بيان جماعة الإخوان بسوريا من إختتام مؤتمر جنيف 2

اختتم مؤتمر “جنيف ٢” أعماله بعد أن عجز عن التقدّم ولو بخطوة واحدة نحو انفراج يحقّقه الحلّ السياسي من خلال رؤية واضحة للوصول إلى تحقيق أهداف الثورة بانتقال السلطة بكامل صلاحياتها إلى هيئة حاكمة انتقالية تنهي الأسد ومنظومته الأمنيّة. وأمام عقبات وشكوك حول أداء المجتمع الدولي قبل انعقاد المؤتمر، وافق الائتلاف الوطني بعد مخاض عسير على الذهاب إلى “جنيف ٢” على أساس التوافق الأمريكي الروسي ودعم المجتمع الدولي وتأييده مطالب المعارضة بوجوب تلبية المطالب الإنسانية التي توفّر المناخ السياسي المناسب قبل بدء المفاوضات.

لقد جاء موقفنا الرافض للذهاب إلى “جنيف 2” أمام مراوغة النظام، وتخاذل الدولتين الراعيتين والأمم المتحدة عن القيام بواجباتهم الدولية والإنسانية تجاه جرائم الحرب والجرائم ضدّ الإنسانية، وإرغام النظام على وقف القصف الجوي والبراميل المتفجرة، والإفراج عن معتقلي الهولوكوست السوري وفكّ الحصار وتوفير الممرات الآمنة وتقديم الإغاثة إلى المناطق المحاصرة والمنكوبة في الأرض السورية.

وخلال عشرة أيام عجاف، أثبتت مجريات المؤتمر خطر الدخول في مفاوضات لا يتمّ توفير الضمانات اللازمة لها وتوفير المناخ السياسي اللازم لنجاحها، وما ينجم عن كل ذلك من الدخول في مسلسل طويل لمفاوضات عبثية لن تفضي إلى التوصّل إلى حلّ متوازن يحقق أهداف الثورة.

إنّ القفز على الفشل الذريع في “جنيف ٢” المتمثّل في عدم الوصول إلى نتائج وترحيل جميع الملفات إلى الجلسة القادمة للمفاوضات، ثم اعتبار ذلك الفشل إنجازاً لمجرّد جلوس الطرفين في غرفة واحدة، واعتبار الحديث العدمي حول الهيئة الحاكمة الانتقالية اعترافاً من وفد النظام بنهاية الأسد، تنكّب للحقيقة والواقع وأوهام لا تليق بتوقعات الشعب السوري من هذه المفاوضات، في الوقت الذي لم يتوقف فيه شلال دماء شهداء الثورة الذين كان آخرهم مئات الشهداء، سقطوا أثناء انعقاد “جنيف ٢” أمام صمت العالم عن هذه الجرائم.

لقد بات واضحاً أنّ الاستمرار في مفاوضات عدمية ظهرت فيها مراوغة النظام وصمت الأمم المتحدة عن إعلان تسبّب النظام في فشل المفاوضات، وقبول تجزئة المطالب المحقة للشعب السوري، وتقزيم الهدف الرئيسي من المفاوضات سيؤدي إلى نفس الفشل الذي ميّز “جنيف ٢”.

ذلك أنّ استمرار العملية السياسية بهذه الصورة العبثية، واستمرار المؤسسة الدولية في عدم التعامل بشكل حاسم مع كذب النظام ومراوغاته وإصراره على عدم الاستجابة للأسس التي قام عليها المؤتمر، أعطى النظام فرصة لارتكاب المزيد من جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية، فتضاعفت تلك الجرائم أثناء المؤتمر، ومازالت براميل الموت تمطر المدنيين العزّل على مدار الساعة في كل الأرض السورية.

إنّ نجاح العملية التفاوضية وتجاوب الثوار مع نتائجها في الجولة القادمة في العاشر من شهر شباط فبراير يقتضي أن تقوم المؤسسة الدولية بخطوات عملية وفورية تتمثل في:

• وقف القصف الجوي ووقف إلقاء البراميل المتفجرة.

• الإفراج عن معتقلي الثورة بدءاً بالنساء والأطفال.

• فكّ الحصار عن جميع المدن والقرى المحاصرة.

• إقامة ممرات آمنة وإيصال المساعدات الطبية والإنسانية إلى المحتاجين.

لابد للأمم المتحدة من القيام بخطوات عملية توقف عبثية النظام، وتمنعه من متابعة سياسة المراوغة وشراء الوقت، وتلزمه بالأسس التي قام عليها المؤتمر بتنفيذ بيان “جنيف ١”، وتفعيل المادة ٢١ من القرار ٢١١٨ بحسب الفصل السابع بسبب عدم تنفيذه للقرار الأممي.

لقد أثبت النظام بتهرّبه وإصراره على المراوغة من جديد أنّه لن يتزحزح عن موقفه، وأنّ الجولة القادمة لن تكون أفضل حالاً من سابقتها.

لقد اختصر النظام على الجميع الطريق بمراوغته، فأعلن قبل أيام من دمشق رفضه لـ”جنيف ١” كأساس لـ”جنيف ٢” بحجّة تغيّر الظروف عن تلك التي قام عليها مؤتمر “جنيف ١”، ثم أكّد من جديد قبيل اختتام أعمال مؤتمر “جنيف ٢” امتناعه عن تقديم أيّة تنازلات في المفاوضات، وعدم رغبته بالتعاون مع جهود المؤسسة الدولية.

لابدّ من وقفة حاسمة تعيد الأمور إلى نصابها، وتوقف الجريمة، وتنهي معاناة المدنيين العزّل أمام بطش النظام..

دعوة لعملية سياسية ناجحة توقف القتل وتنقذ الأبرياء.

٢ شباط ٢٠١٤م

حسان الهاشمي

رئيس المكتب السياسي لجماعة الإخوان المسلمين في سورية

اترك تعليقًا