المرحلة الانتقالية وخارطة الطريق


المرحلة الانتقالية وخارطة الطريق 

بسم الله الرحمن الرحيم
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه

كان لكل مرحلة ضروفها و شروطها واحتياجاتها و لكل شروط و احتياجات رجال مرحلة 
فإذا استثنينا رئيس التحرر المرحوم أحمد بن بلة والانقلاب عليه ( سنة 1965 ) من طرف الرئيس بومدين رحمه الله 
فإن كل رؤساء الجزائر المستقلة المتعاقبين على دفة الحكم من الثمانينيات الى الآن كانوا يقودون مرحلة انتقالية و يستجيبوا لشروط خارطة طريق لتسيير تلك المرحلة .

بالرغم من ان بومدين قبل وفاته أنجز دستوراً سنة 1976 كُتِبَتْ مواده استِناداً لمرجعية الميثاق الوطني ( المصادق عليه في جوان 1976 ) ، إلا أن الجماعة حاولت إيهام الرأي العام بالانتقال من حكم الفرد متمثلاً في مجلس قيادة الثورة الى حكم المؤسسات المتمثل في الفصل بين السلطات الثلاث .
فكان حزب جبهة التحرير الوطني هو الحزب الواحد والوحيد لقيادة الجزائر ، بمعنى أنه الممثل الوحيد لتاريخ البلد، ورمز الشعب الجزائري و ظهرت العقيدة في الميثاق الجديد كأساس، تأكيدا على الاشتراكية، والحكم الفردي .
فكرس دستور 1976صراحة حكم الفرد ووطده في تعيين بومدين رئيسا للجمهورية والحكومة، قائداً أعلى للقوات المسلحة، ووزيراً للدفاع، و الزعيم الأوحد للحزب .
فطبيعي بعد وفاته ( ديسمبر 1978 رحمه الله ) ان يترك خلفه فراغاً مهولاً و أن يحْتَدِم الصراع على خلافته بين تيارين في الحزب تمثَّلَ على الأقل في شخصيتين :
واحدة ثوابتية تميل لعقيدة الحزب واستمرار للنهج البومديني يمثلها العقيد محمد الصالح يحياوي عضو مجلس قيادة الثورة ينحدر من الشرق الجزائري .
والشخصية الثانية وزير الخارجية في حينها عبدالعزيز بوتفليقة هو كذلك عضو مجلس قيادة الثورة شخصية انفتاحية او أرستقراطية عاش حياة الصالونات كممثل للسياسة الخارجية و ينحدر من الغرب الجزائري . 
فكان طبيعي جداً طبقاً لقواعد اللعبة ان تتدخل المؤسسة العسكرية ( الجماعة ) او بتعبير أدق مؤسسة الاستخبارات ( بقيادة المرحوم قاصدي مرباح ) كمؤسسة تسهر على التوافقات و بيدها الملفات التي تخولها تقدير الموقف ، وترجيح الرأي ، والتقريب بين وجهات النظر المختلفة ،
فهي لم تزكي اي من الشخصيتين المتنافستين لقناعتها في حينها أنه لا يمكن للبلد ان يستمر في النهج العقدي وخاصة النهج الاشتراكي كما في الميثاق الوطني ( والذي يمثله يحياوي ) ،
كما انه لا يمكن ان يجازف باختيار نموذج اقتصادي ليبرالي تدخل فيه البلد إنفتاحاً كبيراً يُتَخلَّى فيه عن الدولة الاجتماعية ( وكان يمثله بوتفليقة ) ،
فإستقرَّ الرأي عندها بأننا بحاجة لمرحلة انتقالية :
تقودها شخصية وسطية بين هذا وذاك فوقع الاختيار على المرحوم الشاذلي بن جديد ليقود هذه المرحلة ويستجيب لشروطها بحيث تتخلى فيها الدولة على القبضة البوليسية ويصل في نهاية عهدته لانفتاح متدرج في الاقتصاد ، وفي السياسة ، وفي الاجتماع ، و يوفر حكمه بعض الحريات الشخصية والجماعية ( بغض النظر عن ما قيل حينها بإختيار شخصية ضعيفة تستجيب لرغبة مرباح بعد فترة بإزاحة الشاذلي لتولي مكانه ) وهو ما تحقق جزئياً بحيث تم إطلاق سراح المعارضين و كذا المعتقلين السياسيين من الرئيس احمد بلة رحمه الله الى الشيخ محفوظ و بوسليماني رحمهما الله و مصطفى بلمهدي أطال الله في عمره و غيرهم من الحساسيات المختلفة بما فيها المعارضة الإثنية او ما سُمّي بدعاة الربيع الامازيغي،
كما تمَّ التراجع عن العقيدة الاشتراكية كنهج اقتصادي و إعادة هيكلة الاقتصاد وبداية الانفتاح الاقتصادي والتحرير الجزئي للسوق والتخلي التدريجي عن الدعم والتخلي النهائي عن الثورة الزراعية ، والتأسيس لسياسة المنابر داخل الحزب ، فظهرت الحساسيات المختلفة تحت خيمة الحزب الواحد من أقصى اليمين ( الحساسية الإسلامية ) الى أقصى اليسار ( الحساسية الشيوعية ) . 
