#خواطر_قرآنية_لسعيد_نفيسي 7
قال الله تعالى(من اهتدى فانما يهتدي لنفسه ومن ضل فانما يضل عليها ولا تزر وازرة وزر أخرى وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا) الآية 15 من سورة الاسراء
في هذه الآية ثلاث حقائق كبيرة الايمان بها وادراك كنهها يرفع الانسان الى أعلى درجات العبودية ويملأ النفس سكينة وراحة واطمئنانا ويهب العبد رؤية واضحة لمساره في الحياة .
الحقيقة الأولى
الاهتداء بهدي الوحي والاستقامة على الصراط المستقيم وتحقيق العبودية لله كل ذلك يحقق مصلحة العبد وحده وان الله تعالى غني عن العالمين لاتنفعه طاعة الطائعين ولا تضره معصية العاصين والانسان هو المحتاج الى الله تعالى بسبب ضعفه وفقره وحاجته الى الله تعالى في الدنيا والآخرة ولذلك ليس ثمت من على الله تعالى بهذا الاهتداء لأنه من مصلحة العبد وحده وهذا المعنى يدعو الانسان بعد ذلك الى دوام شكر الله على توفيقه وهدايته ويحرص من غير دافع خارجي على دوام الطاعة لأن الأنحراف عاقبته وخيمة على العبد وحده, فهو المحتاج وهو من يتهدده خطر النار وكل اهتداء سيجني هو ثمرته بالنجاة,وهذه الحقيقة الكبرى هي سر جهاد المجاهدين وتضحية المضحين وصبر الصابرين وطول نفس العاملين ولو ضل كل الناس أو تقاعس كل الناس وتخلى عن الواجب كل الناس فان المؤمن لا يتوقف عن العمل لأنه المستفيد من كل جهد وبذل وعطاء وأخطر ما في الأمر أن يظن العبد أن الناس في حاجة اليه أو أن الدعوة تتأثر بغيابه وتقصيره ,كلا انها دعوة الله تعالى وعباد الله وأرض الله ونعم الله كلها فرص يعطيها الله لمن فهم رسالة العبودية فيستخدمها لتحقيق النجاة لنفسه وحده,فاذا بخل عن آداء الواجب واختار لنفسه طريق الشيطان فلا يلومن الا نفسه فهو الخاسر حين يعصي ربه عزوجل وحين يكون أسير هواه ولن يضر الله شيئا .
الحقيقة الثانية
ان المسؤولية فردية في العمل فهي كذلك في الجزاء عند الله تعالى فكل الناس عبيد الله يرحم من يشاء ويعذب من يشاء وتنتهي مهمة المؤمن عند انقاذ نفسه واقامة الحجة عل غيره بالنصيحة الصادقة والدعوة المبينة أما مصائر الناس بل ردود أفعالهم حيال نصح الدعاة فلا مسؤولية عنها لأن ذلك شأن صاحب الامر عزوجل لا شأن عبيده ولو كانوا أنبياء (فذكر انما أنت مذكر لست عليهم بمصيطر) (انك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء) (ان عليك الا البلاغ)
الحقيقة الثالثة
عدل الله تعالى المطلق اقتضى أنه لا يعذب حتى يقيم الحجة ولذلك أرسل الرسل وأنزل الكتب وقيض للبشرية في كل عصر ومصر من يدل الناس على الله تعالى ,وهب أن أقواما بخلوا عن واجب الدعوة والتيليغ عن الله ,فعاش أقوام وماتوا دون أن تصلهم رسالة السماء فان رحمة الله وعدله المطلق يشيران انه (وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا)