بين محور المقاومة والممانعة وحركة المقاومة

بسم الله الرحمن الرحيم
بين محور المقاومة والممانعة وحركة المقاومة

عبد الحميد بن سالم
لقد حققت حركة المقاومة الإسلامية “حماس “أيام كانت تحسب على محور المقاومة والممانعة صمودا قويا رغم الدعم المحدود الذي تلقته من إيران و حزب الله والذي لم يتعد صواريخ قصيرة المدى و بعض الدعم المادي والسياسي ، ورفضت إيران إمدادها بالصواريخ طويلة المدى إلا بشروط انخراطها في المشروع الإيراني والسماح للتيار الشيعي بالحركة في القطاع و بناء الحسينيات .

و لكنها حققت انتصارا أسطوريا عندما خرجت من هذا المحور و انحازت إلى حركة المقاومة بعقيدتها السليمة و مبادئها الثابتة و انتمائها الفكري الأصيل ، و تركت الملاذ الآمن الذي كانت تحظى به في سورية لما دخلته العقارب ، و أصبح بقاؤها على حساب أشلاء شعب احتضنها في سورية ووفر لها الحظن الدافئ ، والملاذ الآمن أيضا .
ووضعت بذلك خطا واضحا و فاصلا لمعنى المقاومة و تعريف دقيق لمحور المقاومة ، الذي لا يمكن أن يأتي عليه زمان و يتحول معناها إلى الغطرسة و الديكتاتورية و قتال الشعوب و ذبح الأطفال ، في حرب مذهبية وتصفية عرقية ، بقسوة غير مألوفة ، بعيدا عن الجهاد المقدس ضد العدو الصهيوني . الذي كان منطلقها الأول .
و اليوم تتمايز الصفوف و يظهر محور المقاومة و الممانعة على حقيقته في موضوع المقاومة و الجهاد ، بعد أن أطبق الصمت في معركة العصف المأكول و كأنه ينتظر هزيمة حماس و فصائل المقاومة فيقول أن خسارتها بسبب خروجها من محور المقاومة و الممانعة . وقد قدم لذلك بسيل من الاتهامات منذ خروجها من سورية و رماها بالإنضمام إلى معسكر الانبطاح .
لقد كسر هذا الصمت وأبطل هذا الإدعاء صوت محمد الضيف الهادئ الذي بعث الرعب في قلوب الصهاينة و أعوانهم و حلفائهم بعيدا عن أي حلف وبدون أي مساعدة من أحد ، لكنه بث الطمأنينة في قلوب ملايين المسلمين وحتى الأنظمة وهو ينوب عنهم في هذه المواجهة التاريخية ، هذا المجاهد الذي ربما لا يعرفه أحد و لم يكتسب شهرة الخميني و لا نصر الله ولا السيستاني ، لكن عرفه الميدان و عرفته الصواريخ و عرفه الصهاينة الذين لم ترعبهم المفاعلات النووية الإيرانية كما أرعبهم محمد الضيف و كتائب نخبة القسام .
و هو لا يريد شهرة ولا من يهتف بإسمه و يقدم له التحية و التبجيل و إنما سلك في حياته درب من سبقوه من القادة الميدانيين أمثال عز الدين القسام و فرحان السعدي وأحمد ياسين .
و ارتوى من نبع الحركة التي ربته على الفهم و الإخلاص والتجرد و العمل و التضحية و الجهاد و عرف واجبه تجاه أمته من خلال كلام سمعه عن مرشده الأول الشيخ حسن البنا الذي قال فيه:” و نحب أن يعلم قومنا أنهم أحب إلينا من أنفسنا ، و أنه حبيب إلى هذه النفوس أن تذهب فداء لعزتهم إن كان فيها الفداء ، و أن تزهق ثمنا لمجدهم و كرامتهم و دينهم و آمالهم إن كان فيها الغناء……..و إنه لعزيز علينا جد عزيز أن نرى ما يحيط بقومنا ثم نستسلم للذل أو نرضى بالهوان أو نستكين لليأس …..، فنحن لكم لا لغيركم أيها الأحباب ، و لن نكون عليكم في يوم من الأيام” فهذا هو المنهج الذي جعل من الشيخ حسن البنا يدفع بأكثر من عشرة آلاف مجاهد تساند الجيوش العربية في حرب الـ48 ولم يشأ أن يوجههم لمواجهة النظام المصري ، واستمر الإخوان في كل قطر على هذه السيرة والنهج وعلى هذه العاطفة الجياشة مهما حصل من إعتداء أوأذى عليهم ، على شعار آخر المرشدين ” سلميتنا أقوى من الرصاص ” ليعطي الفهم الصحيح لتعريف الجهاد ومواطن الجهاد ، ومعنى صحيح لحركة المقاومة بعيدا عن انحرافات محور المقاومة والممانعة ، الذي يتحرك خارج الحدود باسم المقاومة ولكن ليس في اتجاه الأراضي المحتلة في فلسطين ، ولكن في اتجاه سورية مع شبيحة الأسد ، وفي اتجاه اليمن مع الحوثيين وفي اتجاه العراق مع ميليشيات المالكي ، وقائمة من الدول السنية في قادم الزمان ليزيد من مأساة الأمة ومعاناتها . .

اترك تعليقًا