بعد أن أجلت الفصل في أبرز الملفات الاقتصادية والاجتماعية الكبرى الحكومة “تدفع” المواطن للاقتراع من أجل حقوق مؤجلة !

 

انتقدت الطبقة السياسية، الطريقة التي تتعامل بها الحكومة، مع عدد الملفات الكبيرة التي تتمحور حولها انشغالات المواطنين، حيث تحاول أمام كل المواعيد الانتخابية الكشف عن رزمة من الإجراءات التي من شأنها أن تحقق من خلالها مطالب هؤلاء إلا أن هذه الإجراءات تبقى حبر على ورق لأنها مشاريع مؤجلة الفصل إلى ما بعد هذه المواعيد التي تم ضبطها على مقاس السلطة ومرشحها فقط، ولعل السلطة التي تراهن اليوم على الرئيس المنتهية عهدته الرئاسية الثالثة، عبد العزيز بوتفليقة من أجل افتكاك عهدة رئاسية رابعة له، على مشاريع اقتصادية بحثة هو الذي دفع بالطبقة السياسية وحتى الخبراء الاقتصاديين الذين تحدثنا معهم إلى انتقاد هذه السياسية المبنية على تأجيل كل المشاريع الاقتصادية والاجتماعية، إلى ما بعد الرئاسيات ويأتي في مقدمة ذلك مشاريع السكنات خاصة”عدل”، توفير فرص العمل في الوظيفة العمومية، إعادة إحياء القروض الاستهلاكية، وتعدلي المادة 87 مكرر، التي شكلت محور انشغال المواطنين طوال الأشهر الماضية التي بدأت فيها السلطة تهيئ في نفسها للدفع بمرشحها لسباق المنافسة على كرسي قصر المرادية بعد رئاسيات الـ 17 أفريل الداخل.

ويرى المتابعون للشأن السياسي عندنا، بأن السلطة قد نجحت إلى حدّ كبير في امتصاص غضب الطبقة العاملة من جهة، وحتى البطالين والحالمين بافتكاك حقهم في الحصول على سكنات لائقة، بفتح هذه الملفات الكبيرة والمهمة لدى المواطنين أشهرا قليلة قبل الكشف عن مرشحها للرئاسيات، ومن ثمة إقرار جملة من التوصيات والقرارات التي تخدم المواطن ولكنها وبالمقابل عملت على تأجيل البت في هذه المشاريع كلها إلى ما بعد الرئاسيات، ما يوضح بأن السلطة لا ترى حرجا في أن تساوم المواطنين وتجعلهم أمام حتمية الذهاب إلى صناديق الاقتراع من أجل افتكاك حقه من الملفات الاقتصادية والاجتماعية الكبرى بعد نجاح مرشحها فيه والذي يرفض أن يقدم برنامجا انتخابيا للشعب بل فضل الرهان على إكمال المشاريع العالقة منذ توليه لرئاسة الجزائر في سنة 1999، وترى هذه الطبقة ممن تحدثت معهم”الرائد”، أن السلطة تستعمل مساومات”رخيصة”، ضدّ الشعب على حدّ تعبير رئيس حكرة مجتمع السلم عبد الرزاق مقري، الهدف منها إجباره على الذهاب لصناديق الاقتراع والتصويت على مرشحه مقابل افتكاك هذه الحقوق التي قام الوزير الأول السابق عبد المالك سلال ومدير حملة الرئيس، منذ شروعه في الخرجات الميدانية عبر مختلف ولايات الوطن إلى توزيعها بطريقة عشوائية بين المدن والولايات التي زارها للدفاع عن مرشح السلطة.

 

جبهة العدالة والتنمية:”السلطة الآن تستميل في الناخبين وتساومه على صوته بطرق غير مباشرة”

اعتبر، القيادي في حزب جبهة العدالة والتمنية، لخضر بن خلاف، أن ما تقوم به السلطة منذ بداية تحضيرها لمرشحها نحو رئاسيات الـ 17 أفريل القادم، هو استمالة للناخبين المسجلين في قوائم الانتخابات، والذين تحاول أن تجربهم وتدفع بهم لصناديق الإقتراع من خلال فتح باب النقاش على جملة من المشاريع الاجتماعية والاقتصاديىة والمهنية التي تهم المواطنين أو الهيئة الناخبة بشكل عام، ولكن ما يلفت الانتباه هو أن السلطة تفتح فقط باب النقاش حول هذه المشاريع وترفض أن تدفع بها للحلول في انتظار ما سيقدمه لها المواطن من ولاء يوم الاقتراع عبر المشاركة أو عبد التصويت لمرشحه على اعتبار أن أكبر ما تتخوف منه السلطة ودعاة العهدة الرابعة للمرشح لرئاسيات القادمة عبد العزيز بوتفليقة هو مقاطعة الموعد وتسجيل نسبة متدنية في المشاركات.

وقال المتحدث في السياق ذاته أن السلطة قامت بفتح غالبية المشاريع والملفات الكبرى التي ظلت عالقة لسنوات كان فيها ذات المترشح في سدّة الحكم، غير أنها ترفض بالمقابل أن تقوم بمنحه الضوء الأخضر لإقرار هذه المشاريع اليوم حيث تعمل على أخذ كامل وقتها في تطبيقها والتي ستتأجل غالبيتها إلى ما بعد أفريل 2014.

