إجماع بين المؤيدين و المعارضين على رفض قرار القاضي

ندد سياسيون مؤيدون ومعارضون لعزل الرئيس المصري السابق محمد مرسي، من قبل الجيش وقوى مدنية في 3 جويلية الماضي، بالحكم الصادر يوم الاثنين بإحالة أوراق 528 متهما من أنصار مرسي إلى المفتي تمهيدا لإعدامهم، مطالبين المنظمات الدولية بالتدخل لحماية المصريين من القضاء المصري حسب قولهم.

والإحالة للمفتي في القانون المصري تعني الحكم بالإعدام وقرار المفتي يكون استشاريا، قد لا يأخذ به القاضي ويقضي في النهاية بتنفيذ الحكم بالإعدام حتى لو رفض المفتي غير أن هذا الحكم أوليا وقابلا للطعن. وقال إبراهيم منير أمين التنظيم الدولي لجماعة الإخوان المسلمين في تصريحات لوكالة الأناضول، إنه يخشى أن يستخدم الحكم الصادر عشية القمة العربية لتسويق وتمرير أن جماعة الإخوان المسلمين “جماعة إرهابية”، كما أعنتها الحكومة المصرية. وأشار منير إلى أن “الحكم صادم ويتجاوز كل الأعراف والإجراءات القانونية، وأن كل الجهات القضائية المعتبرة في العالم تعلم الإجراءات الباطلة في ملاحقة رافضي الانقلاب”. وأعرب عن إصرار مؤيدي “الشرعية” على السلمية في مواجهة “الانقلاب” العسكري في مصر، مشيرًا إلى اتخاذ كافة الإجراءات القانونية اللازمة لمواجهته في الداخل والخارج، دون إيضاح تلك الإجراءات.

وقال عز الدين الكومي، وكيل لجنة حقوق الإنسان بمجلس الشورى المصري المنحل والقيادي بجماعة الإخوان في مصر إن “الحكم جائر، في سابقة خطيرة لم يشهد لها العالم مثيلاً قبل اليوم”. وأضاف في بيان له أن “الحكم سياسي لجر الشارع إلى العنف وإحداث حالة من الاحتراب الأهلي بين أبناء الشعب الواحد، مشيرا إلى أن “الحكم لن يجر الشعب إلى العدول عن السلمية ولن يُرهب الثوار لوقف الحراك الثوري السلمي”.

وتابع الكومي: “نخاطب ضمير القضاء المصري الذى كان ينعت يوما بأنه شامخ بإيقاف هذه الانتهاكات الصارخة والفاضحة التي يندى لها جبين كل حر ليس في مصر فقط بل في العالم أجمع”. وطالب المنظمات الدولية المنظمة لأعمال القضاة والقضاء في الأمم المتحدة، وغيرها، بـ”حماية المصريين من بطش القضاء المصري، والذي من المفترض أن يكون حارسًا للعدالة وللحقوق والحريات”. ووصفت هدى عبد المنعم عضو اللجنة الحقوقية بـ”التحالف الوطني لدعم الشرعية ورفض الانقلابالداعم لمرسي، الحكم بـ”الصادم للمجتمع“.

وقال سعد فياض، عضو المكتب السياسي للجبهة السلفية، إن “الحكم يعد ورقة أخيرة في جعبة السلطة لكسر الحراك الثوري بإصدار أحكام قضائية مشددة”، لافتا إلى أن “القضاة يتم الزج بهم في معركة، ليكونوا غطاءً للاستبداد”. في الوقت الذي اعتبرت فيه نيفين ملاك عضو المكتب السياسي لحزب الوسط، الحكم بأنه ناقوس خطر، ويمثل تحويل العدالة الناجزة إلى العقوبة الثأرية”. وأضافت في تدوينة لها على موقع التواصل الاجتماعي “الثأرية في إصدار الأحكام القضائية أخطر ما يهدد المجتمعات، والمجتمع في ظلها قد يكون قاب قوسين أو أدنى من الانزلاق لشريعة الغاب، وضياع العدالة وثأريتها بدلاً من حياديتها الإيجابية”.

