قد هزني و راعني خبر تلك المحكمة الهزلية للأبرياء في حكم أقل ما يقال عنه أنه تعرى من كل إنسانية و أظهر قبحه و احتقاره لكل المواثيق و الأعراف الدولية عدد 529 تمل عده الألسنة لكن الظالم المستبد اتخذ قرارا لا حكما و كأني بالقضاء المصري قد أمضى شهادة وفاته و أعاد تاريخا مضى لدعاة علقوا على حبل المشانق ذنبهم أن عشقوا الحرية ورفضوا حياة العبيد حياة الذل و المهانة و قد وختموا حياتهم وهو في طريقهم إلى حبل المشانق بابتسامة مشرقة حتى قال الشاعر في هذه الابتسامة العجيبة الهادئة للشهيد صاحب الظلال:
يـا شهيداً رفـعَ الله بـه … جَبْهة الحقّ على طول المدى
سوف تبقى في الحنايا عَلَماً … حادياً للرّكب رمزاً للفِدى
ما نسِينا ، أنت قد علّمتنا … بَسْمة المؤمن في وجهِ الرَّدى
ثم يعلمنا سيدا أن الحر يصنع موتته حين سأله أحد إخوانه : لماذا كنتَ صريحاً كل الصراحة في المحكمة التي تملك رقبتك ؟! قال الأستاذ سيّد : “لأن التورية لا تجوز في العقيدة ، وليس للقائد أن يأخذ بالرّخص ”
إن التاريخ حافل بأمثالهم و تاريخ الجزائر سجل صورا مضيئة فهذا الشهيد شهيد المفصلة زهانة يرددها مدوية في وجه المستعمر الظالم ليعلمهم أن عشقا للحرية ثمنه أرواح زكية ترتفع لبريها في طهر الملائكة و قد صورها شاعر الثورة مفدي زكريا في أروع أبيات ظل الجيل بعد الجيل يرويها :
وتعالي مثل المؤذن يتلو كلمات الهدي و يدعو الرقود
صرخة ترجف العوالم منها ونداء مضي يهز الجودا
اشنقوني فلست اخشي حبالا و اصلبوني فلست اخشي حديدا
وامتثل سفرا محياك جلادي ولا تلتثم فلست حقودا
واقض يا موت في ما أنت قاض أنا راض إن عاش شعبي سعيدا
أنا إن مت (فالجزائر) تحيا حرة مستقيلة لن تبيدا
هلك الجلاد و الشانق و المجرم و المستعمر و بقت مآثر الشهداء فارتفعت أعلام الحرية و داع صيت الدعوة فتجاوزت الأفاق و الحدود و أصبح لها في كل قطر راية لأنها سقت بأرواح السعداء و أن أكلها ليس المنال و النصر إلا صبر ساعة .
وصدح بها الإمام حسن البنا منذ عقود يقول أيها الإخوان…في صراحة ووضوح :
” أيها الإخوان … إذا فتحت لكم السجون وعلقت لكم أعواد المشانق فاعلموا أن دعوتكم بدأت تثمر “ وأثمرت اليوم وأصبح لها نبض في قي كل المحافل و أصبح الصغير والكبير و المتثقف و العامي يحلم بعدما فقد الأمل و أصبح اليأس عنده خيانة و الخمول جناية في حق الفكرة
و لكن النداء يبقى لشرفاء العالم وعلماء الأمة و جمعيات حقوق الإنسان و المنظمات الدولية ليتكون لها كلمتهم في حق كل المواطنين المصريين بما فيهم المتهمين بغض النظر عن انتمائهم السياسي لهم الحق في محاكمة عادلة والدفاع عن أنفسهم بشكل كامل، وذلك إعمالا بنصوص الدساتير و المواثيق فالحرية للشرفاء .
و الله أكبر و لله الحمد الجزائر 29 / 03 /2014