بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على اشرف المرسلين
المرحلة الانتقالية بين التداول والتدوير
بات في حكم اليقين ان المرحلة الانتقالية أمر لا مناص منه ليس قناعةً من جيل الثورة بتبني مبدأ التداول على السلطة من جيل لجيل ، وإنما من باب الضرورات الربانية والقدر الالهي ، فسِن جيل الثورة لن يسمح له بمواصلة القيادة . فأصبح الجميع سلطة ومعارضة مؤمنين بضرورة العبور للمرحلة الانتقالية .
فلقد نادى بها
من الاحزاب :
– جبهة القوى الاشتراكية آلافافاس ( حسين آيت أحمد(
– العدالة والتنمية ( الشيخ عبدالله جاب الله(
– الجبهة الاسلامية للإنقاذ ( الشيخ علي بلحاج(
– حركة البناء الوطني ( الشيخ مصطفى بلمهدي(
– التجمع من اجل الثقافة والديمقراطية ( بلعباس( .
ومن الشخصيات :
الرئيس اليامين زروال – مولود حمروش – احمد بن بيتور – عبدالعزيز بلخادم – سعيد سعدي – طالب الإبراهيمي – علي يحي عبدالنور – الجنرال بن حديد .
إن تفاصيل تلك المرحلة تختلف من شخص لشخص ومن حزب لآخر ومن جهةٍ لأخرى .
فمثلاً :
– يراها حمروش في مرحلة ثمنها ان لا يدفع أحدٌ ثمناً فيها فهي بمشاركة الجميع سلطة ومعارضة ، ففي نظره الجميع اخطأ و من شروط نجاحها أن لا نحاسب أحداً فيها. !!!! .
– الدكتور احمد بن محمد ( اشترط قيادتها من طرف علي يحي عبدالنور(
– بينما الجنرال بن حديد ومعه العقيد شفيق ( اشترط قيادتها من طرف الرئيس زروال (
– في حين يراها الرئيس زروال أمر عاجل الدخول فيه و تتم بانتقال من جيل الثورة لجيل الاستقلال .
– بينما يراها بلخادم إنتقالاً بين الأجيال من جيل الثورة للجيل المخضرم !!! اي لجيل ما قبل الاستقلال ويمكن ان يُطعّمْ بجيل الاستقلال .
وفي الاحزاب :
– آلافافاس لازال مأسوراً في الماضي يراها تتحقق بتشكيل مجلس تأسيسي يلغي الموجود ويبني أسس للعلاقة بين السلطات على قواعد حكم جديدة أو بمعنى آخر هدم الموجود والبناء من جديد .
– في حين تراها الجبهة الاسلامية للانقاذ المنحلة تتحقق في سنة ونصف الى سنتين يُنْجزُ فيها دستوراً توافقي وتقودها كذلك شخصيات توافقية مع عفواً شاملاً خاصة لقياداتها كي تتمتع بجميع حقوقها السياسية .
– بينما تراها حركة البناء الوطني هي أمر حتمي نتجنب اثاره السلبية بحوار وطني لا يقصي أحدا ينتهي لجدار وطني يحمي الثوابت والوحدة الوطنية ويبني على الموجود يطوره ولايلغيه .
– أما سلطة الرئاسة دخلت في تنفيذ تصورها للمرحلة الانتقالية يكون فيها تدويراً للسلطة ، فالحكم ملك يمين تهبه لأجهزة حزبية ووجوهٍ بعضها متورط في فساد والبعض الاخر شاهد على ذلك الفساد أوساكتاً عليه ، و لكي تحمي مكتسب المال والسلطة و الجهة وتحالفهم فتراه لن يتحقق الا في اسماء بعينها من مثل :
احمد اويحي – عبدالمالك سلال – عمار سعيداني – عمار غول – عمارة بن يونس – سعيد بوتفليقة – حمراوي حبيب شوقي – عبدالسلام بوشوارب و من اسماء أخرى ليست بعيدة عن ادارة حملة الرئيس بوتفليقة وكذا من أحزابٍ مروضة صنعت منها الرئاسة ديكوراً للمعارضة .
إن الكثير من هذه الأسماء يعبرون بوضوح وبتكرار مُمِلْ بأنهم رجال دولة ويتنصلون من وصفهم أنهم رجال سياسيين ) و الحقيقة أنهم رجال سلطة ) ، في حين ان أغلبيتهم ينتمون لأحزاب سياسية ، و مفروغ منه أن الجميع سلطة ومعارضة يفترض فيهم أنهم رجال الدولة .
إن رجال السلطة هم في الحقيقة جيل سياسي نشأ في حضن حزب الادارة لا يقاوم موقعه معارضاً ولا يتعايش مع ذلك الموقع ، فقد تعود ان تتكرم عليهم السلطة بمواقع انتخابية وحكومية ولذلك فلا ينتظر منهم أحد أن يقبلوا بسهولة الإنخراط في مرحلة جديدة قواعدها الاحتكام الحقيقي للصندوق الشفاف و مصدر شرعيته مستمدة من الشعب والشعب فقط .
– إن شروط نجاح هذه المرحلة الانتقالية في إعتقادي نوجزه فيما يلي :
– ان تبدأ المبادرات للتواصل والحوار مع الجميع دون إقصاء .
– أن يكون عند الجميع الاستعداد الكامل لعدم التشبث برأي او شخص .
– كل شئ قابل للنقاش ولاقدسية إلا للإسلام والإنتماء للأمة العربية وإبعاد عناصر الثوابت الوطنية عن المتاجرات السياسية او الفئوية والطائفية ، و كذا الحفاظ على الوحدة الترابية ، و حماية الدولة من الانهيار ، و السعي للوحدة المغاربية ، وتحرير فلسطين .
