سليمان شنين
زلات اللسان المتراكمة
الظروف الحرجة التي يمر بها الشعب الجزائري في هذه المرحلة الحساسة والحرجة، ونحن على أبواب استحقاق وطني أفرغ من محتواه، نتيجة رغبة البعض فرض خيارهم وقناعتهم على الجميع، دون الأخذ بعين الاعتبار الارتدادات التي حذر منها العقلاء في البلاد، ولهذا وجب على هؤلاء أن يعوا صعوبة المرحلة التي لا يمكنها أن تعصف بكل المكاسب المحققة منذ الاستقلال.
لم يتوقع سلال ولا دعاة الرابعة حجم ردة الفعل على زلة لسان غير مقصودة في إهانة مكون اجتماعي من النسيج الوطني العام، ولكن الذي لم يفهمه هؤلاء أن ردة الفعل كانت نتيجة تراكم الممارسات الجهوية من طرف السلطة القائمة، وإقصائها جهات بأكملها، ورغبتها في إبقاء الهيمنة والسيطرة على السلطة والثروة بشكل غير مسبوق في بلادنا.
لقد تحدث البعض عن مفردات خطاب سابق للرئيس المترشح كان فيها هذا النوع من الإهانة، ولكنها كانت قابلة للتبرير من قبل، إلا أنها اليوم أصبحت تعبّر عن سياسة، رغم أنني ممن يعذرون سلال لشيء واحد إنه ربما من القلة القليلة في مجموعة الرابعة التي يرفض الجهوية المقيتة والتفرقة.
إنه رغم رفضنا لمنطق دعاة الرابعة، ولكن أعتقد أنه الآن يجب تحكيم العقل والمنطق وتقديم مصلحة الشعب الجزائري على كل المصالح الفئوية والشخصية، وكفانا الدماء التي سالت، والمعاناة التي تحمّلها المواطنون في العشريات السابقة, فضلا عن التأثير السلبي لبروز الانقسام الاجتماعي على الاستقرار والسلم والأمن في ربوع بلادنا، وخاصة أننا بصدد التوجه إلى انتخاب رئيس مريض لا يقوى على مخاطبة شعبه ولا حل مشاكل من هذا النوع، ولذلك فإننا نرفض أي انقسامات وتشرذمات جديدة لا تخدم إلا أعداء بلادنا، ولكن بسبب ممارسة السلطة الراغبة في البقاء ولو على حساب الوحدة الوطنية.
إن مشكلة التوارق كذلك بدأت تأخذ منعرجا خطيرا، مثلها مثل ما اصطلح على اعتباره مشكلة الإباضية في غرداية، مما يجعلنا نتخوف أكثر على مستقبل البلاد ووحدتها، وعلى الجميع إدراك أن هذه ستكون نتيجة حتمية لسياسات التفرقة، التي مورست من قبل، فلم تترك حزبا ولا تنظيما نقابيا ولا جماعة عقلاء في مختلف القطاعات، إلا وقسمته بمنطق الولاء للشخص، ولو على حساب هذه المؤسسات، ولم يبق لنا إلا الوحدة الوطنية التي يبدو أنها لن تسلم ما لم يتدخل العقلاء.
إن الانتخابات الرئاسية يمكنها أن تكون خطوة أساسية نحو الحل، إذا ما تداركنا الوضع وتمكنت الأغلبية من التفاهم من داخل النظام وخارجه على مسار توافقي تصالحي مع الشعب وقواه الحية لنتجاوز كل العراقيل، وإلا فإننا على أبواب فتنة لا يعلم مآلها إلا الله.