يتقنه إلا الكبار من طراز أبي القاسم سعدالله وأمثاله النوادر في عصر لا يشجع على مثل هذا النموذج الفذ.
رحل الرجل ولم يبك عليه إلا من عرف قدره فحزن حزنا شديدا لخسارة العصر مثل أبي القاسم سعدالله الذي كان رجل المعلومة الصادقة يبحث عنها في بطون الكتب وصدور الرجال وأروقة التاريخ يقلبها بإتقان الأمين ويمحصها ويقلب وجوهها ويقرؤها بعمق ويضعها في سياقها التاريخي والموضوعي ثم يقدمها بعد أن أيقن بأنها الأصوب الذي اطمأن له البحث والفكر والدلائل والحجج.
رحل العملاق في صمت .. لأنه كان يحب الهدوء لحظة العيش مع الأفكار والأحداث والمواقف في عزلة عن هرج البشر وجريهم نحو مطامع الدنيا وماديتها التي أعمت خلقا كثيرا .. ولكن أباالقاسم سعدالله أشرقت شمس أنوار المعارف في قلبه وتفتق عنها عقله فصرفه عن شموس الخلق ودنياهم الزائلة وعاش يتألق في تلك الأنوار التي سرى خبرها إلى أن بلغ الآفاق في عالم اليوم فلا العرب ولا العجم من ينكر اسم هذا العلم الأشم ..
لمثل هذه الحياة يعيش الكبار أمثال أبو القاسم سعدالله ليبقى كبيرا بعد رحيل جسده الطاهر .. ويترك لنا إرثا جليلا يخلده إلى ماشاء الله يستقي منه الباحثون عن الحقائق وتفسير الأحداث والمواقف مايشفي عليلهم ويريح سائلهم .. ولن يضيره أنه ضيع مكاسب المناصب وموائد الممالك فهي لم تكن شيئا أمام أهداف سامية ستضيعها تلك المطالب الدنية، وهي موازنة سلهة عند أمثاله صعبة بل مستحيلة عند غيره.
رحمة الله على العَلم الجليل أبي القاسم سعدالله.
ونسأل العلي القدير أن يتغمده بواسع رحمته ويسكنه فسيح جناته .
حركة البناء الوطني أمانة الإعلام