الإبتسامة في بيت النبوة


إن الإسلام دين الفطرة، جاء لهداية البشر وإرشادهم إلى الطريق المنجي في الدنيا والآخرة، وهو في سبيل ذلك ينهج نهجًا واقعيًا يتلاءم مع حياة الناس كبشر لهم احتياجات اجتماعية ونفسية وعاطفية، فهم بشر وليسوا ملائكة، وقد كانت حياة النبي صلى الله عليه و سلم مثالاً رائعًا للحياة الإنسانية المتكاملة التي تجمع بين العبادة والخشوع إلى حد البكاء، والقيام حتى تورم القدمين، وهو في الحق لا يخشى في الله لومة لائم، إلا أنه بشر سوي يحب الطيبات ويفرح ويبتسم، ويداعب ويمزح، ولا يقول إلا حقًا

.

ولم يكن النبي (صلى الله عليه و سلم) في حياته جافًا، و لا قاسيًا، ولا فظًا، وقد وردت أحاديث كثيرة في ذلك المعنى، منها ما جاء عن أبي هريرة (رضي الله عنه) أنه صلى الله عليه و سلم قال: «إني إذا داعبتكم فلا أقول إلا حقًا».

وفي رواية ابن عمر: «إني لأمزح ولا أقول إلا حقًا»، وقد تكلم بعض علماء المسلمين في هذه المسألة، ومن ذلك ما قاله الإمام الغزالي أنه إذا أراد أحد أن يتأسى بالرسول في ذلك فليفعل، بشرط أن يقدر على ما قدر عليه (صلى الله عليه و سلم)، وهو أن يمزح ولا يقول إلا حقًا.

وقال الإمام ابن حجر الهيثمي: «إن المداعبة لا تنافي الكمال، بل هي من توابعه وتمامه إذا كانت جارية على القانون الشرعي، بأن تكون وفق الصدق والحق، ويقصد بها تأليف قلوب الضعفاء وجبرهم، وإدخال السرور عليهم والرفق بهم».

ومما يروى في ذلك الخصوص، مداعبته صلى الله عليه و سلم لزوجته عائشة رضي الله عنها، وكذلك للأطفال، وقد ورد أنه صلى الله عليه و سلم كان يسابق بعض زوجاته، وقد سابق عائشة فسبقته وهي صغيرة، فلما كبرت وزاد وزنها، وثقلت حركتها سابقها فسبقها. وقال لها: «هذه بتلك».

كذلك روي عن عبد الله بن الحارث أنه صلى الله عليه و سلم كان يداعب الأطفال، ويقول: «من سبق إليّ فله كذا وكذا»، قال: فسيتبقون إليه فيقعون على ظهره وصدره فيقبلهم ويلتزمهم».

بأبي أنت وأمي يا رسول الله، ما أحن قلبك، وما أكرم مشاعرك.. أقولها لمن يظنون أن التدين يعني العبوس والتجهم حتى داخل البيت مع الزوجة والأطفال، فها هو رسول الله صلى الله عليه و سلم هشًا بشًا، حنونًا رءوفًا، وصدق الله العظيم حيث قال: {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ}(آل عمران: 159).

 

 

 

 

اترك تعليقًا