و كان واضحاً بان المرحلة تبلغ التشبع بفترتين رئاسيتين ( عشر سنوات ) ليس أكثر . إلا أن رغبة الزمرة المحيطة بالرئيس والمستفيدة من الريع لم تراعي هذه السنن الكونية .
فانفجر الوضع ووقعت انتفاضة أكتوبر 1988 او ربيع الجزائر متزامناً ومحاكياً لسقوط الكتلة الشرقية او المعسكر الاشتراكي ، ان هذا الحراك الشعبي كان يمكن ان يكون فرصة مواتية لانسحاب الرئيس وتغيير واجهة الحزب والمحافظة على النظام و تجنيب البلد الهزات اللاحقة ، إلا ان الرغبة في البقاء تركت الزمرة تمشي بعيداً بالهروب بالمشكلة في انفتاح اقتصادي وسياسي و اجتماعي كبيرين وغير متدرجين دون سابق دراسة ولا توقعات فحدث ما حدث لاحقاً .
وجاء دستور سنة 1989 ليؤسس للحرية السياسية والتخلي نهائياً عن قبضة الحزب الواحد ، ودخلت البلاد التعددية الحزبية . وجاءت أزمة إلغاء المسار الانتخابي سنة 1992 واجهاض أول تجربة ديمقراطية ناشئة رغم تشوهها أصبح في نظر الجماعة ( المؤسسة العسكرية ) أن الوطن في حاجة لمرحلة انتقالية جديدة فبان لهم اختراع سمِّي المجلس الأعلى للدولة كقيادة جماعية تعوض منصب رئيس الجمهورية ، فأٌسْتٌنْجِدَ فيها بالتاريخ بإسْتِقْدام أحد الشباب الستة الذين فجروا ثورة التحرير المباركة ( سنة 1954 ) وهو محمد بوضياف رحمه الله يستجيب في نظرهم لشروط المرحلة كونه ، رجل نظيف ، عاش بعيداً عن الصراعات والتآكلات بين جيل الثورة ،كان يقيم بالمغرب وتربطه علاقة خاصة بالعرش المغربي ، يُجَنِّدَ لهم ما بقي من مجاهدين وعائلة ثورية و كذا من تُجنِّدُهم الشعارات الوطنية و تعيينه من شأنه ان يرسل الإشارات الإيجابية للعرش المغربي فيؤمن أختياره هدوءاً ولو محدوداً للحدود الغربية والتي دوماً كانت دائماً موضع قلق للمؤسسة . وهو ما نجحت فيه الجماعة نسبياً فحقق لهم مصادقة البرلمان المغربي على اتفاقية الحدود دون نشرها في الجريدة الرسمية لحد الآن ، إلا ان التجاوز للخطوط الحمراء !! ، ومحاولته القيادة منفرداً و التغلغل العلماني وتحكمه في تسيير مؤسسات الدولة و الاختراق الأمني كلها عوامل تظافرت ليدفع ثمنه بوضياف باغتياله بعد فترة وجيزة من تسلمه الحكم ( 166 يوم ) نفذه عليه الضابط مبارك بومعرافي ( وحكم عليه بالإعدام و لم ينفذ عليه لحد الآن ) .
إن هذه الفجوة و الثغرة ألامنية الكبيرة والفراغ القيادي كان يُفْترضُ على الجماعة التصدي له و تولي الحكم مباشرة غيرَ ان الشجاعة لم تكن لديهم كافية لإتخاذ هكذا قرار،
فوقع الاختيار على علي كافي رئيساً للمجلس خلفاً لبوضياف طبعاً بنفس التشكيلة مع إضافة رضا مالك مع عضوية وزير الدفاع خالد نزار قبل تعويضه في منصب الوزير بالجنرال زروال لاحقاً .
من الموضوعية ان لا نغفل مبادرة مجموعة السبعة للمصالحة الوطنية بتاريخ 25 جوان 1992 التي قادها الشيخ محفوظ نحناح مع إخوانه أحمد بن بلة – سليمان عميرات – قاصدي مرباح – الشيخ عبدالله جاب الله – نورالدين بوكروح – حميدي خوجة . و بصم السلطة اذانها وعدم استجابتها والتفاعل مع المبادرة و تفضيلهم الحل الحسم العسكري على الحل السياسي . بلغ الإرهاب ذروته فالبلد اصبح شبه مُتَفكّْك يعصف به الإرهاب و ليُدْرِكَ القارئ حجم الإرهاب فإنه من اصل 57 بلدية في محافظة الجزائر الكبرى هناك شبه بسط لسلطة الدولة و توفير الحماية الأمنية في حوالي 10 بلديات فقط و باقي البلدية تعيش الفلتان و تغرق في الفوضى .
إلا إن هذا النموذج لتسيير الدولة و القيادة الجماعية دون تحديد مسؤوليات مباشرة لم يطُلْ كثيراً لتباين الآراء وغياب طريقة للحسم و عدم وضوح آلية اتخاذ القرار وانتهاء فترة المجلس رغم التمديد له .
هذا النمط لتسيير الدولة عُوِّضَ بمرحلة انتقالية جديدة فترتها ثلاث سنوات أسَّسَتْ لها ندوة الوفاق الوطني سنة 1994 بمجلس وطني انتقالي ( يمثل الجهة التشريعية ) ورئيس دولة يعوض مكان رئيس الجمهورية . 