– الجيش الوطني الشعبي سليل جيش التحرير مؤسسة يلتف حولها الجميع ، يقع عليها واجب حماية الوحدة الوطنية ، والنظام الجمهوري ، تحمى لإبعادها من كل التجاذبات التي تثنيها من أداء واجباتها الدستورية .
– التوافق بين جميع الفرقاء وذلك بالإتفاق على الخطوات المقبلة وعدم الاستحواذ عليها من قِبَلِ أي طرف على حساب طرف مهما توقع في نفسه التمثيل الواسع او الشرعية كيفما كان مصدرها .
– وأن هذه المرحلة الانتقالية او القدر الالهي بتعبير أدق يتحقق ببحث رؤى وأفكار وسياسات وممارسات بعيدا عن البحث عن الأسماء والمسميات والوقوف عندها .
– يشرف على المرحلة شخصيات ليست لها خصومات مع أحد ، مشهود لهم بالنزاهة والتجميع ، ليس من حقهم ان يكون لهم اي دور إنتخابي في المرحلة التي تلي المرحلة الانتقالية .
– الاتفاق على وضع آليات جديدة لعمل الادارة وباقي مؤسسات الدولة تتوافق مع ضرورات مرحلة ديمقراطية .
– يجب ان يتفق جميع الفرقاء ان تكسير المؤسسات الحزبية وإلغاء أدوارها المجتمعية ، و تشويه صورتها الشعبية ، من طرف السلطة القائمة ، جعل من الانتخابات و بنفس آليات السلطة ليست حلاً مما يُحتِّمْ على الفرقاء إعتماد فترة زمنية لبناء مؤسسات حزبية ومجتمعية يكون لها الوقت الكافي الذي يمكنها من بناء مؤسساتها و عرض برامجها على الشعب ، بعدها يكون التنافس مبني على أسس سليمة وديمقراطية .
– يسلم الجميع ان صلاح الكون مبني على التدافع ، على القوة والقوة المضادة ، مما يحتم عليهم التعهد بان الدولة تستمر بالممارس للحكم والمعارض له ، وانه بالقدر الذي تدعم فيه الدولة السلطة يجب أن تدعم كذلك المعارضة .
– يجب أن يقتنع الجميع أن إنتهاء مرحلة الشرعية الثورية ، تنتهي معها جميع ممارسات السلطة فيها وأنه لا تسليم لأي أحد مهما كان مصدر شرعيته سوى شرعية الشعب .
تلك بعض شروط نجاحاتها .
لقد قرأنا في التاريخ على تركة الرجل المريض ( الخلافة العثمانية ) وكيف أُقْتطعت منها الأطراف نتيجة ضعف المركز ، وكيف تقدم بها الزمان فتحولت من الخلافة التي لا تغيب عنها الشمس الى إمارة المركز الآستانة ( اسطنبول ) أو ما يعرف حالياً بدولة تركيا .
إن غياب وجوه مبادِرَة ، و مرجعيات تجمع فعاليات وقيادات المجتمع ، قلَّ التواصل بين مختلف القوى ومعه غاب الحوار ،وإنعدَمَتْ الثقة .
– لقد كتبت في مقال سابق لي بان عوامل تهديد الوحدة الوطنية جغرافياً هو منحصر في جهتين ( جهة القبائل و جهة الصحراء او الجنوب ) وحذرت ان يتشكل تهديد جديد للوحدة الوطنية متمثلاً في جهة الشرق او منطقة أوراس )النمامشة ) وأن محطة الانتخابات اذا لم تحسن السلطة المترهلة التصرف فإن غبائيها قد يوقعنا فيه ، وهو ما بدى شبحه يتشكل خاصة بعد تصريحات مدير حملة الرئيس بوتفليقة مؤخراً ، دون ان نغفل التهديد الخارجي الذي سببه الأطماع الخارجية في بعض الولايات الجنوبية الغربية .
– إن الشد بين إرادتين ، إرادة التشبث بالسلطة ، وبين إرادات تطلعات التغيير ، ومع بلوغ التجربة تجربة جيل الثورة مداها ، و امام صم ألآذان من طرف دعاة العهدة الرابعة ، فإنه لامحالة فإن الحوار سيكون في الشارع وعنده يبدأ الانزلاق و سوف لن نستطيع تجنب مخاطره ،
و أخشى ما أخشاه ان يبقى التنافر وتتواصل التجاذبات و تتدخل القوى الخارجية لتأمين مصالحها و تنفيذ مخططاتها بالشكل الذي نفذته لإجهاض ثورات الربيع العربي وحينها تنهار السلطة ومن ورائيها مؤسسات الدولة و ينفك العقد الوطني و يصعب عندها على الفرقاء ان يجتمعوا .
إن الواجب التاريخي ، وكذا حالة الإجماع تجاه مؤسسة الجيش الوطني الشعبي) سليل جيش التحرير ) يحتم عليها ان تدرك ان جزءا كبيراً من المسؤولية يقع عليها لأخذ زمام المبادرة والتواصل مع الجميع وإيجاد التوافق الكافي بين جميع الفرقاء وتكون هي الضامن لتنفيذ بنود التوافق للعبور للمرحلة الانتقالية التي تحمي الوحدة الوطنية وتُسلِّمْ الجزائر موحدة لجيل الاستقلال كما إستلمتها من جيل الشهداء مصونة موحدة ملتحمة و حينها فقط يتم إنتقال سلمي للسلطة و بسلاسة .
أو لا قدر الله يبقى الجيش في موضع المتفرج فينتهي به القدر ، ويستلم جيل الاستقلال البلد مفككة و منقسمة !!!
– ذاك هو التحدي في وجهك أيتها المؤسسة العسكرية وذاك هو واجب الوقت