أردوغان يضرب بقوة بقلم محمود إبراهيم صديق

 

 

استطاع أن يقصم ظهر أتاتورك.. أفكارهم المسمومة ودعواتهم لإسقاط الدولة.

استطاع أن يضع كل المتآمرين في ركن ضيق موجهًا إليهم ركلاته.

عندما تتحقق الإدارة والقيادة في “كاريزما” الشخص القادر مع شعب يفهم أين يضع أقدامه وكيف ينتزع حريته.. فأنت تحدثني عن (رجب طيب أردوغان).. قبل أن تطالبني بتقويم الأداء وإدارة المرحلة بين إدارة أردوغان وإدارة الرئيس مرسي، مدركًا أنه من حقك أن تطالبني أن نتحدث في النقطة الشائكة التي قد تتبادر لأذهان الجميع أنها ارتباط بالحدث، لكن دعني أفاجئك أننا لا نستطيع حتي لا تذهب الأذهان بعيدًا في عقد المقارنات ونجد انفسنا سندانا يدق علي قادتنا في مراحل بالغة التعقيد في عمرالدعوه .

من الخطأ وضع التجربتين في ميزان واحد فالتوقيت يختلف و عناصر الصراع مختلفه والوقائع علي الارض ومعطياتها تختلف حتما .فثمه خطأ استراتيجيا ان نقوم مرحله وتجربه لم نتنهي بعد ..فقط حتي نتحدث في مستوي الاحتراف الذي ننشده من الجميع لادراك طبيعه المرحله والياتها لكني بالطبع سوف اضع رؤيه لفواصل كثيره نستطيع ان نبني عليها للمرحله القادمه وسوف اتحدث مباشره في مقاطع مختلفه وبلا خجل لمعرفه ابعاد الاحداث لكن دعونا نفرح بنصره الله تعالي لدينه في توقيت ضاقت الصدور وتعبت الارواح في جهادها للظلم والطغيان …عندما تقرأ معي معاني الحديث الشريف في قول الحبيب المصطفي صلي الله عليه وسلم .

لَا تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي عَلَى الْحَقِّ ظَاهِرِينَ لَعَدُوِّهِمْ قَاهِرِينَ لَا يَضُرُّهُمْ مَنْ خَالَفَهُمْ إِلَّا مَا أَصَابَهُمْ مِنْ لَأْوَاءَ حَتَّى يَأْتِيَهُمْ أَمْرُ اللَّهِ وَهُمْ كَذَلِكَ”. قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَأَيْنَ هُمْ؟ قَالَ: “بِبَيْتِ الْمَقْدِسِ وَأَكْنَافِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ، وهذه رواية أحمد….سوف اتوقف عن التعبير والفرح لنصره الحق فقط لاصنع صوره حسيه نعيشها جميعا مع ربطنا لكلمات الحديث الشريف وما يحدث الان ….سوف اتجاوز الحديث عن السياسي الاكثر نجاحا في العالم و الذي خرج من السجن ليقاوم دوله العلمانيه فجميعنا يعرفه ويعرف كيف انتقل باسطنبول في خمس سنوات الي مدينه عالميه ومقصدا سياحيا مهما في تركيا قبل ترشحه لمجلس الوزراء.

لكن الشاهد هنا هو ان الشعب التركي الذي خرج بنسبه 92% للتصويت في الانتخابات وعلينا ان نتوقف كثيرا عند تلك النقطه وهي اصرار الشعب علي ان تكون له الكلمه العليا متجاوزا كل المؤامرات والدسائس وحالات الكر والفر بين الخصوم السياسيين التي تعدت حدود الاخلاق من اجل اسقاط الرجل .لقد تجاوز الشعب احتمالات تدخل الدبابات و الجنود الي الشوارع ونزل ليقول كلمته عبر الانتخابات مدافعا عن حريته وقراره بكل اقدام .