وكان واضحاً ان خارطة الطريق التي رسمتها الجماعة ( المؤسسة العسكرية ) :
– العودة للمسار الانتخابي بعد ثلاث سنوات ( بما يتماشى ورؤية تسيير الدولة وفقاً للنظرة الاستشرافية التي وضعها مجموعة من المنظرين والتي سمُِّّوها في حينِها بتقرير لجنة الخبراء سنة 1994 الدكتور الجيلالي اليابس ورفاقه ) .
– إنجاز دستور يستجيب لتوصيات لجنة الخبراء ويراعي ظروف الأزمة . 
– بدء التفكير في مرحلة تواصل بين أطراف الأزمة لنبذ العنف كمرحلة تسبق تدابير للرحمة و نوع من المصالحة .
– التصدي للإرهاب الاعمى او ما سمَّاه البعض بالحرب الأهلية .
– إعادة ترتيب البيت الداخلي ولملمة الوطنيين لقيادة تحالف واسع لإفتكاك زمام المبادرة .
– تحسين صورة الجزائر الخارجية و شرح مواقفها في المحافل الدولية وكذا قراراتها وما تتعرض له من استهداف إرهابي همجي . 
– الإشراف على مفاوضات مع صندوق النقد الدولي لإعادة جدولة الديون ( إذ ان الجزائر كانت عاجزة عن تسديد خدمات الدين العام ) .
– تأسيس قاعدة تكوِّنُ نواةً تحالفية لممارسة الحكم تتشكل من العائلات الكبرى ( الاسلامية – الوطنية – الديمقراطية – حساسية أمازيغية ) .
– الوقوف مع شعب البوليزاريو بالصحراوء الغربية وتحقيق مبدأ تقرير المصير وفقاً للشرعية الدولية .
عدم التفريط في الحقوق العربية وعلى رأسها القضية الفلسطينية .
فوقع الاختيار من طرف الجماعة على شخص عبدالعزيز بوتفليقة ليُنفِّذَ بنود خارطة الطريق وتمَّ الاتفاق معه على قيادة هذه المرحلة وبتلك الشروط .
إلا ان إنسحابه المفاجئ دون سابق اتفاق ليلة ندوة الوفاق الوطني ( والذي سمَّاه خصومه هروباً ) ، وقعَ الاختيار لملأ هذا الفراغ المفاجئ على الجنرال اليامين زروال وزير الدفاع في حينها .
وهو ما باشره الرجل بزهدٍ كبير في المسؤولية و شجاعة قلب الأسد في قيادة أخطر مرحلة تعيشها الجزائر فبدأ بتنفيذ خارطة الطريق خاصة وانه هو من نزل لزنزانات السجن ليحاور قيادة الجبهة الإسلامية للإنقاذ ( الدكتور عباسي مدني والشيخ علي بلحاج أطال الله في عمره ) قبل فترة وجيزة ، ثم أنجز قانون الرحمة ، و قوانين التكفل بضحايا المأساة الوطنية ( لعدم التفريق بين ابن الإرهابي او ابن ضحايا الإرهاب المعنى الذي ادخله الشيخ نحناح ) و نظَّمَ انتخابات رئاسية مسبقة سنة 1995 اي سنتين قبل انتهاء فترته الانتقالية ، و تلاها انتخابات برلمانية و انتخابات محلية ( ولائية وبلدية ) . وبذلك يكون الرئيس أكمل َ مسار بناء المؤسسات رغم التزوير والتلاعب بنتائجها إلا أنه حقق و لأول مرة في تاريخ الجزائر إئتلافاً حكومياً ( إسلامي وطني ديمقراطي ) وأنجز الجيش ( او دائرة الاستخبارات ) في نهاية سنة 1996 اتفاق امني مع كُبْرى الفصائل المسلحة التي تقاوم النظام لتوقيف عمليات القتال وهو ما جنب البلاد هجمات الآلاف من هذه الفصائل على أهداف وطنية وزهق آلاف الأرواح و هتك مئات الأعراض الخ …. ( للأمانة اول من نادى بضرورة التحاور مع المسلحين هو الشيخ نحناح بداية سنة 1996 و هو ما لاقى رد عنيف من أغلب المتنفذين وكذا النخب المهيكلة مع السلطة مما اضطر رئيس الحكومة أحمد اويحي في حينها امام البرلمان ليرد ويرفض هذا المطلب والمسعى او المبادرة التي أطلقها الشيخ نحناح ) . 
و تم إبرام اتفاق مع صندوق النقد الدولي مع الاستجابة لبنود شروطه والذي من بينها إعادة هيكلة الاقتصادي وخاصة التركة الصناعية ، وفتح السوق المالية ، وخصخصة المؤسسات فتسبب ذلك في حل كثير من المؤسسات وتسريح عدد معتبر من العمال ( وتحمله زروال بشجاعة ) ، و تحرير الأسعار وتخلي الدولة على سياسة الدعم اللهم إلا قليل جداً من المواد ( كالدقيق والحليب مثلاً ) ، وإذا افترضنا صِدْق من قال بان بوتفليقة هرب سنة 1994 من تولي مقاليد الأمور فَعِلْمِه بهذه الصعوبات وببنود خارطة الطريق هو من تركه ينسحب ليقينه بعدم قدرته على تسيير مثل هذه الملفات او النجاح فيها فانسحب ليدَّخِر ضربة حظ لمرحلة أخرى .
