قصة إبعاد بقلم حشاني زغيدي
أي عزة و أي أنفة تسكن في نفوس هؤلاء العظماء إن هذه النفوس العالية التي ما توجهت يوما لغير صاحب نعمتها. كم نكبر فيها هذا الإباء و هذاالتجلد و هذا التحمل. إن قصة هؤلاء طويلة أنها قصة كفاح طويل من أجل العقيدة تركتهم ديار الأهل و ضاقت عليهم ديار الوطن الشقيق.
و لو تتبعنا سنن التاريخ لوجدنا للإبعاد قصة فقد أبعد الأنبياء و الرسل و لحق بهم المصلحون و العلماء إلى الدعاة و المربين ، فأبعد من الأنبياء سيدنا إبراهيم و موسى و عيسى و خاتم الرسل عليهم السلام و قد كان لتاريخنا المعاصر مبعدون فابعد قادة ثورة التحرير المجيدة و قبلهم الأمير عبد القادر الجزائري إلى الشام فكان لجهاده أثرا طيبا في تاريخ الأمة و هكذا تستمر قصة الإبعاد ماضية مع الزمن. .
إن سلوك طريقهم طويل و شاق تحفه الأشواك من كل جانب فهم في أهبة الاستعداد لحزم أمتعتهم في كل لحظة ينتظرون تلك اللحظة بشوق و لهف كأن بينها و بينهم عشق قديم لا عجب فإن الإيمان عندهم خالط بشاشته القلوب فاستطاب الإنسان ما يصيبه في سبيل معتقده و في سبيل فكرته فيتحمل ما لا تطيق حمله الجبال الراسيات .
فإن الابعاد و التهجير و التشريد لا يثني عزائم أصحاب الهمم العالية فقد أرغم الحبيب محمد صلى الله عليه و سلم لترك ديار لأهل و قلبه معلق بها و لكن نداء دعوته حمله لطيبة الطيبة ليؤسس لبناء و مشروع . و كذا الصحابة هجروا لأرض الحبشة فرارا بدينهم كما أبعد أحرار الإخوان من الرعيل الأول أيام المحن الأولى في عهد الرئيس عبد الناصر و تلاحق الإبعاد لقادة الفصائل الفلسطينية حماس و الجهاد الإسلامي فكانوا جميعا نماذج فخر و رفعة للأمة رسموا أروع الأمثلة .
ما أروع وفاء هؤلاء و أروع رجولتهم فأي معدن من الرجال هم لا يسرهم ايذاء من أحسن إليهم و أواهم فهذا الشيخ وجدى غنيم الداعية الإسلامي إنه يقرر نقل دعوته خارج دولة قطر، وذلك حتى لا يتسبب فى أى ضيق أو حرج للدولة قطر حكومة وشعبا ، و يدعو لها بأن يجعلها بلدًا آمنًا مطمئنًا. يضيف « الشيخ وجدي غنيم »، فى مقطع فيديو تم نشره على القناة الخاصة به على مواقع « يوتيوب » قائلا : ” إن أرض الله واسعة ، وأسأل الله تعالى أن يثبتنا على الحق ” .
إن تاريخ الإبعاد حمل كثيرا من البشائر للدعوة فقد فتح الله من البركات لو تفطن إليها الخصوم ما أبعدوا و لا هجروا رجلا واحدا فقد كان من ثمار الهجرة النبوية ذلك الفتح العظيم و تلك الفتوحات حيث توسعت رقعة دار الدعوة و بتشريد الإخوان داع صيت الدعوة في كل الربوع و بالإبعاد برز ت قيادات نوعية أمثال الشهيد عبد العزيز الرنتيسي و الأستاذ إسماعيل هينة و محمود الزهار و قبله الأستاذ مهدي عاكف و مصطفى مشهور و يوسف ندا و غيرهم الكثير إن الإبعاد مدرسة يتخرج منها العظماء و القادة و إن الإبعاد رحلة تسمح لهم بتبليغ رسالتهم للعالم