بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه
عبادة الشكر مقام من مقامات حضور القلب مع الله والاحساس بالفقر الدائم اليه مهما كانت النعم والاعمال الصالحة التي ياتيها المومن، والتوفيقات التي تتنزل عليه فيمن وفقهم الله للشكر ” وقليل من عبادي الشكور ” وقد قيل لرسول الله في كثرة القيام وقدغفر له ما تقدم من ذنبه وما تاخر فقال عليه الصلاة والسلام:” افلا اكون عبدا شكورا“
والشكر حال من التعبد تقتضي مدح الله والثناء عليه ورجاءه ان يفتح علينا بما يليق به من الثناء الحسن فلما اثنى عليه الصحابي بقول لك الحمد كما ينبغي لجلا وجهك وعظيم سلطانك ثقلت على الكتَبة وادخرها الله الى ان يلقاه ويوم الشفاعة تُفتح على الحبيب محامد الشكر من الله قبل ان يشفع في الخلائق
والشكر يكون باستخدام النعم في مظانها التي امر الله بها ففي البخاري ان رجلا استخدم خفه في سقي كلب فقال عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم “شكر الله فغفر له” ، فالتحديث بالنعم قول باللسان وانفاذ لحق الله في النعم بوضعها في مواضعها اذ من قلة الشكر معصية الله بما اسبغ من النعم نسال الله العفو والعافية ،وقد قال ام المؤمنين عائشة رضي الله عنها اقل ما يجب للمنعم الا تستخدم نعمه في معصيته ،ومن كان ذلك حاله كان في حال الاستدراج والعياذ بالله
وقد امر الله عباده بالشكر فقال: ” كلوا من رزق الله واشكروا له ان كنتم اياه تعبدون ” ” فا شكروا لله ولا تكفروه ” وذلك حبا فيهم ورافة بهم لان الشكر قيد النعم وسبب الزيادة قال تعالى: لئن شكرتم لازيدنكم ” ومن لم يشكر نعمة كان فيها سُلبها ولم يشعر بها والعياذ بالله
والشكر يكون على كل حال وخاصة حال تنزل النعم والبركات فقد امر الله آل داوود بالشكر فقال ” اعملوا آل داوود شكرا ” فعملوا بشكر حصول النعم وشكر التوبة عند الفتن فداوود علبه السلام استغفر وخر راكعا واناب ، وسليمان قال “اني احببت حب الخير عن ذكر ربي ردوها علي فطفق مسحا بالسوق والاعناق ” ويوم ان مر على واد النمل وراى نعم الله في فهم حوار النمل قال ” ليبلوني ااشكر ام اكفر ” ولما راى عرش بلقيس مسىقرا امامه قبل ان يرد اليه طرفه تذكر مقام النعم واقتضاء الشكر فقال رب اوزعني ان اشكرنعمتك التي انعمت علي وعلى والدي وان اعمل صالحا ترضاه ” وقال ” هذا من فضل ربي ليبلوني ااشكر ام اكفر وم شكر فانما يشكر لنفسه ومن كفر فان ربي غني كريم “
قال الحسن البصري رضي الله عنه: ” افضل الشكر شكرمع العافية فكم من مبتلى يشكر وكم من معافى يغفل عن الشكر” ومن خير الشكر الابتداء والدوام انفاذا لوصية الله ” ان اشكر لي ولوالديك الي المصير“
والشكر يكون بالقيام له والاكثار من النافلة والصوم والصدقة والف ل الحسن والذكر الدائم وتسخير الجهد للدعوة والحذر والتادب بين يدي الله والدعاء بالستر والتوفيق وعدم التعرض لاولياء الله وعباده لان الله لا يحب المعتدين بل المطلوب التودد الى الناس وشكرهم على المعروف ففي الحديث ” من لم يشكر الناس لم يشكر الله” والانبياء عليهم الصلاة والسلام كانوا بين شاكر وشكور وراغب في ان يوزع للشكر وهم اهل الله الذين يقتدى بهم في مقام المعرفة والتعبد في محراب الحياة قال الله تعالى ” وكان الله شاكرا عليما “
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تأملت أفضل الدعاء فاذا هو اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك ولما عرف عدو الله ابليس قدر مقام الشكر وأنه من أجل العبادات وأعلاها جعل غايته السعي في قطع الناس عنه فقال ” ثم لاتينهم من بين أيديهم ومن خلفهم وعن أيمانهم وعن شمائلهم ولا تجد أكثرهم شاكرين