إذن إستلم زروال المسؤولية والبلد في حالة تشويه لصورته ، و في حالة حصار خارجي او على الأقل برودة ديبلوماسية من كثير من الدول ، وفقدَ البلد كل مواقعه الإقليمية والدولية تقريباً وقلَّ ما تجد دعم للجزائر في اي محفل خارجي او حتى تفهُّمْ لموقفها حتى من الأشقاء اللهم إلا القليل نذكر منها على سبيل المثال تونس و الاردن و قطر ( و قد ساهمت هذه الأخيرة بتزويد الجيش الجزائري ببعض المعدات لمكافحة الإرهاب مما كان الرد سريعاً من المغرب بسحب سفيره من الدوحة وأُعْتُبِرَ موقفها عدائياً بالنسبة للمغرب ) وباقي الأشقاء كانوا يتوزعوا بين المتفرج والمستشفي و الداعم للإرهاب او الراعي له ، و بلغ الإرهاب ذروته منتصف التسعينات وبتنفيذ الانتخابات الرئاسية سنة 1995 بدأ بالإنحدار و بدأت معه الجزائر تسترجع بعض مواقعها الإقليمية والدولية . ورغم الصعوبات إلا إنه تمَّ تسجيل عدة إنجازات كما يجب ان لا نتناسى بعض السلبيات لحكم الرئيس زروال نذكر منها :
– عسْكَرة الحياة العامة . 
– طغيان الادارة وإسْتحواذها على الوظائف السياسية و توليها تسيير الشأن العام . 
– إفساد الخارطة السياسية بإنتاج حزب للإدارة إسْتَحْوذ بمجرد تأسيسه على المرتبة الأولى في إنتخابات 1997 ( البرلمانية و كذا المحلية )
– تشويه الفعل الانتخابي بسرقة أصوات الشعب والتلاعب بها . 
و كانت الفترة المتوقعة لحكم زروال وأخذ المرحلة مداها وتنفيذ بنود خارطة الطريق تقدر بحوالي 8 سنوات ( 3 الانتقالية و 5 دستورية انتخابية ) اي تنتهي سنة 2002 ، إلا أن انكسار وإنْحَسارَ الإرهاب و العنف والعنف المضاد وبزوغ النور و رجوع البسمة والأمل للجزائريين وبداية خروج الجزائر من أزمتها ، كلها عوامل عندما تظافرت مع زهد اليمين زروال بالبقى في الحكم كان واضحاً ان الرجل سينسحب مرتاح الضمير ، فهو يرى بأنه وفَّى بوعده مع رفقاء السلاح وانه تمَّ تنفيذ بنود خارطة الطريق .
ان الاختلاف مع المؤسسة العسكرية حول تقنين قانون الوئام الوطني الذي ابرمته مؤسسة الاستخبارات بتزكية تامة من قيادة الجماعة ( المؤسسة العسكرية ) في إعتقادي أعطاه مبرر بتقليص فترته الرئاسية وكان ذاك هو السبب المباشر ( دون ان نغفل عامل آخر ولو انه لم يكن اساسياً وهو بقاء منصب رئيس التجمع الوطني الديمقراطي شاغراً والتخوف مِنْ توليه من طرف الجنرال محمد بتشين و ترشحه به لمنصب رئاسة الجمهورية ) .
بحيث أقدم زروال على تحرير استقالته في خريف سنة 1998 ، وامام إلتماسات رفقاء السلاح و رغبتهم في استمراره في الحكم وبين إصراره على الاستقالة والانسحاب ، تمَّ اختراع رأي وسط بين تحقيق رغبته ورغبة الجماعة بان يؤجل الاستقالة بحوالي سبعة الى ثمانية اشهر اي إلى ربيع السنة المقبلة ويدعو لانتخابات رئاسية مسبقة تُجْرى في أبريل سنة 1999 . 
وكان هناك عاملين أساسين تركه ينفذ لهم هذه الرغبة :
أولا ً : 
– أعطاؤهم فترة كافية لترتيب عملية انتقال الحكم وإيجاد البديل لينسحب هو نهائياً فارحاً و مبتهجاً . 
و الثاني : 
كانت رغبة الجماعة أن يبدأ الرئيس الجديد فترته الرئاسية بورقة تمكنه من الانطلاق للعلاقات الخارجية ( وهي التحرك باسم القارة الأفريقية بمناسبة انعقاد القمة في جويلية 1999 ) .
إن الفترة والتي منحها الرئيس زروال لرفاقه لتقدير الموقف وإيجاد البديل المناسب كان واضحاً ان بنود خارطة الطريق لمن يترشح لخلافته ان يكون جاهزاً للإستجابة للموافقة على : 
– تقنين بنود قانون الوئام الوطني وبه يحصل النزول النهائي للمسلحين من الجبال ( إلا ما شذَّ عن ذلك من أفراد الجماعة الاسلامية المسلحة والجماعة السلفية للدعوة والقتال( و أفرادها التحقوا بالقاعدة لاحقاً ) و أعدادهما قليلة جداً مقارنة بالآلاف الذين شملهم القانون ) .
