قطر تؤكد عدم رضوخها للضغوطات وحرصها على علاقات طبيعية

سعت إلى بناء علاقات مع دول اسلامية كبيرة

قطر تؤكد عدم رضوخها للضغوطات وحرصها على علاقات طبيعية

سلطان عمان يقوم بدور الوساطة لاحتواء الأزمة

مراقبون: احتمالات تصعيد الأزمة واردة

جاء إعلان مصادر مقربة من الحكومة القطرية أن هذه الأخيرة لن ترضخ لمطالب الدول الثلاث، التي سحبت سفراءها من الدوحة ولن تقدم على تغيير سياستها الخارجية، ليعكس قرار الدوحة أنها ستستمر في دعم الإخوان المسلمين في مصر وغيرها، مما ينبئ بجولة جديدة من التوتر بين قطر وهذه الدول.

ففي خطوة لم يسبق لها مثيل سحبت السعودية والإمارات والبحرين سفراءها من قطر يوم الأربعاء، معللة ذلك بكون الدوحة لم تحترم اتفاقا ينص على عدم تدخل أي دولة في الشئون الداخلية للدول الأخرى. وأشار مصدر مقرب من الحكومة القطرية إلى أن قطر لن ترضخ. وقال المصدر: “لن تغير قطر سياستها الخارجية بغض النظر عن الضغوط.. هذا الأمر مسألة مبدأ نتمسك به بغض النظر عن الثمن”. مشيرا إلى أن قطر لن تتخلى عن استضافة أعضاء من جماعة الإخوان المسلمين بمن فيهم يوسف القرضاوي وهو عالم دين كبير ينتقد السلطات في السعودية والإمارات. وقال المصدر القريب من الحكومة: “منذ تأسست قطر قررنا أن نتخذ هذا النهج، وهو الترحيب الدائم بأي شخص يطلب اللجوء في بلادنا ولن يدفعنا أي قدر من الضغط لطرد هؤلاء”، مؤكدا في السياق نفسه أنه لا توجد خلافات بين قطر ودول الخليج بشأن قضايا خليجية، و أن النزاع يتعلق “أكثر بخلافات حول السياسة الخارجية”، في إشارة إلى قضايا الشرق الأوسط مثلما يجري في مصر وسوريا. وترى السعودية والإمارات خلافا واضحا مع قطر إزاء قضايا الخليج، وتنامى استياء السعودية والإمارات على نحو خاص بسبب دعم قطر لجماعة الإخوان المسلمين واستضافتها للقرضاوي، وإتاحة الفرصة له للحديث بانتظام على قناة الجزيرة. ومنذ بداية انتفاضات ما سمي بـ”الربيع العربي” استخدمت “قطر” ثروتها لدعم الإسلاميين في تونس وليبيا ومصر وسوريا.

وبلغ التحدي القطري الذي عبرت ذروته عندما قال: “قطر لن تتخلى عن استضافة اعضاء من جماعة الاخوان المسلمين بمن فيهم الدكتور يوسف القرضاوي، والذي ينتقد السلطات السعودية والإماراتية والمصرية في خطبة كل يوم جمعة من على منبر جامع عمر بن الخطاب في قلب العاصمة القطرية. وما زال من غير المعروف ما إذا كان الشيخ القرضاوي سيعتلي منبر المسجد نفسه ظهر الجمعة ويلقي خطبته كالمعتاد، فقد تغيب عن الخطابة يوم أمس كما تغيب الجمعة الماضية دون ذكر الأسباب، بينما أظهر لهجة تنطوي على الكثير من التحدي والسخرية من دولة الإمارات العربية لأنها لم تحتمل بضعة كلمات منه أشار فيها إلى معاداتها للحكم الإسلامي، وانتقد المملكة العربية السعودية دون أن يسميها بسبب ضخها المليارات للسلطات المصرية، التي اطاحت بالرئيس مرسي في انقلاب عسكري، الأمر الذي فجّر أزمة سحب السفراء الحالية وتأزيم العلاقات بين قطر والدول الثلاث.

كما أن رفض قطر شبه المعلن وغير المباشر التجاوب مع مطالب الدول الثلاث بتغيير سياستها الخارجية بما يتلاءم مع مواقف مجلس التعاون الخليجي، خاصة تجاه تطورات الأوضاع في مصر وتمسكها بدعم حركة الإخوان المسلمين واستخدام المصدر الرسمي القطري كلمة “لن نرضخ” في حديثه لوكالة “رويترز″، سيفسر على أنه تصعيد من جانبها قد يؤدي إلى المزيد من التأزيم وإغلاق الأبواب امام فرص الوساطة، لإزالة الخلاف وتحريض الدول الثلاث على اتخاذ المزيد من الاجراءات ضدها.

