خطر التشكيك

ارتفع منسوب خطاب التشكيك في شفافية الانتخابات القادمة، لدرجة تنامى فيها عند بعض العقلاء المطالبة بتأجيل الانتخابات، وأصبحت الانتخابات زيادة في التأزيم وليست حلا لمشاكلنا وأزمتنا السياسية التي تشهدها البلاد.

والمشكلة أن كل طرف يتهم الآخر بأنه هو المشكك والمغذي لثقافة التشكيك، فالمعارضة ترى أن أكبر مظهر لعدم نزاهة الانتخابات، كان من خلال سعي دعاة الرابعة لفرض الرئيس على الشعب،وهو ما أظهره الخطاب الذي يسوقه هؤلاء،مرتكزاعلى القوة والتخوين،خطاب مقايض بين استمرار الرئيس أو عدم الاستقرار،بل تعدى لدرجة أننا بدون الرئيس بوتفليقة سوف لن تكون هناك أمطار

أما المعارضة المشاركة في الانتخابات، فهي ترى أنها فائزة قبل يوم الانتخاب، وأن أي نتيجة عكسية فهي ناتجة عن تزوير مكثف قامت به السلطة. وخلال الحملة الانتخابية قام بعض المرشحين المنافسين لبوتفليقة و خاصة علي بن فليس ،الذي يعلن كل مرة بأنه الفائز، وأنه لن يسكت عن غير هذه النتيجة، مما جعل البعض يستغرب في هذا الخطاب الغير مستعد -لا نفسيا و لا سياسيا-إلالهذه النتيجة، خاصة أما موجود اصطفاف جهوي معه، يعرف جيدا خطورته وانعكاساته على الدولة و المجتمع.

دعاة الرابعة بدورهم يتهمون المعارضة بأنها تبنت خطاب الاستهزاء بالاستحقاق الانتخابي المقبل وبأهم مرشحيه، وأنها هي التي بادرت بالاعتماد على هذا الأسلوب المرفوض سياسيا،وأن المعارضة تسعى إلى خلق أزمة وزرع فتنة في الشارع الجزائري، وخلق حالة من الفوضى في الجزائر يصعب التحكم فيها.

تبادل الاتهام يجعلنا  نتخوف من إمكانية استنساخ تجربة ساحل العاج في انتخاباتهم الرئاسية السابقة، والتي شهدت تنافساو انقساما شعبيا كبيرا، ذهب ضحيتها لمئات من المواطنين. فبالرغم من أن كبار ضباط الجيش الإيفواري ساندوا غباغبو، وانقسم الجيش بين مؤيد للحسن واتارا ومعارض له ولكن لم يكن دعم الجيش كافيا لحسم المعركة الرئاسية.وكنتيجة لهذه التجاذبات السياسية انتشرت أعمال العنف و إطلاق النار في مناطق مختلفة من البلاد، بما في ذلك مدينة أبيدجان العاصمة الاقتصادية المهمة للبلاد، إلا أن التدخل الدولي و الفرنسي و خاصة العسكر يحسم الأمر لصالح حسن وتارا، والذي أدى فيما بعد دورا محوريا في الاستراتيجية الفرنسية، وحقق كثيرا من المكاسب الجيوحيوية.

وفي المقابل في أمريكا اللاتينية وبالضبط في فنزويلا كان الصراع السياسي على السلطة مدعوما بقوة من الخارج ،وهو الصراع الذي تمتد جذوره، ويمتد الاستقطاب الخارجي حوله إلى سنوات حكم شافيز،مع فارق شديد هو أن خليفتهما دور وظهر بصورةباهتةعلى جميع المستويات، ولايمتلك الكاريزما و لا التاريخ النضالي لشافيز،ولكن رهانه الفئوي على الفقراء الذي خلفها لنظام السابق،هو الذي جعل منه يتحكم في المشهد ولو بشكل مؤقت.

إن هذه الأمثلة ليست بعيدة عما نشهده، إن لم يتدخل العقلاء و يسعون إلى التهدئة و التعقل ،فالجزائر فوق الرؤوس و الرؤساء

اترك تعليقًا