– معالجة ملف ضحايا المأساة الوطنية وتضميد الجراح والتسامي فوقها .
– الانسحاب الآمن للجيش من المشهد وتصدي السياسيين للشأن العام .
– استغلال ترأس الجزائر للقمة الافريقية ليكون مفتاحاً للعودة النهائية لأداء البلاد أدوارها الإقليمية والدولية واسترجاع مكانتها بين الامم .
– تسديد ديون الجزائر الخارجية والوفاء بالتزاماتها مع المؤسسات الدائنة . 
– مواصلة التحرير الكلي للاقتصاد مع حرص الدولة بالتكفل الاجتماعي للمواطنين .
– دفع وتيرة التنمية الاقتصادية و تنويع مصادر الدخل من العملة الصعبة و جلب الاستثمارات الخارجية والاكتفاء الذاتي بما يضمن استقلالية القرار الوطني .
– ترقية الائتلاف الحكومي لتحالف وطني مع توسيع قاعدة الحكم . 
– تقوية المؤسسات الدستورية والفصل الفعلي بين السلطات .
– غلق ملف الصحراء الغربية بتحقيق آمال الشعب الصحراوي بتطبيق مبدأ تقرير المصير طبقاً للقرارات الاممية و وفقاً للشرعية الدولية ، وأن التخلي عنه يتنافى ومبادئ والتزامات الجزائر كما أنه يُخِلُّ بالعقيدة العسكرية ويهدد الامن القومي للأمة الجزائرية .
– إعتبار القضية الفلسطينية استمرار للنضال الجزائري من أجل التحرر و التضامن الكامل مع الأشقاء في إسترداد كامل حقوقهم الترابية في صراعهم مع الكيان الغاصب .
– رفض التدخل في شؤون الغير تحت اي مبررٍ كان .
فَرُشِّحتْ في حينها قائمة لخلافة الرئيس زروال من أحد عشر شخصية بدءاً بأحمد اويحي و الشريف رحماني مروراً بحمروش و الإبراهيمي وبوتفليقة وانتهاءا بالخطيب . وأكيد حينها مؤسسات الدولة المخولة عادة بتقدير الموقف تحركت لصبر الآراء وتقريب وجهات النظر واتخاذ القرار النهائي في المسألة . إلا انه يجب التنويه إلى انه كان هناك عاملين أحدهما داخلي والآخر خارجي ساهما في ترجيح كفة بوتفليقة ،
الداخلي تمثل في حنكة المرحوم العربي بلخير وقوة تأثيره باقناع افراد الجماعة بعبد العزيز بوتفليقة ليقبلوا له تبرير عملية انسحابه ( هروبه في نظر خصومه ) سنة 1994 عندما كانت الجزائر بحاجة فعلية له .
والخارجي ( خارج اطار الجماعة الحاكمة ) تمثل في رأي الشيخ محفوظ نحناح رحمه الله وكان هو المرجح القوي في اختيار بوتفليقة مرشحاً ( أسباب هذا الترجيح قد تكون هناك فرصة أخرى لشرحها ) .
ووافق بوتفليقة مبتهجاً على استلام مقاليد الحكم بعد عشرين سنة من الحرص عليه . وشرطه الوحيد ان تكون نتيجة التصويت عليه أكبر من نتيجة التصويت على اليامين زروال سنة 1995 ( لأنه كان يرى نفسه أعلى واكبر وافضل من زروال ولذلك نسبة نجاحه يجب ان تعلن أكثر مما أعطيت لزروال !!!! ) وكان له ذلك بنسبة فوز 73,79 % مقارنة بالرئيس زروال فاز بنسبة 61% .
