لم يعد حزب الدا الحسين كما كان من قبل، فمنذ التغيرات الأخيرة التي أجريت على الحزب وبداية اختفاء زعيمه ومؤسسه التاريخي بسبب وضعه الصحي ورغبته في صناعة حزب جديد يتجاوب مع منطق تأسيس الأحزاب ألا وهو العمل على الوصول إلى السلطة بدل البقاء في المعارضة من أجل المعارضة، وهو ما ترجم في دخول الحزب إلى الانتخابات التشريعية الأخيرة وكذلك الانتخابات المحلية، إضافة إلى بداية انخفاض نبرات المعارضة التي تعودناها من أقدم حزب معارض في الجزائر
.
تركيبة الحزب القيادية تغيرت بشكل كبير رغم أن أغلب إطارات الحزب القديمة لازالت تنشط فيه وتعارض من الداخل، في حين أثارت مجموعات أخرى إلى تأسيس أحزاب وبعضها بقي بعيدا عن العمل الحزبي، ولكن لا زال الحزب ينشط تحت ظل آيت أحمد، ولا شيء يتم إلا برضاه. ويبرر البعض وجود ناطقه الرسمي الأستاذ كريم بهلول الذي تربطه قرابة برئيس الحزب وكذلك يعد من مريديه، وآيت أحمد كغيره من التاريخيين الجزائريين يقدمون الولاء على الكفاءة، أما التغيير الثاني فهو صعود مجموعة بجاية للأمانة العامة، وهذا بسبب أن التواجد النضالي للحزب أصبح في بجاية أكثر منه في تيزي وزو أو باقي الولايات.
استراتيجية الأفافاس لا تختلف عن الأحزاب المنضوية تحت مظلة الأممية الاشتراكية، العمل مع المجتمع المدني وخاصة القطاع الحقوقي، وقد استطاع أن يستوعب عبر إطاراته بعض الجمعيات الحقوقية في البلاد على غرار ما أسسه نائبه في البرلمان مصطفى بوشاشي “الرابطة الجزائرية لحقوق الإنسان” وبها يمارس الابتزاز والمساومات، كما ينشط كغيره من الأحزاب في الجامعات والقطاع الشباني.
ورغم المحاولات الكثيرة التي بذلها الحزب لإضفاء الصبغة الوطنية، إلا أنه لم يستطع أن يخرج من دائرة الأحزاب الممثلة لجزء من القبائل، ووجوده بمنطقة الشاوية وبني ميزاب لا زال محدودا، أما في باقي الولايات فيكاد يكون منعدما، بل كل الاستحقاقات الانتخابية لم تعطه أي رقم ذي دلالة في ما لا يقل عن 40 ولاية.
تغير خطاب الأفافاس اقترن بالحديث عن صفقة سياسية بينه وبين السلطة، كان من ثمارها أن نال الأفافاس مقاعد في كل من برج بوعريريج وقسنطينة، كما تقدم بمشروع قانون لتعويض ضحايا 1963 وكان من بنود الاتفاق الدخول في التحالف الرئاسي لـ2014 والذي بموجبه يدخل الحزب إلى الحكومة، قيادات من الأفافاس لا تخفي أنه تمّت لقاءات مع الوزير الأول عبد المالك سلال، وداخل محادثاتها يبدو أنها فعلا تعد لإعلان دعمها له مستقبلا بعد تأكد ترشحه، وفي خطابها الداخلي تركز على أنه من أبناء المنطقة وأنها سابقة تاريخية لا يجب التأخر في تكريسها في أرض الواقع كمرحلة انتقالية.
قيادات الأفافاس تجوب الولايات وخاصة ذات الكثافة النضالية لإقناع مناضليها بتوجهاتها الجديدة، وكان آخرها لقاء المجلس الولائي ببجاية يوم الجمعة، والذي بدا واضحا من خلال الوفد الكبير من القيادة الوطنية أنه الأهم في تحويل توجهات قاعدة الحزب إلى الموالاة بعد عقود من المعارضة.