الشيعة و السنة و مشروع الأمة


إننا إذ نتفق على خطورة المشروع الإيراني الصفوي الذي ينطلق من اعتبار أهل السنة هم الأعداء الذين يجب محاربتهم قبل اليهود والنصارى ، وما شعارهم ” لبيك ياحسين ” الا نداء لتلبية قتال أهل السنة ، وهم يصورون لشعوبهم أن أهل السنة هم أمثال صدام والقذافي ومبارك وزين العابدين ومن شاكلهم من الحكام الظلمة الذين يشبهون في ظلمهم للشعوب ظلم معاوية ويزيد وزياد وهم من هذه السلالة

، لكن ما يزعجهم ويقلب الصورة لديهم هو ظهور زعامات لأهل السنة من حركات إسلامية يمكنها ان تستلم الحكم وتعطي الصورة الأنصع للاسلام وللمذهب السني ، وحين تمتلك المال والإعلام تبدأ المقارنة ، حينها يبدأ المذهب الشيعي في الإنحسار ، ويعرف حجمه الحقيقي ، لأن مايغري الناس اليوم في أهل الشيعة هو القوة والتحدي والمال وامتلاكهم لدولة داعمة وهي حقيقة عناصر قوة يجب أن تكون رافدا للمشروع الإسلامي العام لا وسيلة لمحاصرة أهل السنة في العراق ولبنان ، وسيفا على رقابهم حين تعجز المقاومة اللبنانية على نجدة غزة أثناء حرب حجارة السجيل والفرقان، ثم بعض المسائل الفقهية التي حلت كثير من عقد الشباب في إطار الإباحة والتيسير . وهم ينتشرون بشراء الذمم والإغراء بالمال ، والمداهنات السرية للعدو الإسرائيلي ، بفتح استثمارات في إيران قدرت ب30 مليار دولار ومايزيد عن 200 شركة ، ويوجد في إيران 200 معبد ، وفي إيران أكبر التجمعات اليهودية وقد قدر عددهم بـ 30 ألف ، يهودي ويوجد في دولة الكيان الإسرائيلي 200 ألف يهودي إيراني يشرف عليهم الحاخام الأكبر في إيران ، وهم يشتغلون بالتجارة والمقاولات والسياسة . ورغم هذه المعطيات والحقائق المرة لأهل الشيعة التي يتبناها كثير من المرجعيات ، لكن الشعوب في العموم على غير هذا المذهب العدائي المفرط ، ولهذا كان لزاما لأهل السنة من تفادي الدخول في السجال ولا حرب الإستنزاف معهم ، لحساب معارك أكثر تهديدا لجسم الأمة لا يفرق بين شيعها وسنييها مع الصليبيين واليهود ، والتي كانت ومازالت هي المعركة الحقيقية التي يجب أن تبذل فيها الجهود وتجتمع لأهلها الصفوف ، وقد حقق المسلمون فيها انتصارات عظيمة عندما تناسوا الخلافات في إطار المشروع الإسلامي الكبير .
وقد كانت العلاقة حميمة مع إيران وحزب الله قبل الربيع العربي عندما كانوا يحتكرون زعامة المشروع الإسلامي من خلال الدولة القائمة ، ومساهمتهم في المشروع الجهادي من خلال الحزب ، وبداية اتساع رقعة انتشارهم في المساحات التي أتاحتها لهم الدول الغربية في العراق وسورية ولبنان واليمن ، لكن بعد الربيع تجلت روح العداء بدعمهم للسيسي وبشار والمالكي للوقوف أمام المشروع الإسلامي السني ، الذي أظهرت له الحركات الإسلامية القدرة الهائلة لإمكانية إحداث النهضة والإقلاع الحضاري ، تنبأ رائد النهضة الماليزية الدكتور مهاتير محمد وعبر عن ذلك عندما وصف الرئيس محمد مرسي” بأنه قد حجز لنفسه مقعدا في قائمة الزعماء ، وأنه كان يشتغل لأجل نهضة قد تنقذ ثلث العالم من الفقر، وان الغرب واليهود كانوا يدركون أن بقاءه في الحكم ثماني سنوات كافية لقيام هذه النهضة” . فاستعجلوا الإنقلاب عليه . ولن يكون هذا الإنقلاب حالقة للمشرع بإذن الله ، وإنما هي خطوة الى الوراء من أجل الوثبة االقوية العملاقة ، والتي تؤكدها اليقضة الجماهيرة الكبير والهبة الإعلامية والفكرية والتضامن الواسع لشرائح جديدة من المجتمع ، مع تأكيد كثيرا من الدوائر السياسية الغربية عن رفضهم لهذه الردة عن الديمفراطية والحرية وحقوق الإنسان والتعامل بمعايير مختلفة مع الأنضمة والشعوب فضحتها الأزمة الأوكرانية . كل ذلك ينبئ بهذه الوثبة التي نتنبأ بها .
وحينذاك يجب أن تكون في أجندة اولويات الحركة السنية هو ردم الهوة التي صنعها المشروع الشيعي ، ويقع عبئ المسؤولية على أهل السنة لتفادي حرب داخلية خطط لها أعداء الأمة طويلا ، وهم يقتربون اليوم من حصاد النتائج قدر مسافة طريق وصول المتطوعين الشيعة الى مدينة الموصل .
لقد أفرحني كثيرا لقاء المرجعيات الدينية الشيعية وبعض قيادات الإخوان في لندن ، وبداية تقارب بين إيران وحماس ، وعدم استدراج الإخوان في اليمن الى استفزازا الحوثيين ، وأعتبرت ذلك فطنة وذكاءا وخطوة مهمة يجب أن تتلوها خطوات اخرى ، من لقاءات دبلوماسية وملتقيات وزيارات وأعمال مشتركة ، وتكون مدعاة لتوحيد جهود الأ مة دون شرط انصهارها في بوتفة واحدة فالتعاون والتنسيق والتحالف والإتفاق على القضايا الكبرى ، وعلاج المسائل الخلافية في اطر جانبية لا ثؤثر على خطي السير العام ، كل ذالك يؤسس الى استثمار إمكانات الأمة ، والى تمكين مؤكد للمشروع الإسلامي العام . انني أعتقد أن الشعوب المسلمة بمختلف مذاهبهم وطوائفهم بعيدون عن التعصب والتطرف الذي لبس بعض القيادات القائمة على أمر هذه الأمة ، وهي الفئة المستهدفة من طرف الإستخبارات الامريكية والصهيونية من أجل لي ذراعها وتطويعها لصالح المشروع الصهيوني الغربي ، وانجر من ورائم كثيرا من المرجعيات الشيعية ، وبعض المراجع السنية الموالية للأنظمة الإستبدادية لكن العاقبة للشعوب والمجتمعات المدنية والمفكرين وأهل الرأي والطبقة السياسية النزيهة والشباب الثائر الذي تعلمه المحن وصور الفساد ، والمؤامرة الكبيرة على الأمة التي كان تروى وأصبحنا نراها اليوما عيانا ، كل ذلك وماتملكه الأمة من مقدرات مدعاة الى الإلتئام وتوحيد الصفوف في إطار التنوع والإختلاف المحمود الذي لايفسد للود قضية .

اترك تعليقًا