ولذلك عندما ساند الشيخ محفوظ قرار ترشيح بوتفليقة وادرك المنافسون الستة له بان اللعبة الانتخابية قد غُلِقت فإنسحبوا من السباق الرئاسي فأُصِيب الرجل بذهول و إنهزامية وكاد ان يهرب مثل عمل في سنة 1994 ( على رأي خصومه ) إلا ان معالجات عاجلة تمت في تلك الليلة هدأت من روعه و ثبتته وتركته يواصل منافسة نفسه ( لعلي اذكرها في مقال لاحق ) 
وإستلم الرئيس بوتفليقة الحكم : 
– بوثبة وطنية عالية ،
– و بإقتصاد تم تطهيره بشكلٍ شبه كلي ،
– وبلحمة مجتمعية هامة يمكن ان يبنى عليها ،
– و بأمنٍ مستتب لحدٍ كبير بعد انكسار شوكة الإرهاب ،
– وبقاعدة حكم كبيرة وواسعة جزء منها موروث من الائتلاف الحكومي قناعة بين أطرافه التي تُشكِّلُه والباقي ساهمت في تشكله الظروف او في تجنيده الجماعة هذه القاعدة هي : ( جبهة التحرير الوطني – حمس – التجمع الوطني الديمقراطي – التجمع من اجل الثقافة والديمقراطية – حركة النهضة ) زيادة على المنظمات الكبرى والنقابات و مؤسسات المجتمع المدني ، 
– و مفتاح رجوع الجزائر لمحيطها الإقليمي والجهوي والدولي ( أهدوه ترأس قمة الوحدة الأفريقية بالجزائر شهر جويلية سنة 1999 اي بعد اقل من ثلاث اشهر من أدائيه اليمين الدستورية رئيساً يوم 18 أبريل وبحضور 45 زعيماً افريقياً وهو رقم قياسي من حيث الحظور )
و كان واضحاً ان مدة هذه المرحلة الانتقالية لممارسة الحكم تنتهي بعهدة واحدة اي خمس سنوات ، إلا ان الرئيس رغم انه ابن النظام ، إلا انه ليس واحداً من الجماعة ( كالرؤساء الذين سبقوه وتنازلوا لصالح الجماعة ) وليس حريصاً البتة على وحدة الجماعة، بل اذا تعارضت مصالحه او تقديراته مع تقديرات الجماعة ( المؤسسة العسكرية ) فإن كان في موقع قوة فإنه سيتشبث بمصالحه ومصالح الزمرة والعصبة ، وسوف يقاوم ولن يترك الحكم مهما كانت الظروف ، فهو جاء ليبقى لا لينسحب ويتخلى ( او بما عُبِّرَ عنه من القصرِ إلى القبرِ ) 
وكان الرئيس بوتفليقة بارعاً في التكتيك والمناورة وحرب الأعصاب وحتى الانتقام من خصومه على نارٍ هادئة . فأهدى الجيش او بالأحرى المؤسسة الاستخباراتية مصادقته على قانون الوئام الوطني إذ تم إصداره بتاريخ 13 جويلية 1999 ( اي في يوم انعقاد القمة الأفريقية ) وهو الملف الذي بقي طي الأدراج لسنوات دون ترسيمه الامر الذي كان ضاغطاً على المؤسسة ومحرجاً لها تجاه التزاماتها مع الجماعات المسلحة التي وافقت على وضع السلاح .
واستغل رغبة الجيش في الابتعاد عن الأضواء و عن تسيير الشأن العام وتركهم غارقين في تفاصيل تطبيقات قانون الوئام المدني ، و في التفاوض مع مجموعات اخرى لوضع السلاح بعد النجاحات التي حققها القانون .
و دخل الرئيس بهذا القانون التاريخ ولكونه يشعر بعقدة الشرعية بعد انسحاب منافسيه الستة وعزوف الشعب من الذهاب للتصويت عليه ، إستغل تعطش هذا الشعب للسلم فجعل من مناسبة التصويت على هذا القانون إسْتِفْتاءاً عليه هو . فإستطاع بذلك أن يدخل به لقلوب ملايين الجزائريين و صار حديث العام والخاص ، وتفرغ بدهاء كبير لتثبيت أركان حكمه ( او بالأحرى مُلْكِه ) لان هذه الطريقة في تسيير الدولة لا تجدها حتى في أكثر الأنظمة الملكية شموليةً بحيث أن أغلبْ المناصب السيادية أسندها لأبناء بلدته او لبعض معارفه فبسط حكمه على كل شؤون الدولة ليس بالصفة التي يمارس فيها سلطاته التي يخولها له الدستور والتي لا ينازعه فيها احد وإنما بالطريقة التي كان يدوس فيها في كثير من الأحيان على الدستور وقوانين الجمهورية وكذا على العرف السائد منذ الاستقلال لممارسة السلطة ( والشواهد كثيرة في هذا الشأن لسنا هنا بصدد ذكرها ) 
واعلن تشكيلة اول حكومة ، خالصة له دون تدخل أحد حتى من الجيش ( حسبما اعلن هو بنفسه بان قيادة الجيش قرأت اسماء الحكومة مثلها مثل اي مواطن من وسائل الإعلام ) و كانت تشكيلتها كما باقي تشكيلات الحكومات المتلاحقة لها صادمة للرأي العام الوطني ، بحيث ما يقارب نصف عددها كان ينتمي لنفس الجهة التي ينتمي لها الرئيس او أحيانً من نفس الولاية فضلاً على ان كل الوزارات الاستراتيجية هي كذلك منهم ، والفتات لباقي الجهات .
وبهدية زروال له بأن تَرْأسَ الجزائر قمة الوحدة الأفريقية في بداية إستلام فترته الرئاسية و بحكم المنصب كان لذلك الفضل الكبير في تمثيل الجزائر للأفارقة في كل الانشطة القارية والدولية والتكلم باسم القارة السمراء لمدة سنة بأكملها أعطت للجزائر صوتاً دولياً كاد ان يُنْسى ومكنت العالم من التعرف على بوتفليقة ، والذي اعتبره هو إنجازاً خاصاً بشخصه . وهو في الحقيقة كان مدروساً من الجماعة وزهداً من زروال بحيث وقِّتَتْ بداية عهده بموعد انعقاد القمة ليعطي وهجاً للرئيس الجديد يكون له أحسن مدخلاً للعلاقات الخارجية .
