بسم الله الرّحمن الرّحيم
جمهورية المالديف : الدستور الإسلامي والإختراق الصهيوني .
عبد الحميد بن سالم
-كلمة الأستاذ عبد الحميد بن سالم في” مؤتمر اسطنبول من أجل المالديف” بجامعة مرمرة -تركيا
جمهورية المالديف عبارة عن جزرمتناثرة بين ماليزيا والهند ، لا تكاد تعثر عليها لصغرها ، ويبلغ عددها 1190جزيرة منها 197 مأهولة بالسكان وأكبر جزرها لا يتجاوز 12كم وعرضها 5كم ويبلغ عدد سكانها 360 ألف نسمة . لا تكاد تصدق أن هذه الجمهورية التي أخذت استقلالها من الإنتداب البريطاني سنة 1960م ،أن لها دستور إسلامي وأن شعبها كله مسلم ، ولا تعطى فيها الجنسية المالديفية لغير المسلمين ،وتنص قوانينها على أن جميع المواطنين يجب يكونوا مسلمين ، وأنه لا يطبق أي قانون ضد مبادئ الإسلام ولا يسمح ببناء الكنائس وبيع الخمورللمالديفيين ، رغم أن المالديف بلد سياحي بامتياز لما فيه من مناظر خلابة وجزر بها طبقات مرجانية نادرة ، وصفها الرحالة ابن بطوطة أنها آية في الجمال ووصفها الكتاب أنها ” جنة الله في أرضه ” يأتيها السواح من كل مكان خاصة الأوربيون والصينيون والخليجيون . وأهل المالديف يتبعون المذهب الشافعي،ويشترط في رئيس الجمهورية أن يكون مسلما سنيا ، ومساجدهم مليئة بالمصليين ونسبة المحجبات يبلغ 95بالمائة . ويمنع فيها فتح المطاعم نهارا في رمضان ويرجع الفضل في دخول الإسلام إلى المالديف إلى الحافظ أبو البركات يوسف البربري ” الجزائري ” قبل تسعة قرون في 1153م ، ومنذ ذلك الحين وأهل المالديف يبذلون قصارى جهودهم للحفاظ على إسلامهم وعاداتهم ، وعلى بناء الإنسان على عقيدة الإيمان وتربيته على فعل الخير في مختلف مناح الحياة ، وقد وصفهم ابن بطوطة في عدلهم وبعض اعتقادهم أن دعاءهم مستجاب بقوله ” فلا تطرقهم لصوص الهند ولا تذعرهم ، لأنهم جربو أن من أخذ منهم شيئا أصابته مصيبة عاجلة ، وإذا جاءت سفن العدو إلى ناحيتهم لم يعرضوا إلى أحد منهم بسوء ، وإن أخذ أحد منهم شيئا ولو ليمونة ، عاقبهم أميرهم وضربه ضربا مبرحا خوفا من عاقبة ذلك ، ولولا لطف الله بهم لأصبحوا هدفا للأعداء ولما استطاعوا مواجهتهم .” لكن تفرد أهل المالديف بالدين الإسلامي وتعصبهم بشكل قاطع لتعاليمه جعلهم عرضة لأهل التبشير وهدفا للإختراق الصهيوني وأعداء الإسلام ، بحيث لا تغمض لهم جفن ولا تنام لهم عين حتى يتمكنوا من اختراق هذه القلعة الإسلامية الحصينة . واستطاع عملاء الغرب في خدعة وحيلة منهم وغفلة من الشعب المسلم أن يصلو إلى سدة الحكم ، وعندما وصل محمد نشيد الى رئاسة الجمهورية ، وهو خريج الجامعة البريطانية والقريب من حزب المحافظين ومستشاره المسيحي البريطاني ، حرص على إزالة كافة المظاهر الإسلامية وترسيم العلاقة مع الكيان الصهيوني بعد أن كان سلفه مأمون عبد القيوم قد قطع كافة هذه العلاقات ، وعقد نشيد اتفاقا مع الكيان الصهيوني على تدريس الهولوكوست في المدارس وإنشاء خط جوي مباشر مع تل أبيب ، واتفق معهم على السماح ببيع الخمور في الأماكن الآهلة بالسكان .
