أين الوفاء … ؟ يكتبها حشاني زغيدي
كلمة تشدك و يبقى أثرها يحمل من المعاني القيمة في نفس الانسان من الجمال و الحنين و أحيانا من الأسى كلمة لو بحثنا في القواميس و الموسوعات لا هالنا روعة معانيها . رسم لها الانسان و حتى الحيوان من اللوحات الرائعة تلكم الكلمة لها وقع في القلب إنها ” الوفاء ” نحاول أن نعيش معها لحظات قد تحرك فينا الأوجاع لكن الذي ذاق طعمها ستبعث فيه روح الحياة ليجدد معها حياة الروح من خلال قصص واقعية .
فأول محطة الوفاء مع الخليل إبراهيم عليه السلام الذي مدحه الله في القرآن يقول تعالى : (وإبراهيم الذي وفى) فما الذي وفاه إبراهيم عليه السلام ؟ إنه كان وفيا لشروط عهده مع الله تعالى فقد تحمل في سبيل ذلك صنوف المشاق في سبيل دعوته فتحمل أذى الوالد و الحرق بالنار و كان مطيعا لكل التكاليف دون تردد فقبل التضحية بابنه و التفريط في الأهل “ بواد غير ذي زرع ” و أقام قواعد البيت مع فلذة كيده متحملا الجهد ليستكمل مراتب العمل و نفسه راضية مطمئنة محتسبة الأجر من الله فكان الجزاء متناسبا لذلك الجميل .
و أما المحطة الثانية فمع الحبيب محمدا صلى الله عليه و سلم فقد كان تبعا لدعوة إبراهيم عليه السلام نسلهم منه دروس الوفاء للدعوة فرضي رسولنا بأذى قريش و البعد عن البلد التي أحبها و التي شغف بها حبا مودعا مكة بتلك الكلمات التي تحمل كل حنين للوطن ” و الله إنك أحب أرض الله إلي لو لا ان أهلك أخرجوني منك ما خرجت “ و يكون البعد عنها ثماني سنين ليؤسس للدعوة بناء في بلد آخر و ليعود إليها منتصرا يحمل مفتاح النصر فاتحا متجملا بكل قيم الوفاء في تسامح لا نظير له .و السيرة العطرة ملأى بذلك الجهاد الطويل حتى بلغت الرسالة غايتنا وهو يشهد الصحابة على نفسه أنه قد بلغ الرسالة و ادى الأمانة ” ألا هل بلغت “ .
و اخيرا أسوق هذه القصة الرائعة التي تحمل لوحة رائعة لوفاء صحابة رسول الله فى أحد مواسم الحج أقبلت جماعة من المدينة فقابلهم النبى صلى ال
له عليه وسلم ودعاهم إلى ألإسلام فشرح الله صدورهم للإيمان فقال لهم صلى الله عليه وسلم ألا تبايعون رسول الله؟. فقالوا:علام تبايعك فقال لهم على أن تعبدوا الله ولا تشركوا به شيئًا والصلوات الخمس ولا تسألوا الناس شيئًا
فبايعوا النبى صلى الله عليه وسلم وعاهدوه على ذلك وصدقوا فى بيعتهم ، ووفُّوا بعهدهم حتى إن بعضهم كان إذا سقط منه سوطه لا يسأل أحدًا أن يناوله إيَّاه وذلك وفاء لعهدهم مع الرسول صلى الله عليه وسلم ألا يسألوا أحدًا شيئًا .
هذه أحبتي ورائع الأوفياء فأين محلنا من هذا الوفاء فمهر الدعوة غال أحبتي و قد دفع أسلافنا المهر و سيكون نتاجه ورودا في الجنة و درب الأوفياء ماض لا تنقطع دروبه . فدروبه ملعقة في دعوة الإسلام و مع دعوة الخالدين و مع الذين يرسمون بتضحيتهم مشعل الحرية في صمود أسطوري قل نظيره في التاريخ الحديث و الحكمة تؤخذ من أي وعاء خرجت فأجمل هذا البيت من الشعر الذي يتغنى بالوفاء للمحبوب
ما حب الديار شغلنا قلبي *** و لكن حب من سكن الديار
و الله أكبر و لله الحمد الجزائر الخميس 03 جويلية 2014