عبادة النسبية
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله
عبادة النسية هي ان ياتي الانسان من الاعمال ما استطاع ” فاتقوا الله ما استطعتم” وان ينظر في دينه الى من هو اكثر ، منه وفي الدنيا الى من هو اقل منه ، وان يتوسط في العبادة لان الله كلفنا بما لامشقة فيه وان يكون رسول الله صلى الله عليه وسلم هو المقياس في العبادة وليس غيره ممن اكثر او اقلّ فسيدنا عمر بن الخطا لم يكن اشجع من رسول الله حين هاجرا مجاهرا متحديا لقريش بقوله من اراد ان تثكله امه فليلحقني ببطن الواد في حين ان رسول الله صلى الله عليه وسلم خطط وهاجر سرا والعبادة الاصح بالنسبة للمؤمن هي ما يقاس الى رسول الله صلى الله عليه وسلم لا الى
عمر رضي الله عنه
وقد يقرا المؤمن عبادة النساك فلا يجد لنفسه مقاما بين العابدين وقد حدث هذا في زمن الرسول صلى الله عليه وسلم ” اذ تذاكر قوم عبادة رسول الله صلى الله عليه وسلم فكانهم تقالوها فقال احدهم اصوم ولا افطر وقال الآخر اما انا فاقوم الليل لا افتر وقال ثالث لا اتزوج النساء ، فذكر ذلك الى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال اني اصوم وافطر، واصلي وانام ، واتزوج النساء فمن رغب عن سنتي فليس منى ” وذلك ان العبادة انما تقاس نسبة الى الله مقصدا واخلاصا والى رسول الله اقتداء وتسننا والى المكلف ذاته استطاعة لتكون نسبيتها صحيحة واما النسبية الى الآخرين
فقد تدخل العابد في غير السبيل القويم ولذلك قال بن عمر ” لو اعلم ان الله قبل مني ركعتين لم اخش على نفسي ” لان الله تعالى قال ” انما يتقبل الله من المتقين “
قال بن عطاء اله السكندري : ان فتح لك بابا من القبول ……..”
ولذلك كان القليل الدائم خير من الكثير المنقطع ، وقد يتصدق الغني صاحب المائة ناقة بثمن ناقة وهي عشرون مليون سنتيم على الاقل ويتصدق من يملك عشرين مليون بمليون واحد فيفضله لان الاول تصدق بواحد من المائة والثاني تصدق بخمسة بالمئة من رزقه فاختلف الاجر باختلاف النسب بالنسبة للمنفقين رغم ان الفائدة على المتصدق عليه مع الاول اوفر ولكن الاجر والتعبد للمنفق لا للنفق عليه ولذلك قال الحبيب صلى الله عليه وسلم لا تحقرن من المعروف شيئ ولو ان تلقى اخاك بوجه طلق ” وقال صلى الله عليه وسلم : ” اتقوا النار ولو بشق تمرة “
لا اقصد في هذا المقام ان نتحدث عن ان العبادة نسبية فهو مقام آخر وانماعن عبادة النسبية في حد ذاتها والرضا بامر الله وقضائه وعدم قول لو كان كذا ولوكنت كذا لكان كذا بل الايمان بالقدر واختلاف الناس واحوالهم وارزاقهم هو عبادة ايضا تجعلنا لا نتمنى ان نكون مثل غيرنا لاننا نجهل حالهم فقد يبدوا المرء امامنا صخيحا ضاحكا وقد نقول ياليتنا مثل فلان ، وفلان هذا قد يكون مصابا ببلاء لاقبل لاحد به ولكن الله ستره عن الناس ولذلك اصبح الذين تمنوا ان يكون لهم مثل ما لقارون نادمين بعد ان خسف الله به وبداره الارض
والعبادة ترتفع بالاخلاص والصواب اي بمدى نسبيتها الى الله ثم الى رسول الله صلى الله عليه وسلم وتتضاعف الحسنات بالرضا حتى لا يبحث الانسان عن حال غير الذي استعمله الله فيه فلو شاء الله لجعله فيه اصلا ، بل ان المطلوب تحصيل الكمال فيما تيسر وطلب الاكمل اجتهادا في التعبد لان الله قال ” لا يكلف الله نفسا الا ما اتاها” دون تسوية بين العبادات قال تعالى ” اجعلتم سقاي الحاج وعمارة المسجد الحرام كم جاهد في سبيل الله” ومنه استلّ بن المبارك قوله لامام الحرمين :
ياعابد الحرمين لو ابصرتنا لعلمت انك في العبادة تلعب…
من كان يخضب جيده بدموعه فنحورنا بدمائنا تتخضب
ولذلك قال سيدنا بن عطاء :” لا تصحب من لا ينهضك حاله، و لا يدلك على الله مقاله، ربما كنت مسيئا فأراك الإحسان منك صحبتك إلى من هو أسوأ حالا منك”. أي ان اخطاء القياس عندك اذهبت عنك الصواب ثم وضح الامر بقوله “حسن الأعمال نتائج الأحوال، و حسن الأحوال من التحق في مقامات الإنزال.”.
وقد يخطئ اناس في بعدم الاستفادة من الحال النسبي ظنا منهم عدم القبول كان لا يصوم من لا يصلي فتتتابع عليه المعاصي والصواب فقه ان الصلاة الجماعة ترتفع على درجة افضل مصلي لان النسبية هنا بالقبول منالله والتكرم بالحاق الجميع بافضلهم ومنه قال بن عطاء رحمه الله : “لا تترك الذكر لعدم حضورك مع الله فيه، لأن غفلتك من وجود ذكره أشد من غفلتك في وجود ذكره، فعسى أن يرفعك من ذكر مع وجود غفلة إلى ذكر مع وجود يقظة، و من ذكر مع وجود يقظة إلى ذكر مع وجود حضور، و من ذكر مع وجود حظور إلى ذكر مع وجود غيبة عما سوى المذكور، و ما ذلك على الله بعزيز.” ومنه ايضا ” لا صغيرة إذا قابلك عدله، و لا كبيرة إذا قابلك فضل – ما قل عمل برز من قلب زاهد، و لا كثر عمل برز من قلب راغب”
والنسبية ترتبط ايضا بالوقت واحواله والتغيير الحاصل فيه وافضل الوقت وغير ذلك قال بن عطاء ” حقوق في الأوقات يمكن قضاؤها و حقوق الأوقات لا يمكن قضاؤها، إذ ما من وقت يرد إلا و لله عليك فيه حق جديد و أمر أكيد، فكيف تقضي فيه حق غيره و أنت لم تقض حق الله فيه.”
زالنسبية ايضا مرتبطة بموقعك وسط مخلوقاته ” قل كونوا حجارة او حديدا ” قال بن عطاء : “جعلك في العالم المتوسط بين ملكه و ملكوته ليعلمك جلالة قدرك بين مخلوقاته، و أنك جوهرة تنكوي عليك أصداف مكوناته، وسعك الكون من حيث جثمانيتك، و لم يسعك من حيث ثبوت روحانيتك.