أكد بن خلاف، في الصدد ذاته أن ما تقوم به الحكومة في هذا التوقيت بذات يعد غير بريء، لأنها تفضل فعل ذلك في مثل هذه المواعيد الكبرى كالانتخابات الرئاسية من أجل شد إنتباه الناخب، ومساومته على صوته، كما اعتبر المتحدث، أن هناك عدة دلائل وقرائن تثبت صحة كلامه، مستندا في ذلك إلى عدة مشاريع كان قد قدمها هو شخصيا للبرلمان فيما قبل قوبلت برفض، ثم عادوا ليقوموا بإطلاقها الآن رغبة منهم في استمالة الناخبين وشراء اصواته بطرق غير مباشرة، وأشار في هذا السياق إلى أنه لا يعترض عن المشاريع الاقتصادية التي يستفيد منها المواطن بل يثمنها ولكنه يعترض على الوقت الذي تقدم فيه والطريقة التي تقدم بها.

 

الحزب الوطني الجزائري:”السلطة استغلت أموال الدولة لتقديم أفضل حملة انتخابية لمرشحها”

قال، رئيس الحزب الوطني الجزائري، يوسف حميدي، في تعقيب له على الموضوع أنّ الحكومة التي لجأت إلى تظيم حملة انتخابية لمرشحها بأموال الدولة وفي إطار برنامج عهدة رئاسية سابقة لمرشحها، استغلت كل الفرص المتاحة أمامها المادية والمعنوية لتحقيق أفضل حملة انتخابية يمكن أن تحلم بها، كما أن المرشح للرئاسيات القادمة عبد العزيز بوتفليقة استفاد من تنظيم حملة انتقابية مسبقة بسنة حيث كان الوزير الأول السابق عبد المالك سلال ومدير حملته الانتخابية المشرف الرئيسي على هذه الحملة يوم كان في الحكومة والآن أيضا على اعتبار أنه تم الاستعانة به وبنفس الوجوه التي كانت تطل على الشعب في مختلف الأنشطة الوزارية لترتيب حملته الانتخابية اليوم وهم يتهيئون للشروع في تنظيمها نيابة عنه بدء من 23 مارس الجاري وإلى غاية انتهاء الآجال القانونية لكل المترشحين الآخرين الذين لم يستفيدوا من هذا الامتياز الذي يحوز عليه المرشح الحرّ للرئاسيات القادمة عبد العزيز بوتفليقة.

واعبر حميدي في السياق ذاته أنّ السلطة ربطت إتمام الملفات التي تهم المواطنين سواء ما تعلق بالسكن، العمل، إعادة العمل بالقروض الاستهلاكية، وتعدل المادة 87 مكرر، بنجاح الرئاسيات لكونها ستفرج عن هذه المشاريع والملفات الهامة بعد المنتصف الثاني لسنة 2014 وبداية سنة 2015، والتي سيكون فيها مرشحها قد نجح في تحقيق العهدة الرابعة له كرئيس للجمهورية في نظر هؤلاء الذين يدفعون به لسباق المنافسة على كرسي قصر المرادية من جديد، بالرغم من أن الوضع الصحي له لا زال يكتنفه الغموض وبالرغم من أنه غير قادر على إدارة حملته الإنتخابية بنفسه، والدفاع عن برنامجه الانتخابي المبني على سياسة التأجيل في مشاريع سابقة.

 

الخبير الإقتصادي سراي:” لا أحد يستطيع أن ينكر أن حراك سلال في الولايات لم يكن مرتبطا بالرئاسيات”

من جهته، اعتبر الخبير والمحلل الاقتصادي عبد المالك سراي، أنّ لا أحد باستطاعته أن ينكر أن الحراك الذي كان يقوم به الوزير الأول السابق عبد المالك سلال والمشرف حاليا على حملة المرشح الحرّ للرئاسيات القادمة في الولايات الـ 48 مرتبط بالرئاسيات لكون الرئيس كان يدافع من خلال خرجة وزيره الأول على برنامجه الرئاسي السابق من جهة والرهان على برامج جديدة ستأتي لاحقا، وصحيح أنه تم تسجيل بعض النقص في المشاريع السابقة لبرنامجه التي تنتهي مع نهاية البرنامج الخماسي إلا أن هذا لا يعني بأن هناك استغلال من قبل السلطة للرئاسيات من أجل الدفع بالمواطنين لصناديق الاقتراع.

وأشار المتحدث في السياق ذاته أنّ ما تنجزه الحكومة في الوقت الراهن من مشاريع هو أمر عادي ويدخل في نطاق استكمال برنامج رئيس الجمهورية، وما جولة سلال لولايات الوطن 48 إلا دليل على ذلك، كما اعتبر سراي أن هذه المشاريع كانت في مخططات الخماسي ومن المنطقي أن تنتهي في هذا الوقت بعتبار أن الخماسي يشارف على نهايته، وفي سؤال عن إذا ماك ان الوقت الذي تحرك فيه سلال من أجل استكمال بعض المشاريع واطلاق أخرى عاديا، قال سراي أن ذلك له وجهين، مؤكدا في كلامه أنه لا أحد يستطيع أن ينكر أن هذه الخطوات ليس لها علاقة برئاسيات أفريل ومن ينكر ذلك فهو غير ملم بالأمور جيد على حد وصفه مذكرا بما كان يقوم به بوتفليقة في نهاية كل عهدة.

خولة بوشويشي/مراد بوقرة


اترك تعليقًا