 الفرصه الان قائمه امام الشعب المصري فلم يعد هناك مكانا لمغيب ولم اعد التمس عذرا بدعوي التغييب فكل بيت في مصر اصبح جاره اما شهيدا او معتقلا او مطارد . الفرصه قائمه لان يضرب الشعب مثلا يعبر فيه عن حضارته وعن سلوكه وعن فهمه للاحداث وعن ادراكه لتبعات الانقلاب العسكري …. قبل ان تلقي باللوم علي جماعه الاخوان المسلمون امام ما تحقق من نجاح كبير في الدوله التركيه ومع ادراكك بأن الصراع مازال قائما من اجل الحريه فدعني اضع نقاط مهمه اقترب بها من النقطه الشائكه التي ذكرتها في بدايه مقالي لعلها تكون رؤيه لمن يريد ان يحلل الحدث ….قبل ان تجلس منفردا بتحليلك معلقا علي قرارات قادتك اريد ان اضع مفاهيما تقربك اكثر من دوائر صنع القرار و ادراك الضغوط التي كانت تواجهها .

قبل ان تراجع الجماعه في قرار ترشحها زاعما ان التجربه التركيه بدأت من اداره البلديات . عليك ان تدرك ان المجموع الجمعي لجماعه الاخوان المسلمين عبر تاريخها ومنذ نشأتها من منجزات وتضحيات من اجل الوطن وجهد لابنائها في أعمال الخير والبر في المجتمع والمجالس النيابيه والنقابات لا ينكرها الا حاقد او جاحد كفيله بأن تشكل رأي عام قوي وسوادا أعظم حول الجماعه ظهر ذلك قياسا في انتخابات مجلس الشعب  2005 فقد حصدت الجماعة 60% من الأصوات في الجولة الأولى غير المزورة، ذلك قبل أن تعلق على إستراتيجية أردوغان في بدايته من حاكم لبلدية وحتى رئيسًا للوزراء إلا أن المفاجأة كانت في مواجهتنا لإعلام لا يعرف الشرف يحاول دائمًا أن يختزل التاريخ إلى مشاهد متأخرة ليلصقها بالعقول وإن كنا ندرك أن الجماعة افتقدت في أوقات كثيرة لاحتراف التسويق الإعلامي لمنجزاتها وأعمالها والكوادر الإعلامية الخشنة التي تستطيع أن تقتحم الواقع.

التوقيت العصيب الذي لم يعطِ لنا الفرصة في استكمال جاهزيتنا لإدارة البلاد واعتماد الكوادر المعدة سلفًا للأماكن الإدارية، وهنا أقول إن الجميع كان في موقف إدارة المجهول فأسرار الدولة لا يمتلكها المسئولون الجدد، ولكن أيضًا هنا أتوقف قبل أن تعلق على الكاريزما السياسية للزعيم أردوغان دعني أقر بأننا لم نتفهم سيكولوجية الشعوب العربية التي تبحث عن الكاريزما دومًا فسابق كل من حكموا تلك الشعوب كان ديكتاتورين كما في الحالة المصرية. 

فغابت عن إدارة الرئيس مرسي الشخصيات التي تصنع الفارق وتحمل الرقم صفر في المعادلة وتستطيع صنع القرارات الناجزة تمتلك القدرة على الحسم السياسي في الأوقات العصيبة.  

السياسة المثالية التي قدم نموذجها الرئيس مرسي في إدارته للدولة فهو بحق رجل أتعبته مثاليته اندمج طموحه بتحرر الوطن واستقلاليته مع حبه للشعب الذي عانى كثيرًا من الظلم والقهر، وعلينا أن نقر جميعًا أننا أخطأنا وأصاب هو، وإن اختلف معي الكثير؛ هو من فهم طبيعة الشعب وحاول أن يحنو عليه ولكنها قلة من النخبة العفنة استطاعت أن تغتال كل أعماله قبل نجاحها، وأمام اختبار صموده الآن ونرجو الله له الثبات في سجنه، فأنت أمام زعيم قادر يمتلك الجانب الآخر من الصلابة والقوة في الثبات في الأوقات الصعبة والحكمة والتريث في اتخاذ القرارات، وهذا ما لم يكن يعرفه الكثيرين عن الرجل. 

لم يكن يستطيع أن يضرب بالعصا الغليظة أمام مراهقة المعارضة وصبيانيه السياسيين والمتنطعين والمأجورين وأصحاب المصالح؛ فما بين ضغوط لحفاظه على كيان الدولة من الانهيار ومطالبات بالإصلاح والتطهير واتهامات تكال ليلًا ونهارًا بات الزعيم محاصرًا طول الوقت.

