سليمان شنين
حرب فاشلة على الإرهاب مرة أخرى
الحرب الثانية على الإرهاب وفي العقد الثاني شاءت أمريكا أن تكون في ذكرى 11 سبتمبر، والإعلان هذه المرة من جدة بالقرب من مكة المكرمة، والدول العربية التي أيدت الحرب والموكول اليها تمويلها هي دول الخليج كالعادة، وهذه المرة وسط تردد كبير لدى الدول الغربية الداعمة للولايات المتحدة الامريكية وخاصة بريطانيا وألمانيا اللذين أعلنا موقفهما بصراحة في عدم الزج بجنودهم في هذه المعركة التي تتضح أنها خاسرة بكل المقاييس.
الأمريكان بعدما اكتشفوا خسارتهم في الحرب الاولى لم يحرصوا على قاعدة ‘من ليس معنا فهو ضدنا‘، وحتى الدول الغربية أرادت من خلال مواقفها سد الطريق أمام هكذا تفكير، والأكيد أن كل المؤشرات توحي بخسارة المعركة وطول أمدها وحجم تكاليفها وأنها ستكون وبالا على المنطقة أكثر مما سبق.
المنطقة الآن مهلهلة داخليا بل أكثر من ذلك معظم الأنظمة الرسمية العربية في نزاع مع شعوبها ومع القوى المعتدلة الرافضة للإرهاب، وهذه القوى تمثيلية داخل الشعوب وكانت صمام أمان استقرار الدول في المعارك السابقة، وهي اليوم تقف على هامش المعركة. بل إن بعض الدول تريد أن توظف الفرصة من أجل إدراج خصامها السياسي معها للتصفية الجسدية، وباستعمال الوصفة الامريكية التي ترغب في استراتيجيتها بسط هيمنتها وسيطرتها على المنطقة ونفطها، وتؤجل المنطق القيمي كحقوق الانسان والتحول الديمقراطي إلى مرحلة اخرى بعد أن يقوم السلاح بتوسيع رقعة البغض والتناحر داخل الشعوب العربية.
الشروط الخليجية كانت واضحة في استبعاد إيران من المعركة رغم استعداداتها من اجل الانخراط في أي مسعى جاد يساهم في التقليل من خطر الإرهاب والتطرف في المنطقة، وأمام وجود التنافس الاستراتيجي بين دول المنطقة، فالرفض الخليجي سيصطدم مع الواقع، إذ أن ايران لا يمكنها أن تقبل لعب دور المتفرج على طرف رغم الخلاف الإيديولوجي إلا أن احد معاركه الاساسية هو التقليل من الهيمنة والسيطرة الأمريكية في المنطقة.
إن على العقلاء من الأمة هذه المرة التحرك الجاد في نزع فتيل هذه الحرب، الذي يخيل انها ستقضي على أنظمة عريقة في المنطقة، بدل القضاء على تنظيم ارهابي، إن لم تكن هناك مراجعات قبلية في تعبئة الشعوب ليس ضد تنظيم داعش، ولكن الخاطئ في منظومته الفكرية والعقدية وتصحيح أخطاء الانظمة في التكفل الرسمي بالإسلام كعقيدة ومنهج حياة، وإعادة العزة للشعوب العربية والإسلامية ورفض سياسات الخنوع والإذلال، التي يمارسها الغرب على امتنا بسبب حكام لم يتفطنوا بعد أن الشرعية الحقيقية هي التي تقرها الشعوب وليس مراكز القرار الدولي مهما كانت تسمياتهم…