التأمين الصحي جزء من الأمن العام
زيارة الوزير الأول لأقصى الجنوب مهمة جدا في هذا التوقيت، على أن يتعامل الوزير وطاقمه الحكومي بجدية بالغة للزيارة، وأن يستمعوا بشكل مسؤول لما يقال من أبناء المنطقة، ولا يسوفوا كما يفعلون وفعلوا مع مختلف الملفات، والتي كان آخرها ملف غرداية الذي تعفن وأوصل البلاد إلى درجة تكليف الجيش بتسييره، نتيجة التسيب وعدم المسؤولية من السياسيين والإداريين.
إن مطلب فتح الحدود والذي سبق من قبل بتحرك واسع من أعيان الطوارق وسجلوا عدة مطالب سياسية، كانت حملة الرئيس قد التزمت وقدمتها كوعود انتخابية ولم تأخذها بعين الاعتبار، سمعها الوزير الاول رغم أن بعض احزاب السلطة أبعدت نفسها عن تبني هذه المطالب، ليس حبا في المنطقة ولا لحرج سياسي ولا لمصلحة وطنية وإنما من اجل التملص ولتحرق البلد للأسف الشديد.
إن تأمين الحدود وخاصة الجنوبية مطلب استراتيجي وحيوي، ولكن قبله يجب الحرص على مواطن الساكن بالجنوب والاهتمام بانشغالاته ومطالبه والحرص على محاورته، كما أن البعد التنموي للمنطقة يعد أولوية، والانجازات المطلوبة لا تتطلب الكثير وأي مواطن يسكن بالمنطقة يسهل عليه الاعتراف بأي جهد يبذل أو مشروع ينجز.
إن المطالب في عمومها وطنية ولا يمكن أن ينظر لها برؤية انفصالية لحد هذه اللحظة، ولكن التواجد المخابراتي المكثف في الساحل الصحراوي بدءا بالدول الكبرى إلى دول عربية وحتى الموساد، يجعل من امكانية العبث بالتركيبة السكانية ومطالب سياسية من نوع لم نعهده من قبل ممكن، ومن حق الآخرين أن يستثمروا في ظل غياب الدولة وعدم جدية ومسؤولية البعض.
الأمن ليس فقط إرهابا الآن كما اكدته تصريحات الوزير الاول في المنطقة، بل هو كل اشكال الجريمة المنظمة، التي اصبحت تهدد كيان الدول، وكما أن الوقاية من الامراض قضية ذات اولوية واستراتيجية بالنسبة إلينا، وكل التقارير الاعلامية وحتى الصحية تؤكد خطورة انتقال الأوبئة ومنها “ايبولا” من المنطقة الصحراوية، مما يفرض وعيا بالمخاطر وأن التصريحات الحقيقية هي التي تضع على أرض الواقع إجراءات ملموسة تقنع الرأي العام الوطني قبل الدولي بأن الدولة تأخذ قضية انتقال الأوبئة من إفريقيا بشكل جاد عبر مؤسسات أو حملات طبية لهذا الغرض، وان لم نملك الامكانيات فصحة مواطنينا أهم من البنايات والإنشاءات، وعلينا الاستعانة بالصينيين والكوبيين قبل فوات الأوان، وخاصة امام حالة الاستنفار العالمي حول فيروس إيبولا الذي اصبح يهدد الصحة العالمية في الدول الكبرى والمتخلفة وما بينهما.