عبادة الانتظار

عبادة الانتظار
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه
الانتظار اذا قرن بالنية كان عبادة عظيمة وفي الحديث ” من انتظر الصلاة فهو في صلاة ” وعليه يقاس الانتظار لباقي العبادات ولذلك في الحديث ” من لم لم يغز و تحدثه نفسه بالغزو مات ميتة جاهلية ” أي ينتظر الغزو.
والانتظار قرينه الاستعداد للقضية المنتظرة ، وعدم الاستعجال عنها لان الاستعجال استفزاز قد يخرج المؤمن عن خطته المرسومة ومن لم يحسن الانتظار قطف الثمرة قبل نضجها فاضاعها ولم ينتفع بها، ولذلك قال الله تعالى للمسلمين ” كفوا ايديكم واقيموا الصلاة” ليعلمهم عبادة الانتظار الايجابي الذي لا يستسلم صاحبه للوهم والخمول والياس ولكن المؤمن يملأ انتظاره بالاعمال الايجابية، ومنها اقامة الصلاة ،ولا يتسرع اويمل من الانتظار فيقدم على عمل لم تكتمل شروط نجاحه فيفشل او يتسبب له في حال اسوأ ، وفي قصة طالوت عبرة لان بني اسرائيل الحّوا على نبيهم ان يبعثىلهم ملكا يقاتلون معه في سبيل الله فلما بعث الله لهم طالوت تحفظوا عليه ثم عصوه الا قليلا منهم ،
والصحابة كانوا يستعجلون الرسول صلى الله عليه وسلم النصرففي البخاري” جاء خباب بن الأرت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو متوسد بردة له في ظل الكعبة قال : قلنا له : ألا تستنصر لنا ؟ ألا تدعو الله لنا ؟
قال : كان الرجل فيمن قبلكم يُحفر له في الأرض ، فيجعل فيه ، فيُجاء بالمنشار فيوضع على رأسه فيُشقّ باثنتين ، وما يصده ذلك عن دينه ، ويُمشط بأمشاط الحديد ما دون لحمه من عظم أو عصب ، وما يَصدّه ذلك عن دينه ، والله ليتمن هذا الأمر حتى يسير الراكب من صنعاء إلى حضرموت لا يخاف إلا الله أو الذئب على غنمه ، ولكنكم تستعجلون “
وموسى عليه السلام لم يطل انتظاره مع قومه من اجل الاسراع الى الله ليرضى عنه فعاتبه الله بقوله ” وَمَا أَعْجَلَكَ عَن قَوْمِكَ يَا مُوسَى * قَالَ هُمْ أُولَاء عَلَى أَثَرِي وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَى قال فانا لاقد فتنا قومك من بعدك واضلهم السامري ” ، وفي قصته مع الخضر لم يستطع انتظار الاجوبة فحرم من الرفقة وحرمنا بعده من علم كثير حتى قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “رحمة الله علينا وعلى موسى، لو صبر لرأى من صاحبه العجب “
والانتظار يتطلب الصبر وهو سمة من سمات اولي العزم من الرسل قال تعالى : “فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُوْلُوا الْعَزْمِ مِنْ الرُّسُلِ وَلَا تَسْتَعْجِلْ لَهُمْ كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَ مَا يُوعَدُونَ لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ بَلَاغٌ فَهَلْ يُهْلَكُ إِلَّا الْقَوْمُ الْفَاسِقُونَ ” لان الانبياء يعلمون ان الانتظار ان هو الا لبث قليل وان الوعد الرباني لا يخلف ” وَعْدَ اللَّهِ لَا يُخْلِفُ اللَّهُ وَعْدَهُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ “
وفي الصحيحين “يُستجاب لأحدكم ما لم يعجل، يقول: دعوتُ فلم يُستجب لي” أي يفقد عبادة الانتظار بعد الدعاء ” و في مسلم من حديث أنس رضي الله عنه انه قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم عاد رجلاً من المسلمين قد خَفَتَ فَصَارَ مِثل الفرخِ، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم :هل كنتَ تدعوه بشيءٍ أو تسألُهُ إيَّاه؟ قال: نعم، كنت أقول اللهم ما كنت معاقبي به في الآخرة فعجّلُه لي في الدنيا، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم سبحان الله لا تُطيقُهُ أو لا تستطيعه ، أفلا قلت: اللهم آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار وقال: فدعَا الله له فشفاه”
وكانت هجرة الصحابة الى المدينة تباعا ولكن هجرة الصديق كانت انتظارا لصحبة رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أذن الله تعالى له بذلك ، والرباط انتظار وصبر، والتربية صبر وانتظار والتخطيط عمل وانتظار والتمكين رؤية وعمل وانتظار، واحلى ما في الانتظار لذة الفوز للصابرين العاملين بعد نهاية موسم الانتظار الذي سينتهي مهما طال لان الخلود لا يكون في الدنيا وانما تنتهي الاعمال الى مآلات ومقاصد وطوبى للصائم منتظرا فرحة الفطر

اترك تعليقًا