إن الجلوس مع السيد عبدالعزيز بوتفليقة سنة 1999 وبعدما تحاوره كنت تخرج بإنطباع حينها بان التاريخ توقف عنده في سنة 1978 ، و أن البلد لم يعرف رئيساً إلا بومدين . إلا أن بومدين في نظره كانت لها عدة نقائص وانه الوحيد القادر على قيادة البلد دون تلك النقائص وانه هو الملهم الذي يتقن جميع الفنون ويملك جميع الحلول ، وهذا في نظري كان عنصر إحباط لكثير من محاوريه . ولذلك فأول إمتحان تعرض الرئيس له هو إشرافه على الانتخابات البرلمانية 2002 وبمنطق ادعائيه العلم بكل شئ فواضح أنه تمَّ التلاعب بنتائجها بشكل غير مسبوق ، فنال الحزب الذي كان في المرتبة الثالثة في آخر استحقاق ( حزب جبهة التحرير الوطني ) المرتبة الأولى بنصف عدد مقاعد البرلمان ، وكانت في نظري هي المحطة الأولى للتقيم بحيث هدمَ الرئيس ماتمَّ بناؤه من قبل ، فتفككت قاعدة الحكم وخرجت النهضة والتجمع من اجل الثقافة والديمقراطية من التحالف ، وضُرِبَ الشيخ محفوظ بالتزوير عليه وعلى حزبه بترتيب فاضح بل و إنتقاميٍ !! . 
ولأول مرة في تاريخ جزائر االحرة ومنذ الاستقلال يأتي برنامج حكومة لا يتكلم على ضرورة تحرير فلسطين كل فلسطين وعلى رأسها الأقصى الشريف على اساس أنها القضية المركزية ، بل تكلم البرنامج على أراضي سنة 67 بحجة أنه لسنا أكثر حرصاً على فلسطين من السلطة الفلسطينية و لا يُسْتغرب مثل هذا الموقف من الرئيس إذ و على هامش جنازة الملك حسن الثاني ، أول زعيم جزائري يصافح مسؤول إسرائيلي كان الرئيس بوتفليقة حيث صافح رئيس وزراء الكيان الغاصب يهود باراك . كمفتاح في تقديره للنفاذ للساسة الأمريكيين والعلاقات الخارجية !!!!
و أنتهت عهدته الأولى ولم ينجز شئ باهر اللهم إلا قانون الوئام الوطني وهو الشئ الوحيد الذي بنى عليه حملته الانتخابية للتمديد له للعهدة الثانية سنة 1994 و وعد بترقيته لمصالحة شاملة استجابة لطلب الاحزاب الفاعلة في المجتمع وقواه الحية ورغبة في تحقيق ذلك أعطاه المواطن فرصة أخرى ، وحدث مالم يكن بالحسبان إذ ان رئيس الجبهة رئيس الحكومة السيد علي بن فليس في حينها اعلن رغبته في الترشح منافساً لرئيسه بوتفليقة ، وظهر لأول مرة إنقسام في قرار الجماعة ، فكانت الاخبار التي تتداولها الصحافة تقول بان مؤسسة الاستخبارات لاترى مانعاً من التمديد لبوتفليقة ، بينما قائد الأركان الفريق محمد العماري كان يعارض ذلك بشدة بل ويدعم ترشح علي بن فليس ، ولأول مرة منذ الاستقلال يقع فيه اختلاف داخل الجماعة ( المؤسسة العسكرية ) .
ويغلب على ظني ان هذا الخلاف داخل المؤسسة العسكرية تمَّ تداركه قبل موعد الانتخابات ربما بأسبوع فوافقت المؤسسة مجتمعةً ترشح بوتفليقة ، يجب ان ننوه هنا بانها هي السابقة الاولى و الخطيرة على مسار المؤسسة العسكرية ، إذ مرّتْ عليها مواقف اكثر دقة و حرجاً و لم يحدث لها مثل هذا الانقسام !!! ( تذكرت وأبلغته في حينه لكثير من أصدقائي ونحن في الاستشارات مع رفقائه بمناسبة ترشحه للعهدة الأولى قال احد غرمائيه والمنافسين الأساسين له غداة وفاة بومدين كلام طويل للشيخ محفوظ رحمه الله أختصر منه قوله : أنا ورغم تحفظي عليه إلا أنه افضل المترشحين من حيث الثوابت و أتفهم دعمك له ، لكني أعلمك من الآن بان الرجل لما يتمكن من الحكم سينتقم من الجيش لانه أقصاه و فضلَّ الشاذلي عليه لخلافة بومدين ، ثم بعدها سينتقم من الشعب لانه لم يَثُرْ وقتها ضد هذا الجيش الذي أقصاه من الخلافة ) .
