عبادة العفو

عبادة العفو
العفو عبادة راقية وصورة من صور الرحمة والانسانية التي يتقرب بها العبد الى مولاه ، ومن اسمائه سبحانه ” العفو ” وبه يُتعبّد وبه يُدعى ويقصد فيعفو ويصفح ويتجاوز عن السيئات
وعبادة العفو تسامح وتنازل عن حق لصالح الغير قد يقصد به حمد الناس او شكرهم او نيل مرتبة وسطهم او المباهاة عليهم ” واكل امرئ ما نوى” ، واكن التعبد بالعفو ان يكون العفو قصد وجه الله ومرضاته سبحانه وتعالى.
والعفو تعبد النفوس العالية واصحاب الهمم الكبرى اذ لا يكون العفو الا من مقتدر يستصغر قدرته امام قدرة الله غيرحم ويعفو واما من لا يملك القدرة فلا يكون في مقام العفو ولذلك قيل العفو عند المقدرة من شيم الكرام
والعفو عبادة القيادة الراشدة فالقائد لا يتتبع العورات ولا يبحث عن النقائص ولا يحاسب على كل شيء ولا يخوض كل تفصيل وقد قال الله تعالى لمحمد صلى الله عليه وسلم ” فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فضا غليظ القلب لانفضوا من حولك فاعف عنهم واستغفر لهم وشاورهم في الامر فاذا عزمت فتوك على الله “
وعلمنا ان نتعبد باخذ العفو ” خذ العفو وامر بالمعروف. “
ومساحة العفو هي مساحة اليسر ورفع الحرج في الشريعة التي تكثر فيها المسائل المعفو عنها كحال ما تعم به البلوى او ما يترتب عليه حرج فالحرج يزال والعسر والمشقة تجلب التيسير
والعفو من عزائم الامور واقتحام العقبات لان فيه قهر لشهوات النفس في الانتصاف والانتقام واعادة اخضاعها لامر الله وتركها ما تملك من عقوبة لوجه الله “”وان تعفوا وتصفحوا فان ذلك من عزم الامور ” ، وقد تكون تلك الشهوة ردا كلاميا يضيق به صدرك ولكن تكتمه وقد يكون سبقا في الحديث او تغليبا لذاتنا في المجامع نكتمه بالصمت والخمول عن الظهور والعجب فيعوضه الله لنا ، وقد يكون تنفيسا عن غيظ عندما يظهر خطأ المخالف ولكن العفو لله نور ينير ظلمة الغضب والاغلاق ففي الحديث “” من كظم غيضا ابدله الله به نورا يوم القيامة””
قال تعالى ” فمن عفا واصلح فاجره على الله ” لان العفو مرتبة ولكن الانطلاق منها الى ما هو اعلى منها يوجب عظيم الاجر لاهله وخاصة الاصلاح اذ العفو يكون بعد اذى والاصلاح يسد خلل ما عفي عنه من الاذى ولذلك قال يوسف عيه السلام ” لا تثريب عليكم ” في سياق العفو فلم يذكر مرحل البئر وانما ذكر مرحلة السجن والتمكين ثم قدوم اهله من البدو لكي لا ينكأ الماضي فالعفو لا ينسجم مع تكرار سيئات الماضي كل يوم وتذكير المعنين بها بماضيهم لان العفو يجُب.ّ
واعطانا رسو ل الله صلى الله عليه وسلم درسا عظيما عندما عفا في الفتح عفوا عاما ثم عفا عمن اهدر دمهم ولو تعلقوا باستار الكعبة وكان منهم عكرمة رضي الله عنه الذي كان له بعد العفو والاصلاح شأن عظيم في الفتوحات الاسلامية ، وتعبّد الحبيب صلى الله عليه وسلم ربه بالعفوعنه ومن معه رغم عظيم جرمهم في حق الاسلام واهل دعوته ، لان مايتحقق بالعفو لا يتحقق بغيره قال تعالى : ” سارعوا الى مغفرة من ربكم و جنة عرضها السماوات والارض اعدت للمتقين الذين ينفقون في السراء والضراء والكاضمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين”

اترك تعليقًا