خواطر قرآنية 14

#خواطر_قرآنية_لسعيد_نفيسي 14

بسم الله الرحمن الرحيم
الآية 29 من سورة الزمر
قال الله تعالى “ضرب الله مثلا رجلا فيه شركاء متشاكسون ورجلا سلما لرجل هل يستويان مثلا الحمد لله بل أكثره لا يعلمون “
هذا مثل قريب للادراك والتصور ,رجل تعددت قياداته وتعدد أسياده وهو عبد ضعيف وأكبر ضعفه أن يرضى لنفسه هذه الوضعية المهينة وضعية العبودية لغير الله ,وأكثر من ذلك عبوديته لأهواء متشاكسة من مصادر مختلفة فتختلط عليه الأوامر و تتناقض عنده الاتجاهات وتتعاكس عنده الرغبات فيأمره هذا بأمر ويناقضه ذاك . فهو مشتت الذهن لا يستقر على حال ولا يقطع خطوة الى الأمام ولا يستطيع ارضاء أيا من سادته المتشاكسين وليس له هدف واضح ومحدد يتعلق به بل يحيا حياة سمتها البارزة التناقض والتردد والخوف والجهد المضني في استرضاء الأطراف المتنازعة ولن يستطيع فعل ذلك.
وأين هذا المسكين من ذلك الذي أسلم زمام أمره لمصدر واحد منه يتلقى وعن رضاه يبحث ولأجل اسعاده يعمل ومن اجتمع همه اطمأن قلبه وسكنت نفسه وذاق حلاوة الانسجام مع الذات فكيف وهذا الاختيار حر والقلب موصول بالكبير المتعال.
وكما يصلح هذا المثل في المقارنة بين من أسلم وجهه لله وعبده وبين من أشرك بالله آلهة أخرى, يصلح أيضا لاختيارات الحياة المختلفة التنظيمية والسياسية .اذ أن أعظم متعة في الحياة هي الانسجام مع الذات بتمام الصدق والتزام وحدة الوجهة بالثبات على القناعات القلبية الراسخة في معتقد العبد.أما الأهواء المتشعبة فانها تولد تناقضات متوالية لا تكاد حبالها تنقضي ولذلك فان المؤمن هو الانسان الوحيد في الحياة الذي يعيش تمام الانسجام مع الذات ويؤلمه ما يرى من حوله من كثرة العبيد للأهواء المتناقضة فيسبح المؤمن بحمد عريض لله على هذا الاختيار والتوفيق الرباني الذي لا يعلمه كثير من الناس .
وهذا الإنسجام مصدره :
1- إخلاص الوجهة لله.
2- إكتمال معنى الحرية في النفس.
3- الشجاعة .
4- الصدق مع الله ومع الذات.
5- التعلق بالآخرة وقطع الأطماع الدنيوية.
اللهم انزل سكينة على قلوبنا وارزقنا نعمة الإنسجام مع الذات

اترك تعليقًا