حتى تتوقف غوغل عن الاساءة للاسلام

 

زال الناس يستحضرون ما أقدم عليه بعض الموتورين عام 1433هـ/2012م من إنتاج وبثّ فيلم خاطئ كاذب عبر اليوتيوب – غوغل، قصدوا به الإساءة لنبي الله محمد {عليه الصلاة والسلام}، من خلال تشويه الحقائق وادعاء الأباطيل، ولذلك أنكره أهل الإسلام، وأنكره كل محب للحق والعدل·
وكان من ضمن الخداع والكذب الذي تضمنه الفيلم: مخادعته لإحدى الممثلات () وكذلك التحريف في السيناريو والعبارات، وقد بادرت الممثلة بإعلان وتوضيح الحقائق وقدمت اعتذارها للمسلمين، ورفعت دعوى قضائية ضد منتجي الفيلم، وأنها تعرضت لعملية خداع من المنتج، كما اعترضت على شركة غوغل التي من خلال موقعها يوتيوب انتشر الفيلم في العالم مطالبة بحذفه، وعرضت الدعوى أمام أكثر من محكمة أمريكية، وأسفر ذلك عن حكم صدر عن الدائرة التاسعة بمحكمة الاستئناف الفيدرالية في سان فرانسيسكو بالولايات المتحدة الأمريكية، يقضي بإلزام شركة غوغل المالكة لموقع يوتيوب بحذف الفيلم المسيء للنبي محمد – عليه الصلاة والسلام – (براءة المسلمين) من موقع يوتيوب وإزالته تماماً· وقد تناقلت وكالات الأنباء هذا الحكم القضائي على نطاق واسع·
وهذا الحكم القضائي ينظر له من عدة محاور:
1/ التقدير لموقف المحكمة المشار إليها، مع أهمية أن تنظر للقضية بشمولية أكثر، من جهة إساءة الفيلم لنبي كريم {صلى الله عليه وسلم}، وإساءته لأتباعه والمؤمنين به، وبالنظر كذلك لما يسببه هذا العمل من انعكاسات سلبية على مصالح الدول، وتمثل هذا بما تعرضت له مصالح ومنشآت وأشخاص غربيون للاعتداء، وهذه أعمال عدوانية مرفوضة، حرمها النبي الذي افترى عليه منتجو الفيلم، {صلى الله عليه وسلم}·
2/ إن دعوى شركة غوغل التي دفعت بها أمام المحكمة بأن الإلزام بحذف الفيلم (تقييد لحرية التعبير) دعوى يجب التوقف عندها لدى دول العالم الإسلامي، فهي تبين تساهل الشركة بمعتقدات المسلمين والإساءة إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وهذا يوجب البحث في الكيفية المناسبة لإجبار غوغل على التزام احترام رسول الله محمد وسائر الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، وهذا ممكن من خلال عدة وسائل، مثل: رفع الدعاوى القضائية ضد شركة غوغل الأم أو فروعها وممثليها في الدول الإسلامية أمام المحاكم الدولية والمحلية، أو من خلال حظرها في الدول الإسلامية، وتشجيع محركات البحث الأخرى وإشهارها·
والمقصود أن يتدارس الخبراء في الدول الإسلامية كيفية ردع الشركة المذكورة عن التمادي في الإساءة للإسلام أو للرسول عليه الصلاة والسلام، وأن تُخضع تلك الإساءات لجرائم المعلوماتية·
3/ ينبغي عدم الاكتفاء بحذف غوغل للفيلم المسيء فحسب ؛ بل يتوجب إلزامها بتصحيح ما أخطأت به، فكما نشرت الباطل والكذب، فيجب إلزامها بنشر الحق والصدق، ويكون ذلك بتقديم المعلومات الموثقة من مصادرها عن رسول الله محمد {صلى الله عليه وسلم} وعن أخلاقه الكريمة وشمائله الشريفة، ويكون ذلك بجميع اللغات التي تتيحها غوغل على محرك البحث فيها، من خلال إعلان ترويجي تتكفل به على الصفحة الرئيسية، والصفحات الفرعية·
وحيث إن شركة غوغل تستهدف في الأصل التجارة والاستثمار، حيث تصل عوائدها إلى إلى مئات الملايين سنوياً، وتطمح لرفعها في المستقبل القريب إلى أرقام عالية حسب مجلة بيزنس ويك الأمريكية؛ فإن الإجراءات القضائية والتجارية ستلزمها بالكف عن مثل هذه الإساءات للجناب النبوي الشريف·
4/ لا ريب أن المسلمين جميعاً يرفضون الإساءة للنبي {صلى الله عليه وسلم}، وكل تقصير في نُصرة النبي صلى الله عليه وسلم فهم ملومون عليه، يلحقهم به النقص والمؤاخذة، وقد عاتب تعالى في كتابه الكريم من تخلف عن نصرة نبيه محمد عليه الصلاة والسلام ومؤازرته ومواساته، ممن كانوا في زمانه أو من يأتي بعدهم، فإن نفسه الشريفة أعظم نفس من الخلائق، تٌفتَدى ويُبذل من أجلها الأرواح والمهج وكُلُّ غالٍ ونفيس، قال الله جلَّ وعلا: (مَا كَانَ لأَهْلِ الْمَدِينَةِ وَمَنْ حَوْلَهُمْ مِنَ الأَعْرَابِ أَنْ يَتَخَلَّفُوا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ وَلا يَرْغَبُوا بِأَنْفُسِهِمْ عَنْ نَفْسِهِ) [التوبة:120]·
والمتعين على الجهات التي تمثل مثل: منظمة التعاون الإسلامي، ورابطة العالم الإسلامي، والمنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة (إيسيسكو)، والأزهر، وغيرها من المنظمات أن تتبنى مبادرة تحقق هذا المطلب، مع إشراك الوزراء المعنيين، وفق ما أشرت إليه فيما سبق من حظر محرك غوغل ومقاضاتها، وبخاصة أن المنظمات الدولية السياسية لا تزال منصرفة عن تبني قوانين تمنع الإساءة للأنبياء والرسل، برغم تكرر دعوتها لذلك·
وأشهر هذه الدعوات التي يجدر البناء عليها: ما تبناه خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز من مناشدة لعقلاء العالم بمنع الإساءة للأنبياء، وذلك إبان زيارته الأخيرة للمدينة المنورة، ثم أكد دعوته في مكة المكرمة حيث قال: (من مكاني هذا وبجوار بيت الله الحرام أطالب هيئة الأمم المتحدة بمشروع يُدين أي دولة أو مجموعة تتعرض للأديان السماوية والأنبياء عليهم الصلاة والسلام وهذا واجب علينا وعلى كل مسلم تجاه الذود عن حياض ديننا الإسلامي والدفاع عن رسل الحق)·
وبعد: فنسأل الله أن يوفق المسلمين جميعاً للقيام بحق نبيه الكريم، وأن يرزقنا جميعاً حسن الاقتداء به، وتعريف البشرية بما جاء من الهدى والنور والسلام في الدارين: (لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ) [التوبة: 128]·
د· خالد بن عبد الرحمن الشايع

 

اترك تعليقًا