حرب ثالثة على الإرهاب أرضها العراق والشام مرة أخرى وبتحالف دولي وبرعاية أممية ودولية، رغم كل نداءات العقل والحكمة المذكرة بنتائج الحروب الأولى. والأسوأ ان معظم الرؤساء المفرزين من صناديق ديمقراطية، جعلوا على رأس التزاماتهم الانتخابية الانسحاب من أراضي الحروب الماضية كإفغانستان والعراق، وهكذا كان الحال مثلا لأوباما وهولاند، ولكنهم خالفوا التزاماتهم اتجاه شعوبهم وأعادوا الحرب مرة أخرى وهذه المرة بدعوة محاربة داعش.
لن تنجح الحرب ولن يقضى على الإرهاب بالتدخل الأجنبي سواء بالطائرات الرافال أو الميغ أو الابتشي ولن يزيد التدخل البري الأمر إلا تعقيدا.
إن الفكر الجهادي يقوم أساسا على مبرر محاربة الاجنبي الذي يحتل ارضا غير أرضه، وهو جهاد حقيقي لا يمكن لأحد ان ينزعه من قلوب المؤمنين سواء كانوا مسلمين أو مسيحيين أو غيرهم، وبالتالي على القوى التي احترفت الهيمنة والسيطرة على المقدرات والقرار الوطني العربي أو الإسلامي ان تدرك هذه الحقيقة، وفي نفس الوقت تدرك أن لا حل في المنطقة العربية عموما إلا بإرجاع الكلمة للشعوب حتى تحكم نفسها بنفسها وبما تريد، لا أن تفرض عليها انظمة وسياسات تخالف مقوماتها وهويتها.
إن الغرب يدرك جيدا أن الشعوب العربية والاسلامية هي وحدها التي يمكنها أن تهزم الفكر المنحرف والمتطرف، من خلال قناعتها بأنها تدافع على كيانها، وليس على انظمة فاسدة مستبدة لا هم لها الا البقاء والاستمرار في السلطة، ولو على حساب دماء الأبرياء من المواطنين والجنود مثل ما يحدث في الشام والعراق.
إن هذه الحرب خاسرة ابتداء ولن تحقق أهدافها.. صحيح ستقلل من قوة وحجم وامتداد داعش في العراق والشام، وربما تدفع بها جغرافيّا إلى مناطق اخرى لتحقيق المشروع الغربي الكبير الممثل في إقامة دولة إسرائيل الكبرى.
ولكن كل المؤشرات في الأمة تنفي امكانية تحقيق هذا الحلم وما “حرب العصف المأكول” في غزة، والموقف المتميز الذي تبناه تجمع الإصلاح اليمني الذي أربك حسابات الغرب وأزلامه في المنطقة، إضافة إلى استمرار الحراك السلمي في مصر رغم كل محاولات الاستدراج للعنف والتطرف.
إن الأمة منتصرة لا محالة.. لولا هؤلاء الجهال المنتسبين للدين شكلا واسما البعيدين عنه فهما وروحا، والذين استطاعت أجهزة الاستخبارات الدولية توظيفهم في استراتيجياتها لإحكام السيطرة والهيمنة على ثروات الأمة ومقدراتها..
إن الامة أظهرت وعيا كبيرا بتحديات المرحلة، كما أثبتت استعصاءها على الترويض أو الاستسلام لسياسات الأمر الواقع، أو حتى إمكانية احتوائها برغبات الغرب المستكبر.