سليمان شنين
الأفافاس.. ومبادرة الخروج من عنق الزجاجة
جلس أمس كل من عمار سعداني وعبدالقادر بن صالح مع الهيئة الرئاسية لحزب آيت احمد بعد أن كان هذا الحزب في دائرة المغضوب عليهم، كيف لا وهو صاحب الحقوق المحفوظة للشعارات الاكثر راديكالية في الحياة السياسية في الجزائر، والتي يأتي على رأسها “pouvoir assassin ” نظام مجرم.
في السياسة لا شيء محرم أو مستحيل والأكيد أن ظروف البلد قد تغيرت كثيرا، بل إن تصريحات قيادات احزاب السلطة في هذه اللقاءات اليوم تعود للمربع الذي شخصت المعارضة به المشهد السياسي الجزائري، فالوضع اصبح خطيرا، وقبل شهر من هذا لم يكن كذلك. كما أن المسؤولية اصبحت جماعية وأن الشراكة تفرضها المخاطر التي تواجهها البلد، وليس أن الوضع هو نتيجة طبيعية لمن ادار ظهره للجميع ولم يستغل فرصة الانتخابات الرئاسية الماضية، ولان الوطن لا بديل عنه فإن الواجب يدعو الجميع إلى تناسي المسببات والاهتمام بالواقع والعمل على إيجاد مخرج قبل أن يغرق الجميع.
الأفافاس واضح في خطواته، ومبادرته اقرب للواقعية اذ يرغب في اشراك الجميع سلطة ومعارضة للخروج من الازمة، ولم يتخل عن حلفائه التقليدين وعلى رأسهم السيد مولود حمروش الذي سينهي به المشاورات الاولية، وخارطة طريقه واضحة والاحزاب الاساسية للمحيط الرئاسي يبدو انها تلقت التوجيه بالتعامل الايجابي مع مبادرة الأفافاس لتجاوز انتكاسة أويحيى من جهة، وربما توظيف المبادرة لتمرير مسودة الدستور، وهو اقل تكلفة لهذه المبادرة حتى ينقذ الرئيس من عقدة الاجماع الذي لم يتحقق منه شيء في هذه المرحلة الجديدة.
الأفافاس من جهة أخرى يريد أن يعود إلى الديمقراطية التشاركية من اوسع الابواب، من خلال قيادة الحراك السياسي، وقد ينجح حتى في فرض خياراته لتسيير البلاد في مرحلة ما بعد بوتفليقة، ومرشحه في هذه الحالة هو السيد مولود حمروش الذي قام بدور التحضير النفسي لباقي المعارضة، من خلال مشاركته في البداية مع مجموعة الانتقال الديمقراطي، لينسحب ويعطي الفرصة لحليفه التاريخي في التحرك وتجميع القوى الذي تتردد كثيرا في قبول فكرة استخلاف حمروش.
مبادرة الأفافاس هي بداية التحرك بعد الشعور بالخطر من الجميع، والسلطة تدرك اهمية العمل على تمتين الجبهة الداخلية جغرافيا وايدولوجيا وحتى في الولاءات، ولهذا فهي لحد الآن المبادرة المرشحة اكثر من غيرها في إعطاء الامل في إمكانية الخروج من عنق الزجاجة، الذي وضعت فيه الجزائر في الشهور أو المرحلة الاخيرة…