وهنا أضع القارئ أمام تصور ماذا لو كان الداعون لتظاهرات يونيو يمتلكون النضج السياسي ونزلوا لدعم الرئيس ومطالباته بالتطهير وكانوا ظهيرًا شعبيًّا أمام الدولة العميقة.

 

ما منع الانقلاب العسكري والمؤسسي على أردوغان هي نقطة المقاومة التي تمنع حدوث أي عمل انقلابي من مؤسسات الدولة، فالشرفاء من أصحاب الأيدي البيضاء موجودون في قطاعات عديدة من الدولة التركية وفي مراكز صنع القرار أيضًا. 

على عكس الحال في مصر على مدى ثلاثين عامًا والبلاد تجرف من العقول النابهة الأماكن القيادية تخلو بشكل أو بآخر من الشرفاء؛ فمراكز صنع القرار في الدولة المصرية كانت حكرًا على الموالين لمبارك.

 –  ثقافة الشعوب التي تتفهم طريقها وتعبر مع قادتها وتدرك أن الفترات الانتقالية في عمر الأمم من أصعب الفترات التي تواجهها الإدارات السياسية وخاصة مراحل ما بعد الثورات.

استطاعت النخبة العفنة في مصر أن تفصل الرأي العام المصري عن ثوابت العمل السياسي وتتركه ضحية لآلهة الإعلام المتسلطة حتى وصل الحال بنا لأن يكون بيننا من يتراقص على دماء الشهداء تنكيلاً بهم لمجرد خصومة سياسية. 

أضف لهذا ما كان مفاجأة للإدارة السياسية للرئيس مرسي ولجماعة الإخوان المسلمين بأن تكون الحماقة السياسية من هؤلاء لهذا الحد الذي يتناسى فيه البعض الأخلاق ويتجاوز به هؤلاء كل الأعراف والتقاليد والخطوط الحمراء، وما يزيد الطين بلة تلك الازدواجية المجحفة في المواقف والقرارات التي تبنى على الخوف والجبن من المواجهة مع العسكر، فما كانوا يثورون به على الرئيس سابقًا له أكثر من مبرر باسم السياسة الآن.

لن أدعك تدفن رأسك في التراب أمام قطاعات عريضة من هؤلاء؛ فالديمقراطية ليست حاكمًا ديمقراطيًّا يجهز لعملية اقتراع حر وإنما شعب أيضًا يؤمن بأن حريته عملًا لا ينتزع منه ويضحي من أجله بكل ما يملك.

أنت أمام نخبة فقيرة لمبادئ السياسة تجد منهم مسئولين في مكاتب سياسية ومتحدثين رسميين يدركون أنه انقلاب عسكري، ومع ذلك ينتظرون التشاور في شأن من سوف ينتخبون، فقد أضع حقائق تجدها يوميًّا على شاشات القنوات الفضائية فالكثير لا يفهم أن إدارة الرئيس مرسي تقيم على أنها إدارة سياسية لا لتحاكم بديلاً عن نظام مبارك ومعه جماعة الإخوان المسلمين. 

أمام ما سبق كان حتمًا أن يمر المجتمع بمرحلة شديدة المخاض ليميز فيها الخبيث من الطيب وأن تختبر فيها الجماعات والقوى في عقيدتها وصبرها، وأن ينتج عن هذا المخاض أناس يدافعون عن الحق وينتصرون له لا يضرهم ممن خذلهم ويمضون بقوة إلى الأمام، راجين النصر من الله تعالى. 

وهنا أتجاوز بحديثي كل من نعلق عليهم الاصطفاف معنا ونتحدث بخطاب جديد إلى الشعب في مناسبة انتصار الشعب التركي وضربه المثل في الرقي والإصرار على حريته واستقراره.

 

إن شعبنا أمام اختبار كبير في أن ينتزع حريته المسلوبة وأن يقف صامدًا أمام تجبر فرعون وأن يلفظ النخب العفنة التي شوهت افكاره ومنطقه، وباتت تبرر لكل شيء، وأن ينتفض المارد من جديد ليكسر جدران السجون غير عابئ إلا بحريته وشرعيته وحقه في الوجود في وطن كريم لا تساق فيه الجماهير كالأنعام.

غدًا سوف تعود الثورة أقوى من بدايتها

اترك تعليقًا