أطلق الوزير الأول، عبد المالك سلال، عبارات زادت المشهد السياسي غموضا وإرباكا، والبلاد على بعد أقل من أربعة أشهر عن الاستحقاق الرئاسي المرتقب في أفريل المقبل، وذلك في مداخلة مرتجلة أقسم خلالها بأنه سوف لن يقرأ من الأوراق التي أعدت له.
وقال سلال في لقائه بممثلي المجتمع المدني لڤالمة في ختام الزيارة التفقدية التي قادته أيضا لولاية الطارف: “سنة 2014 ستكون حاسمة، ونحن مرتاحين والشعب له الثقة في مستقبل بلاده..”، قبل أن يضيف: “.. نحن دارسين آفاق 2014 وأبعد”.
وجاءت هذه التصريحات في أعقاب كلمة ألقاها رئيس المجلس الشعبي الولائي لولاية ڤالمة، حمّل من خلالها الوزير الأول، مسؤولية تبليغ انشغال “سكان الولاية” للرئيس بوتفليقة المتمثل في دعوته الترشح لعهدة رابعة، الأمر الذي كان وراء اعتقاد أطراف بأن كلام سلال كان تطمينا لرئيس المجلس الشعبي الولائي بخصوص الدعوة التي أطلقها.
وانطلقت هذه القراءات من تأكيد الوزير الأول في خطابه بأن “قطار الجزائر انطلق”، بينما كان يتحدث عن جولاته الماراتونية التي قادته إلى ما يقارب الـ38 ولاية، وزع خلالها آلاف الملايير على هذه الولايات، وهو الإنجاز الذي لم يسبقه إليه أي من المسؤولين الذين سبقوه منذ الاستقلال، كما قال الوزير الأول، الذي حتى وإن نفى أن تكون هذه الخرجات الميدانية “حملة انتخابية”، إلا أن ذلك لم يغير من منظور الجزائريين، الذين اعتادوا الوقوف على مثل هذه “الحملات الانتخابية الصامتة” سنة قبل أي استحقاق رئاسي، منذ وصول الرئيس بوتفليقة إلى سدة قصر المرادية، في عام 1999.
وبلغة طبعها تحد واضح للمشككين في حصيلة الحكومة التي أسندت قيادتها إليه منذ ما يقارب السنة والنصف، قال سلال: “نحن ذاهبون لتقديم حوصلة أمام البرلمان”، مؤكدا أنه ليس لديه ما يخفيه: “بلادنا في استقرار. ممكن ارتكبنا أخطاء خفيفة، لكننا حققنا إنجازات يشهد عليها العدو قبل الصديق”.
غير أن أطرافا أخرى لاحظت في كلام عبد المالك سلال تراجعا عن خطابات سابقة له، بحيث لم يدع صراحة هذه المرة، الرئيس بوتفليقة إلى الترشح لعهدة رابعة، بالرغم من الضغط النفسي الذي يكون قد وضعه فيه رئيس المجلس الولائي لڤالمة، وبعض المتدخلين، في اللقاء الذي جمعه بفعاليات المجتمع المدني للولاية.
وفي سياق ذي صلة، أجل التجمع الوطني الديمقراطي، الحسم في موقفه من الاستحقاق الرئاسي المرتقب ربيع العام المقبل، إلى غاية نهاية جانفي الداخل، في الوقت الذي كان منتظرا أن يفصل المؤتمر الرابع للحزب، الذي انعقد يومي 24 و25 ديسمبر الجاري بفندق الأوراسي، ونصب عبد القادر بن صالح أمينا عاما جديدا للحزب.
وذكرت مصادر قريبة من صناعة القرار في “الأرندي” لـ”الشروق” أن عبد القادر بن صالح ضرب موعدا لأعضاء المجلس الوطني للحزب، للاجتماع في دورة استثنائية نهاية الشهر المقبل، من أجل الحسم في الشخصية التي سيرشحها الحزب للانتخابات الرئاسية المقبلة.
وحسب المصادر فإن عبد القادر بن صالح، وبعد أن وقف على حالة من الاستغراب لدى قيادة القوة السياسية الثانية في البلاد، خاطبهم بالقول: “لا داعي لقراءة ما بين السطور ولا ما فوقها ولا ما تحتها”، الأمر الذي فسرته شريحة واسعة داخل الحزب، عن وجود نية لدى خليفة أحمد أويحيى في خوض سباق الرئاسيات المقبلة في حال قرر الرئيس بوتفليقة عدم الترشح لعهدة رابعة.