وحطت أول طائرة إسرائلية في مطار الجمهورية لكنها كانت الأخيرة بعد أن لاقت رفضا شعبيا قاطعا . لكن تيارا إسلاميا قويا وعى هذه المؤامرة ، ونظم نفسه في حزب العدالة المالديفي تحت رئاسة الأستاذ عبد الله عمران ، وقام بمظاهرات خرج لها 30 ألف مواطن ما يعادل ثلث سكان العاصمة ” مالي ” وتم القبض على رئيس الحزب ثم يفرج عنه من قبل القاضي العادل لعدم ثبوت الأدلة ثم يقبض عليه ثانية وثالثة ويفرج عنه لنفس السبب ، فيأمر رئيس الدولة بالقبض على القاضي ويوضع في مكان مجهول ، فتخرج الجماهير مرة أخرى وتعتصم لمدة 21 يوم وأمرالرئيس الشرطة بتفرقة المتظاهرين واستعمال الرصاص المطاطي ، فترفض الشرطة تنفيذ الأمر ، فيأمر الجيش أن يلقي القبض على الشرطة ولم ينفذ الجيش أوامر الرئيس ، وتحتدم الأزمة ويجتمع الرئيس مع الجيش والشرطة فيرغموه على الإستقالة، فيكتب الرئيس خطاب الإستقالة ويتلوه على الشعب ، لكنه وبعد 24 ساعة يعود في كلامه ويصرح بأنه قدمها تحت الإجبار ، لكن نائبه قد تولى مهام الرئاسة ،وبدأ يشتغل كان هذا في ماي 2012م . و”حزب العدالة” المالديفي وهو حزب إسلامي ويحتل المرتبة الثالثة ، أنشئ سنة 2005 م بعد فتح التعددية السياسية في 2003م ،ويأتي بعد “الحزب الديموقراطي” برئاسة محمد نشيد وهو حزب ذو توجه علماني ليبرالي ، و”الحزب المتقدم “برئاسة مأمون عبد القيوم وأخوه مأمون هو الذي يرأس البلاد حاليا وهوذو توجه وطني ، وقد شكل حكومته بتحالف مع كل من حزب العدالة الإسلامي و”الحزب الجمهوري ” الذي يحتل المرتبة الرابعة برئاسة قاسم ابراهيم ، وهو حزب موسمي ينتهي نشاطه بانتهاء الإنتخابات ، ويعمل حزب العدالة على نشر الدين الإسلامي والحفاظ على هوية الدولة ودستورها ويسعى لتطبيق الشريعة الإسلامية ، وطلائعهم من الذين تلقوا تعليمهم في السعودية والباكستان وماليزيا ، ويجمعون في حزبهم كل التيارات الإخوانية والسلفية المعتدلة والصوفية الصحيحة ، وكانت لهم أول مشاركة مع الحركات الإسلامية في المؤتمر الذي دعى له مركز العلاقات التركية العربية تحت عنوان ” مؤتمر اسطنبول من أجل المالديف “واحتضنته جامعة مرمرة ، شارك فيه رئيس حزب العدالة المالديف والنلطق الرسمي للحزب ونائب وزير الإقتصاد ، وشارك وفد حركة البناء الوطني من الجزائر، وشارك من مصر الوزير صلاح عبد المقصود ومن فلسطين الشيخ نعيم عبد الغني ، ووفد هام من حزب العدالة والتنمية التركي ، وحركة النهضة التونسية ، وقد سر وفد حزب العدالة بأول مشاركة لهم مع الحركات الإسلامية ، واكتشفوا كثيرا من التجارب الحية في مجال العمل الدعوي والمنافسة السياسية والتنمية الإقتصادية وقدمت عدة عروض
للتعاون المشترك وتقديم يد العون لهذ البلد الإسلامي وتشجيع السياحة الإسلامية النظيفة ، والعمل الجمعوي ، وهم مقبلون في شهر أفريل القادم على انتخابات برلمانية ، وسيخوضونها من أجل ضمان مقاعد في البرلمان للحفاظ
على الدستور الإسلامي الذي تسعى الأحزاب الكبيرة الاخرى الى تغييره وعلمنة الدولة بدعم من الكيان الصهيوني ومراكز التبشير الغربي ، وهم يتطلعون الى العون والسند من العالم الإسلامي لحماية هذا الشعب المسلم . قال رسول الله صلى الله عليه وسلم « إِنَّ اللَّهَ زَوَى لِىَ الأَرْضَ فَرَأَيْتُ مَشَارِقَهَا وَمَغَارِبَهَا وَإِنَّ أُمَّتِى سَيَبْلُغُ مُلْكُهَا مَا زُوِىَ لِى مِنْهَا وَأُعْطِيتُ الْكَنْزَيْنِ
الأَحْمَرَ وَالأَبْيَضَ ….)