من جهتها، طالبت جبهة “استقلال القضاء لرفض الانقلاب” بإحالة قضاة المحاكمة إلى الصلاحية للمحاسبة على ما وصفته بـ”الخطأ المهني الجسيم الذي هدد العدالة”. وقالت الجبهة في بيان لها حصلت الأناضول على نسخة منه: “الحكم برمته باطل وسقوطه مؤكد في باقي درجات الطعن، لأسباب عدة، منها أن المتهمين المقضي عليهم في غيبتهم، محبوسين وتحت ولاية وزارة الداخلية، وللإخلال بحق الدفاع حيث على الأقل لكل متهم يوم واحد في الدفاع، فضلاً عن جلسات الإجراءات”. من جانبه، قال أحمد مفرح، باحث مصري بمؤسسة الكرامة الدولية لحقوق الإنسان إنه “لا يمكن بحال من الأحوال الاعتراف بمحاكمات غير عادلة تؤدي إلى انتهاك الحق في الحياة بمثل هذا الشكل السافر”. وأوضح في بيان له أن “هذا النوع من المحاكمات التي تتم بحق المعتقلين، إنما يأتي في إطار الدور الذي يلعبه القضاء في شرعنة الانتهاكات التي ترتكب من قبل قوات الجيش والشرطة بحق المعارضين في مصر”.

كما أدان “الائتلاف العالمي للحريات والحقوق”، الحكم، قائلا، إنه “تلقى الحكم بمزيد من القلق والانزعاج من مدى تدهور الأوضاع الحقوقية والقانونية بمصر بعد انقلاب 3 جويلية الماضي”. وقال الائتلاف العالمي في بيان تلقت الأناضول نسخة منه: “يثبت صدور مثل هذا الحكم بما لا يدع مجالاً للشك أن القضاء المصري متورط وبشدة في ممارسة الانتهاكات الحقوقية والقانونية التي تتم في مصر منذ الإطاحة بالرئيس الشرعي محمد مرسي”.

ولم يسلم الحكم من الانتقادات من جانب المعارضين لمرسي، حيث قال محمد سيف الدولة، اليساري المصري: “الإعدام بالجملة، أحدث إبداعات خريطة الطريق”.

وخارطة الطريق أعلنها الرئيس المصري المؤقت عدلي منصور، عقب عزل الرئيس السابق محمد مرسي، وتضمنت تعديل الدستور والاستفتاء عليه الذي جرى في جانفي الماضي وإجراء انتخابات برلمانية ثم رئاسية. وفي تدوينة له عبر صفحته الشخصية على موقع التواصل الاجتماعي وصف سيف الدولة الحكم بأنه “عدالة من نوع خاص، لم ترها البشرية من قبل، ستسجل باسم مصر في كل كتب القانون والتاريخ”. 

من جانبه، اعتبر جمال عيد، الحقوقي المصري المستقل، أن الحكم “غريب”. وفي تدوينة له على موقع التواصل أوضح عيد أن “قضايا ضحايا ثورة يناير حصلوا المتهمون فيها على براءة”. وقال عيد: “قضية قتل شهداء جانفي في بني سويف التي تتكون من 19 شهيدًا و11 متهمًا حصلت على براءة، بينما قضية المنيا التي يتواجد بها شهيد ومصاب و545 متهمًا تنتهي بـ528 إعدام + 16 براءة”. كما رفض الإعلامي حسين عبد الغني، المتحدث السابق باسم جبهة الإنقاذ المعارضة لمرسي، الحكم، قائلاً: “في محكمة نورمبرغ لجرائم النازي في الحرب العالمية الثانية، التي تسببت في مقتل 50 مليون إنسان لم يحكم بالإعدام إلا على 12 متهمًا ونفذ في 6 فقط”. وأضاف عبد الغني، عبر حسابه على: “محكمة مصرية أصدرت حكمًا غير مسبوق في تاريخ مصر وربما في تاريخ العالم الحديث بعرض 528 من الإخوان على المفتي، وهو في القانون يعني الإعدام”.

وتشكلت جبهة الإنقاذ الوطني، في أعقاب الإعلان الدستوري الذي أصدره مرسي في نوفمبر من العام قبل الماضي، وكان أبرز مطالبها الدعوة إلى انتخابات رئاسية مبكرة، وتشكلت الجبهة من عدة أحزاب وشخصيات ليبرالية. واختتم عبد الغني: “لن نعلق.. لكن لكل حكم مناخ عام.. هل هناك راشد يضبط هذا المناخ الكارثي قبل يومين من الحدث المنتظر”. فيما وصف حزب الدستور في بيان له ذلك الحكم بأنه “يمثل خطورة على سلامة وأمن المجتمع، وسيتم استغلال الأحكام كأداة للتحريض على استمرار دوامة العنف”، مؤكدا تمسكه بأن “تحقيق الاستقرار وحماية مؤسسات الدولة لن يتحقق سوى عبر إعلاء دولة القانون والالتزام بالدستور وضمان تحقيق العدالة



 

 

اترك تعليقًا