شح الأمريكان؟ !

سليمان شنين

شح الأمريكان؟ !

بث التلفزيون الجزائري جزءا من محادثات الرئيس المترشح عبد العزيز بوتفليقة مع جون كيري كاتب الدولة للشؤون الخارجية الامريكية، وقد ظهر الرئيس في كامل وعيه ودبلوماسيته المعهودة لولا انخفاض الصوت الناتج عن المرض ومعاناته معه.

نعم كانت ردود الرئيس ومطالبه للضيف واضحة جلية، فالجزائر تريد التعاون في الاستخبارات والمعلومات في وقتها وحينها، وتريد تعاونا صريحا في موضوع الصحراء والساحل الإفريقي.

ورغم تجاوب الضيف مع هذه المطالب، إلا أن الرئيس عقّب بعبارة “نحن نعطيكم كل شيء وأنتم أشحة معنا”.

الرئيس كان يعي جيدا، وخاصة أن كيري كان قد التقى في أعالي العاصمة في وجبة عشاء مع أحد خصوم الرئيس السياسيين، وسمع منه الكثير في تحليله ورسائله سواء كانت من طرف المسؤول السابق، أو ممن يكون قد حمل رسالتهم وهم كثر، سواء من داخل النظام أو خارجه. ولهذا حاول الرئيس أن يلبس لباس المدافع على جهاز المخابرات والمدافع عن الأمن بدل اللباس السياسي أو الدبلوماسي، من أجل الرد على خصومه الذين يعتبرون اعتلاءه لمنصب الرئاسة تهديدا للأمن والاستقرار.

حدة بوتفليقة كانت بسبب انزعاجه من هذا اللقاء، بل حتى إنه لم يرحب بكيري باستضافته في الجنوب الجزائري، وربط ذلك بنيل جائزة نوبل للسلام التي تكاد تكون مستحيلة في ظل التعنت الاسرائيلي وتعثر مسار السلام في الشرق الأوسط.

الأمريكان بدورهم فهموا رسالة الرئيس وسارعوا إلى نشر تصريحات كيري في الصفحة الرسمية لوزارة الخارجية، حتى لا يتاجر بموقفهم المعبر عنه، فحاولت وكالة الأنباء الجزائرية التلاعب به فاستبدلت فقرة “نتطلع لانتخابات شفافة ومتطابقة مع المعايير الدولية، والولايات المتحدة الأمريكية ستتعاون وتتعامل مع الرئيس الذي ينتخبه الشعب الجزائري، من أجل المستقبل الذي تستحقهُ الجزائر وجيرانها، “بعبارة” ارتياح الولايات المتحدة لشفافية المسار الانتخابي في الجزائر” والفرق بين العبارتين شاسع وبيّن.

كيري كان شحيحا مع الرئيس في عدم إعطاء الدعم الكافي له، وخاصة أن عبارة المعايير الدولية لا يمكن للوفود الإقليمية الحاضرة أن تثبتها أمام غياب المؤسسات الامريكية من المجتمع المدني المعنية بمراقبة الانتخابات، وكذلك الاتحاد الاوروبي الذي اكتفى بإفادة خبيرين لهذه المهمة.

بوتفليقة بحنكته يدرك هذا جيدا، ولذلك سوف لن يغامر هذه المرة، وسيعيد قراءة رسالة كيري بوضوح، ولن يهتم كثيرا بما سارع إليه محيطه في تأويل رسالة الزيارة.

الجزائر مقبلة على حراك دبلوماسي من نوع خاص، ينضاف إلى الفتور الشعبي والعزوف الكبير على الحملة الانتخابية في أسبوعها الثاني.

 

اترك تعليقًا