و بعد فوز الرئيس بالعهدة الثانية توجه لترتيب أوراقه داخل المؤسسة العسكرية وكانت الظروف مواتية له خاصة بعد استقالة قائد أركان الجيش الفريق محمد العماري ، و هو الذي كان يصدّه من إجراء اي تغييرات داخل المؤسسة العسكرية ، وبتحييده من الواجهة واضح أن الرئيس بسطَ نفوذ سلطانه على كل الؤسسات الدستورية دون استثناء . ومنحه الله فرصاً خاصة لم يُمْنحَّها اي رئيس قبله ، ولو يعقد الإنسان مقارنة بين ظروف الرؤساء الثلاث ( الشاذلي – زروال – بوتفليقة ) فإن أسوء ظروف هي التي مارس فيها زروال مهامه إذ ان أسعار النفط تهاوت لمعدل 9 دولار للبرميل وهي اسعار بحيث يكون باقي الفائدة من كل برميل لا تتجاوز دولارين أو ثلاثة لأن كلفة إنتاجه في الجزائر تقدر بحوالي 6 دولار وكاد يكون قرار الحكومة حينها توقيف الانتاج ، وأن الناتج الداخلي الخام للجزائر يوم مغادرة زروال سنة 1999 كانت بحدود 54 مليار دولار ، زيادة على الظروف الأمنية الصعبة والجفاف الذي كانت تعاني منه اغلب مناطق الوطن . وأن أحسن ظروف هي التي كانت في عهدات الرئيس بوتفليقة إذ أن أسعار النفط في وقته وصلت في بعض الأحيان لمستوى غير مسبوق وصل في بعض الاحيان لحوالي 150 دولار او يزيد وان الناتج الداخلي الخام سنة 2012 مثلاً بلغ اكثر من 204 مليار درلار . و مع كل الرؤساء للآسف لم تكن هناك اي قيمة مضافة للاقتصاد الوطني إذ ان كل مداخيل الدولة من العملة الصعبة هي بنسبة تزيد عن 95 % من قطاع النفط . اي بمعنى آخر ان لا مجال لشطارة اي حكومة جزائرية في نسبة اي نمو أو تجهيز او إنجازات لان تمويل كل المشاريع هي من الخزينة العمومية والتي تعتمد في تنميتها من مداخيل النفط . 
وكان متوقع ان ينتهي من بنود خارطة الطريق في فترة خمس سنوات وأقصاها عشر سنوات طبقاً للدستور إلا ان الرغبة في البقاء في الحكم تركت الرئيس يقرر الإعتدي على الدستور مرتين مرة بمس ثوابت الأمة بدسترة الامازيغية كلغة وطنية دون الرجوع للشعب ، و الثانية بفتح العهدات الرئاسية لأكثر من عهدتين ليتسنى له البقاء في الحكم لفترات أخرى ومفتوحة ، الأمر الذي فوت على الجزائر فرصة انتقال سلس وسلمي للسلطة بين جيلين ، جيل الثورة ( والذي ينتمي له الرئيس ) وجيل ما بعد جيل الثورة والذي لم تعطى له فرصته من التمرس واستلام الحكم إذ وعندما يداهم القدر جيل التحرير قد تقع البلاد في فراغ ومخاطر كان ممكن تفاديها لولا الرغبات الشخصية على حساب المصالح الوطنية . إن ثلاث عهدات متتالية للرئيس بوتفليقة بالضرورة لها عديد من الإنجازات و الإيجابيات إلا انه ممكن رصد مجموعة من السلبيات :
– تكسيره لطبوهات كثيرة وخطيرة منها 
أ- انضمام الجزائر لمنظمة الفرنكفونية و انتعاش اللغة الفرنسية ومحاصرة اللغة العربية بحيث اصبح المعربون غريبين في الادارة وفي المؤسسات الاقتصادية .
ب – مغازلة اللوبي الصهيوني سواءا في فرنسا أوفي امريكا و مصافحته ليهود باراك و إعتراف مبطن بدولة إسرائيل في برنامج الحكومة عندما يتكلم على فلسطينية على أراضي 1967 . 
– تكريسه حكم الفرد وتهميشه لكل المؤسسات الدستورية وإختزال الجزائر وتاريخها وإنجازاتها في شخصه .
– تفويته على الجزائر فرصة إقلاع تنموي اقتصادي وإجتماعي في ضروف منحها الله إياها تعالى قلما ستتكرر لاحقاً بهذه السهولة .
– تغول المال الفساد فسار أقوى حزباً في الوطن ، وإلا كيف تفسر أن الصحافة تكتب يومياً على نهب المال العام بمليارات الدولارات و لا تتحرك العدالة للتحقيق مع المتهمين ولا لمحاسبة من يكتب عليهم إن كان كاذباً .
– تدجين مؤسسات المجتمع او تحطيم بعضها و تقسيم البعض الآخر سوى أكانت سياسية او مدنية .
– التولية في المناصب على أساس الجهة و الولاء .
– التخلي عن مبدأ عدم التدخل في شؤون الغير بعدما فتح الرئيس المجال الجوي أمام الطيران الأجنبي لضرب مالي . 
– غياب الجزائر شبه الكامل عن أداء واجبها بتحصين أمنها القومي في عمقها الاستراتيجي بتحصين الجوار الافريقي و فسح المجال للمناوئة المغربية لملأ الفراغ ( آخرها زيارة العاهل المغربي أسبوع كامل لدولة مالي .
إذن كل الرؤساء جِيء بهم في ظروف استثنائية تحتاج لمرحلة إنقالية ولكل مرحلة إنتقالية خارطة طريق فمتى تخرج الجزائر من المراحل الانتقالية ليحكم الشعب نفسه بنفسه في ظروف عادية يرسم فيها مستقبله ويتخير فيها طريقه دون وصاية من أحد ؟؟؟؟؟.


 

اترك تعليقًا