نصر من الله و فتح قريب

تمر علينا ذكرى الاجتياح الإسرائيلي الغاشم على قطاع غزة ولم يكن يميز هذه الجريمة عن باقي  جرائم العدو الصهيوني منذ حادثة التقسيم سوى الموقف الجديد الذي قابلت به مصر هذا العدوان عندما كان الرئيس مرسي رئيسا للدولة فكان هذا الموقف هو قطرة الشرف الوحيدة في بئر الخيانة العربية .

 

فلم تنهزم فلسطين قط لتفريط أبنائها و لا  لتقصير من الشعوب العربية و إنّما كانت الهزيمة دائما بسبب الخيانات المتتالية للدول العربية فقد كادت كتائب حطّين و القادسية و عمر المختار و  البوشناك (البوسنة) أن تهزم إسرائيل و تكسر  قرار التقسيم على قلّة عددها و عدّتها لولا” استجابة الخيانة “لدول الطوق و على رأسها مصر و الأردن لقرار الأمم المتحدة بوقف إطلاق النّار في ذروة الانتصارات التي حققها المجاهدون البواسل و لم يتوقف الزّحف العربي في حرب الاستنزاف  بعدما توغلوا في صحراء سيناء إلا بعد توقيع “اتفاقية الخذلان “لوقف إطلاق النار واحتفاظ مصر و سورية بجزء من سيناء و الجولان ثم توالت اتفاقيات الخيانة و انكسرت لاءات الخرطوم و لم نر منذ ذلك اليوم موقفا عربيا يشرّف الأمّة و يعيد لها عزّتها و كرامتها إلا حين رفع الرئيس مرسي من نبرته اتّجاه الولايات المتّحدة لإرغام الكيان الصهيوني على الانسحاب من غزّة مهدّدا بقطع العلاقات مع أمريكا ذاتها لتتوالى بعد ذلك اتفاقيات الشّرف وفتح المعابر و دخول المساعدات لتتحوّل إلى قبلة المسلمين في ذلك العام.

ولقد فات الكثير من النّاس أن يقدّروا مثل هذه المواقف لهؤلاء الرّجال لنتذكّر و نذكّر الجميع بذلك الفتح و ذلك المُلك الذي يريد أعداء المسلمين و أعداء الأمة أن ينتزعوه منّا اليوم و لكن ليس بضعف منّا و لا بقوّة منهم و لكن لحلقة جديدة من الخيانة عنوانها حرب يهودية صليبية على الإسلام (وَلَن تَرْضَى عَنكَ الْيَهُودُ وَلاَ النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ )   و    احتلال أمريكي أوروبي بالوكالة لتستعر الفوضى و الحروب الأهلية  والفتن في كل قطر عربي وإسلامي (وَلَوْ أَرَادُواْ الْخُرُوجَ لأَعَدُّواْ لَهُ عُدَّةً وَلَـكِن كَرِهَ اللّهُ انبِعَاثَهُمْ فَثَبَّطَهُمْ وَقِيلَ اقْعُدُواْ مَعَ الْقَاعِدِينَ (46) لَوْ خَرَجُواْ فِيكُم مَّا زَادُوكُمْ إِلاَّ خَبَالاً ولأَوْضَعُواْ خِلاَلَكُمْ يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ وَاللّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ ) -التّوبة- . فينشغل الجميع بفتنهم وحرائقهم عن حريق أكبر في فلسطين وجريمة تعد لشعبها  بعد حصار و خناق و لن يلتفت إليهم أحد في غمرة الانشغال بالحروب الأهلية والفتن المشتعلة هنا وهناك .

هذه هي خطّتهم  و هذه هي أمنيتهم و لكن “المنى رؤوس أموال المفاليس “كما يقولون فلقد ذاقت الشعوب طعم الحرية و رأت بنفسها كيف يصير حالها عندما يحكمها المخلصون ،رأت في أردوغان العدل و الرّفاه الاجتماعي و التطوّر الاقتصادي و رأت في مرسى الحرية و العزّة والكرامة و رأت في هنيّة الشّدة و البأس في مقارعة الأعداء .

و ما هذه الأزمة بانتكاسة أبدا، إنّما هي وقفة انتظار قصيرة بإذن الله كي تلتحق باقي شعوب الأمّة وجميع فصائلها المخلصة بالرّكب ممّن تخلّفوا من قبل ليأس أصابهم أوشك راودهم وقد أيقنوا اليوم أن النصر قريب إن شاء الله .

ووقفة امتحان تنكشف فيها نوايا الدّول الكبرى على حقيقة صدقها في نشرها للديمقراطية و الحرّية .

ووقفة اختبار لمنظمات حقوق الإنسان العالمية و ازدواجية المعايير مع الدول والشعوب .

ووقفة تنكشف فيها خفافيش الظلام من العملاء و الخونة و المنافقين و المندسين .

ووقفة تمحيص لأصحاب المشروع الإسلامي على قدرتهم لتحمل أعباء مرحلة التمكين .

اترك تعليقًا