 

إن المرحلة الجديدة مرحلة مسؤوليات مضاعفة، والتزامات أكبر، لأن المسؤولية لم تعد تتعلق بأفراد قلائل بل تتحقق فيها القاعدة الإسلامية التفاعلية الجماعية (إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى) رواه البخاري ومسلم، فأي تقصير أو إهمال لا يعنيك أيها الأخ في قريتك أو موقعك أو مهمتك، وإنما ستكون انعكاساته على إخوانك في كل ربوع الأرض، كما سيفرض علينا الميلاد الجديد تحديات كبيرة من خصوم لا يحبون للمشروع أن ينجح، ولا للقائمين عليه أن يرتاحوا، فتراهم يفجرون المعارك الوهمية، ويصنعون بؤر التوتر في كل مكان، لأنه كبر عليهم أن تنجحوا في أعمالكم، ويستقر بناؤكم، وما ذلك إلا لقصور منهم في فهم طبيعة الدعوة، التي إن لم نكن بها فلن نكون بغيرها، وأما هي فان لم تكن بنا كانت بغيرنا، قال تعالى (وإن تتولوا يستبدل قوما غيركم ثم لا يكونوا أمثالكم ) سورة محمد الآية 38.

 

ومع ذلك فان المطلوب أيها الأخ الكريم ألا نكثر الجدل والقيل والقال وإهدار الوقت فيما لا طائل من ورائه، وألا تستفزنا المهاترات، بل نعمل على مواجهة الناس بالحب والدعاء، والعمل المستمر فلا نقابل السيئة بالسيئة، فطريق الهجرة أصبح واضحا، فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله وأجر هجرته على ربه.

 

 فالمطلوب منا أيها الأحبة هو الحرص الواعي على الانتقال ليس من ساعة إلى ساعة، أو من وضع قانوني إلى وضع آخر، وإنما المطلوب هو الانتقال الحقيقي الهادي من حال إلى حال، من حال الظنون إلى حال التحقق، ومن حال التشكيك إلى حال اليقين، ومن حال مؤقت إلى حال مستقر رحب، يستوعب جميع المخلصين المتجردين من حظوظ النفس.

 

أيها الأخوان

 

لقد تجاوزنا عن العديد من الإجراءات التنظيمية التي اقتضتها المرحلة السابقة، من أجل فتح الباب واسعا أمام جميع الإخوان، وهذا يتطلب حسن الكلام والاستقبال فقد قال الله تعالى (وقولوا للناس حسنا) سورة البقرة الآية 83، وعدم تذكير الناس بأخطائهم، بل التسامح ومصافحة القلوب، وفتح المجال العملي الذي ينخرط فيه الجميع لنستكمل به بناء الصف القوي المتين بجهد المخلصين، والخروج إلى المجتمع بأعمال النفع انطلاقا من الأسرة المنتجة إلى الحركة المنتجة، فمرحلة البناء مستمرة وطول مداها أو قصره يتوقف على الجهد المبذول، ونحن في حاجة إلى كل مجهود يضيف لبنة في عملية البناء.

 

أيها الأخوان

 

إن بقية الأيام من شعبان فرصة لتحضير جيد لبرامج رمضان، شهر العلاج والتزكية والتطهر، لاستهداف ما تضرر من ذواتنا على المستوى الفردي والمستوى الجماعي، إذ كل منا له دور في إصلاح نفسه فلا نتعلل بتقصير الآخرين في الارتباط بالمسجد أو في الدعوة الفردية، أو نشر الدعوة بين الأرحام وذوي القربى، أو إيصال الأنباء إلى الإخوان سواء على المستوى المركزي أو الولائي، أو على المستوى الجماعي والفردي، فلا عذر لنا في التقصير في جلسات التشاور البناء، والحوار الجاد، والانتصار للحق، وانجاز البرامج، ومضاعفة الأسر، والحضور بين الناس، قال تعالى (ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون) سورة آل عمران الآية 104.

 

وان رؤيتنا للعهد الجديد أن يكون انتصارا للمنهج والرسالة، والتزاما بمقتضياتها وليس انتصارا للأشخاص، وأن يكون العهد الجديد بتعاون جميع الأطراف على البر والتقوى، وأن يكون التعاون إصلاحيا، يرى الناس خيره في واقعهم من خلالنا جميعا، فالناس يريدون أن يروا أعمالا لا أقوالا ويروا القدوة قبل أن يسمعوا الدعوة.

 

أيها الإخوان

 

ان رمضان مائدة الله التي عليها ارزاق الاجر والاحسان، وقد حولها الناس إلى تنافس على المطعم والمشرب، والسهرات الهادرة للوقت، وواجبنا احياء السمت الرمضاني، وقيام ليله بالقران، والطاعات المختلفة، والتنادي من اجل ان يرى المجتمع قيمه وثقافته، وكل مناشطه في ظلال الحق والشريعة الغراء، فاذا كان ذلك واضحا في اذهاننا فعلى الجميع ان ينخرط في برامج الحركة الاحيائية للامة من خلال شهر رمضان الكريم، فرب دعوة تختصر لنا جميعا الطريق نحو الله وتزيدنا قربى من رحمته.

 

أيها الأخوان

 

ان دينا قائما لفلسطين في رقابنا تجاه القدس والاقصى، وتجاه غزة والخليل، وان فلسطين هي البوصلة والبركة، فكلما كنا معها كنا على الطريق الصحيح الذي ام الرسول صلى الله عليه وسلم فيه الانبياء، وتؤمون به انتم الامم والحركات، وكلما كنا حول فلسطين حلت علينا البركة

 

قال تعإلى

( سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا إنه هو السميع البصير) سورة الاسراء الآية 1

 

فلنجمع لحركتنا بركة رمضان مع بركة فلسطين، نلتزم بنفقة خاصة نفتح بها افطارنا يوميا في شهر رمضان، نشعر ابناءنا من خلالها بهذا الواجب، بنية تحرير فلسطين وتثبيت المرابطين، نسري بصلاتنا من قبلة المسجد الحرام إلى المسجد الاقصى، على براق احلامنا، لنكون على طريق واثر معراج نبينا صلى الله عليه وآله وسلم فاحلام اليوم حقائق الغد، ولنبتهل لله ان يتقبل منا صالح الاعمال .ويشرح صدورنا للخير، ويضع عنا اوزارنا، ويرفع لنا ذكرنا، فان مع العسر يسرا، ولايجتمع على المؤمن عسران.

 

والله من وراء القصد وهادي السبيل .

 

 

اترك تعليقًا