 

ويرى خبراء ومتتبعون للمشهد السياسي القطري أن أمير قطر السابق الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني المعروف باعتداده بنفسه ومواقفه الصارمة اتجاه جاراته الثلاث السعودية والإمارات والبحرين، لن يميل إلى التهدئة، خاصة اذا كانت الشروط مهينة فهو ما زال الحاكم الفعلي للبلاد ويتعاطى بشكل مباشر مع القضايا الإستراتيجية والخليجية منها بالذات، ولكن من خلف ستار ويترك القضايا الأقل أهمية لابنه الشيخ تميم ومجموعة الوزراء المستشارين المحيطة به.

ويضيف هؤلاء أن العاهل السعودي الملك عبد الله بن عبد العزيز وهو رجل طبيعته بدوية وشخصيته القوية واعتزازه بنفسه وعنفوانه في المواقف، يرى في المواقف القطرية المتحدية استفزازا شخصيا له خاصة أنه المهندس للمصالحة مع قطر قبل خمس سنوات، وخالف رأي أشقائه والجناح السديري في العائلة بالذات.

تضيف المصادر أن المكالمة الهاتفية التي أجراها الشيخ تميم بن حمد أمير قطر الشاب مع السلطان قابوس بن سعيد يوم الخميس ربما تعطي بعض الأمل للذين يراهنون على تسوية هذه الأزمة بسرعة وعبر القنوات الدبلوماسية، ولكن علينا أن نتذكر علاقات سلطنة عمان مع السعودية ليست جيدة بعد رفض الأولى ضيفة الاتحاد التي تريدها الثانية بديلا عن مجلس التعاون، ففي ظل غياب أمير دولة الكويت الشيخ صباح الأحمد في أمريكا، حيث يتعافى من عملية جراحية “كبرى”، لم يبق إلا السلطان قابوس الذي يمكن أن يقوم بدور الوسيط خاصة أن له باعا طويلا في هذا المضمار، فهو الذي أدت وساطته بين إيران وأمريكا للتوصل إلى اتفاق حول البرنامج النووي الايراني وجرت المفاوضات السرية الامريكية-الايرانية التي استمرت ستة أشهر في العاصمة العمانية مسقط، كما أنه توسط قبل ذلك في نزاعات اخرى من بينها مثلما يتردد حاليا النزاع الاماراتي-الايراني حول الجزر الثلاث، التي تحتلها إيران ويقال انه نجح فعلا في التوصل إلى تسوية مرضية للطرفين، أي أن تعود الجزر للإمارات بينما يظل محيطها المائي جزءا من السيادة الايرانية.

ويشير المراقبون إلى أن استمرار الازمة في ظل التجاذب الحالي والحرب الاعلامية بين اطرافها، قد يؤدي إلى المزيد من التدهور وهناك من يتحدث في الدول الثلاث التي سحبت سفراءها عن إغلاق الحدود والأجواء الجوية، ولكن الخطوة التالية المتوقعة في أي يوم إغلاق مكاتب قناة “الجزيرة” في الدول الثلاث، وربما التشويش على بثها أيضا وهناك من يقول إن العاصفة الكبرى آتية وأن الهدوء الحالي المحدود هو تمهيدها.

دولة قطر تتحسب وتأخذ احتياطاتها على عجل لمواجهة أي إجراءات أخرى ضدها من الدول الثلاث، فقد طار وزير خارجيتها خالد العطية إلى طهران عارضا تطوير العلاقات مع إيران في رسالة واضحة للدول الثلاث، وتردد في صحف مقربة للسعودية والإمارات أن الشيخ حمد بن جاسم آل ثاني رئيس الوزراء ووزير الخارجية السابق طار إلى إسلام أباد قبل ثلاثة ايام في زيارة سرية، عارضا على حكومتها قيام تحالف ثلاثي قطري-تركي-باكستاني في مواجهة المثلث الإماراتي-السعودي-المصري، وأن باكستان التي تربطها بالسعودية والإمارات علاقات تحالف استراتيجية اعتذرت للمبعوث القطري عن عدم القبول بالعرض. وكان الشيخ حمد بن جاسم قد جرى تجريده من كل مناصبه بعد تولي الشيخ تميم عرش قطر بعد تنازل والده له، وسط انباء مؤكدة عن وجود خلافات بينه وبين الأمير الجديد انعكست في عدم تقديمه البيعة للأمير الجديد للشيخ تميم أسوة بشيوخ آل ثاني الآخرين والشخصيات القطرية من خارج الأسرة وبعض المواطنين العاديين.

اترك تعليقًا