حديث للطلبة

 سليمان شنين

حديث للطلبة

يضطلع العمل الطلابي في كل العالم بأدوار كثيرة ومتعددة، كما تعتبر الجامعة معقل القوة والتجدد في كل التنظيمات والأحزاب، وهي الساحة الغير قابلة للتحكم أو الرصد، فهي تتحول بتحول مزاج المجتمع. كما يعبّر العمل الطلابي دوما على روح مقاومة الفساد والأحادية والهيمنة والاستبداد.

والجزائر تعيش هذه المرحلة من تحول المجتمع، وأمام الرفض الواسع من الطبقة السياسية للعهدة الرابعة من مختلف التيارات المشكلة للمجتمع الجزائري، بين داع للمقاطعة كما هو الحال لحزب الأرسيدي العلماني والنهضة وحمس التابعين للتيار الإسلامي، إلى المطالبين بتهيئة الظروف عبر مرحلة انتقالية، والتي أصبحت مدعومة من أطراف كثيرة حزبية ومستقلة، وبين هؤلاء الجميع يقف الطلاب في الجامعة والأحياء الجامعية رافضين للاستهتار بمستقبلهم ومستقبل بلادهم. وقد بدأت الأحياء الجامعية تشهد تحركات نوعية، بدأت تقلق السلطات الداعمة للرابعة مما جعلها تسارع لاستيعاب واحتواء التنظيمات الطلابية، التي كانت إلى يوم قريب لها جانب من التمثيل للطلبة وخاصة بالمطالب البيداغوجية والاجتماعية.

فاليوم بدأت مرحلة انفصال كبيرة بين قيادات التنظيمات الطلابية والطلبة، فالسلطة أو بالأحرى أنصار الرابعة يملكون عناوين منظمات ولا يستطيعون إسكات أصوات الطلاب، رغم أنهم سيستفيدون في بداية الحملة الانتخابية من وجع الدماغ بسبب العطلة الربيعية، وبإمكان حكومة الرئيس الحالي والقادم أن تمدّد العطلة مثل ما تفعل كل الحكومات غير التمثيلية، التي لديها مشكلة في الشرعية، ولكن مثل هذه الحلول المؤقتة لا يمكنها أن تستمر، لأننا سنكون أمام مرحلة جديدة لا يمكنها أن تستمر في إبعاد مختلف الفئات عن أدوارها الاجتماعية والسياسية.

في كل نقاط العالم الحراك الطلابي هو الحصن وملاذ الشعوب في معاركهم القيمية، والثورات لا يمكن أن تنجح بدون الطلبة وخاصة أمام تكرار سيناريوهات الحكومات الفاشلة، من خلال اشتراء ذمم القيادات وفصلها عن الحس العام الطلابي.

إن الحركة الطلابية مطالبة بالعودة إلى الواجهة كأمر حيوي ومسؤولية تاريخية، تتحملها القوى والتيارات ذات الرهانات الحضارية الكبرى، لا أن ترتهن في طموحات قياداتها في المناصب والتموقع الفردي وتحقيق مكاسب مادية، ومن ثمّ الإيحاء أن وظيفة الحركة الطلابية التغييرية قد انتهت، وأن مفاتيح الفعالية لا تفصلنا عنها سوى بضع مراجعات بين أحقية التمثيل الطلابي وصيغه. وبإمكان الحراك القائم أن يكون نموذجا حقيقيا لمرحلة جديدة يعيشها مجتمعنا، لأن الجامعة كانت دوما عاكسة لنقاشات المجتمع وهي مشتلة أي تجربة فيه.. فالمهم البداية وعدم التأجيل والانتظار، من خلال تكاتف الجهود والالتقاء على القواسم المشتركة، ونبذ الفرقة والتحزب والعمل المشترك من أجل الجميع…

اترك تعليقًا