وعد بلفور : (وعد النشأة ووعد الحماية ووعد الآخرة ) عبد الحميد بن سالم

بسم الله الرحمان الرحيم
وعد بلفور :
(وعد النشأة ووعد الحماية ووعد الآخرة )
عبد الحميد بن سالم
إن أول زعيم أوربي دعا الى إيجاد وطن قومي لليهود هو نابليون بونابارت قائد الحملة الفرنسية ، لكن الدولة الأقوى في ذلك الوقت هي بريطانيا وهي التي باشرت هذه الجريمة ، وهي في قمة عنفوانها وادعائها الشرف والدفاع عن القيم الإنسانية ، ليكتشف العالم بعد سنوات من التصديق بهذه الكذبة ، الحقيقة من بلفور نفسه صاحب الوعد ، من خلال أحد مراسلاته المحفوظة في الأرشيف الوطني البريطاني ” بالنسبة لفلسطين نحن لا نقترح حتى مجرد استشارة رغبات السكان الحاليين للبلد ، إن القوى الكبرى الأربع ملتزمة بدعم الصهيونية سواء أكانت الصهيونية على حق أوباطل ، حسنة أوسيئة ، فإنها عميقة الجذور في التقاليد وفي احتياجات الحاضر وآفاق المستقبل وأعظم بكثير من ظلامات ورغبات 700 ألف عربي يسكنون الآن في البلد القديم .” ليصاب العرب بالصدمة والإحباط مرة أخرى بعد صدمة نبأ اتفاقية سايس بيكو التي كانت طي الكتمان ” من ماي 1916 الى أكتوبر 1917 ” حتى كشفتها روسيا بعد قضاء ثورتها على الحكم القيصري. فأصيبت الثورة العربية ( المضادة) بالصدمة وهي الثورة التي قادها الشريف حسين بتحريض من البريطانيين ضد الدولة العثمانية بسبب بعض المظالم التي حدثت للعرب في زعمهم وتحالفوا مع البريطانيين من أجل إسقاطها مقابل حكم عائلته على الحجاز والشام ، واكتشفوا الخيانة والنفاق والغدر. وكان لبريطانيا جرم الإنشاء لهذه الدولة الحاجزة .
لتتولى الرعاية منذ ذلك الحين الولايات المتحدة التي هي أيضا تمثل الدولة العظمى وصاحبة الشرف اليوم وهي التي طالما بشرت بالديمقراطية وحقوق الإنسان والحريات وكل القيم الإنسانية في مشروع الشرق الأوسط الكبير . لتنقلب على مبادئها أول مابدأت تظهر نتائج هذا المشروع ، وبدأت الشعوب تأخذ حريتها في بعض الدول العربية ويؤول الأمر اليها في الحكم ، وذلك حماية للكيان الصهيوني التي تعتبره إلتزاما لايمكن الخروج عنه بحال من الأحوال ، فقامت بالثورات المضادة بما يشبه ثورة الشريف حسين ، واتخذت من ديكتاتور مصررأس الحربة ، وبدأت في إعادة تقسيم الدول في مايشبه اتفاقية سايس بيكو في تصحيح جديد لتلك الإتفاقية ، التي لم تعد كافية لإضعاف الدول العربية والإستيلاء على ثرواتها . وكل هذا في اتفاقية سرية كما كانت اتفاقية سايس بيكوا في سريتها ، وتقاسم للأدوار مع جميع من يريد أن ينخرط مع الدول الغربية . مقابل تقسيم النفوذ والثروات وتأمين مناطق العبور والقواعد العسكرية . وكأن التاريخ يعيد نفسه ، وهي تقول بلسان الحال أيضا قياسا على قول بلفور ” إن مستقبل الغرب ودولة بني إسرائيل والعمل على ضمان موارد العيش وأسباب الأمن أهم من حياة 2 مليون من أهل القطاع ، الذين صاروا يشكلون تهديدا لأمن إسرائيل ، وأي تهديد لأمن إسرائيل هوتهديد للأمن والسلم العالمي . وأهم من قتل 5آلاف مصري في رابعة العدوية .
غير أن الحقيقة المرة على الغرب أن هناك تغييرا في عقلية الشعوب ، وقد تشبعت بمعاني الحرية وحقوق الإنسان ، وتغييرا في نظرات الشعوب الى الكيان الصهيوني وجرائمه الإنسانية ، واهتزاز في الثقة بحكوماتهم وهي تشعل نيران الفتن في الدول العربية خصوصا ، وتؤيد الإنقلابات ، وتمد الأطراف المتصارعة بالسلاح ، حتى صارت جل شعوب الدول العربية جيوش مسلحة متقاتلة متناحرة ، وقد يؤدي هذا الى نتائج عكسية ويصبح تهديدا حقيقيا للسلم العالمي ولدولة الكيان الصهيوني .
وبدأنا نلمح نتائج يقظة الشعوب الغربية خصوصا ، بدءا من مواقف دول أمريكا اللا تينية ، التي أصبحت تتهم إسرائيل بالإرهاب ، وهي الدول التي كانت سببا مباشرا في التصويت لصالح قرار التقسيم .
الى النرويج التي احتضنت إتفاقية أوسلو المشؤومة وهي الآن الدولة الأولى التي تعترف بحكومة الوحدة الوطنية بقيادة اسماعيل هنية ، ولم تصف حماس بالإرهابية ، وشهدت شوارعها أضخم المظاهرات بمناسبة العدوان على غزة ، كما حدث هذا في كثير من الدول الغربية الأخرى ، وكان وزير خارجيتها هو الوحيد الذي زار غزة بعد توقيف الحرب ، وهو الذي يقود حملة إعمار غزة .
وبريطانيا راعية وعد بلفور، يعترف مجلس نوابها بالدولة الفلسطينية . ودولة السويد أيضا . كل هذا أوحى الى الدول الغربية بتشويه الإسلام ومفهوم الدولة الإسلامية من خلال اختلاق داعش التي تمارس الإرهاب بأبشع ماتمارسه كل الكيانات الإرهابية التي سبقت من أجل تشويه كل مايتعلق بالإسلام السياسي الذي ينادي بإقامة دولة ، أورفع راية الجهاد ضد الكيان الصهيوني ، غير أن التعويل ليس على هذ الدعم الشعبي الغربي ، ولا الكيد الرسمي الغربي ، بقدرما يكون التعويل على الشعوب العربية والإسلامية الثائرة في انتفاضتها الثانية الرادعة بإذن الله لهذه الثورات المضادة ومن يدعمها ، وكتائب القسام الجديرة حقا باسم الجيش الذي لا يقهربتوفيق الله ، وقبل ذلك وبعده بوعد الآخرة الذي وعد الله المؤمنين به “فإذا جاء وعد الآخرة ليسؤا وجوهكم وليدخلو المسجد كما دخلوه أول مرة وليتبروا ماعلو تتبيرا.” الإسراء. الذي سوف يقهر وعد البريطانيين بالإنشاء ووعد الأمركيين بالحماية لهذا الكيان ، ويأتي باليهود الى فلسطين لفيفا الى بيت المقدس ، ويوحد كلمة المسلمين ويجمع كلمتهم ، وتقف الأرض قاطبة معهم حتى الشجر والحجر فينطق ويقول “……يامسلم ياعبد الله هذا يهودي ورائي تعالى فاقتله الا شجر الغرقد فإنه من شجر اليهود ” “ويومئذ يفرح المؤمنين بنصر الله .”صدق الله العظيم وصدق رسوله الكريم ونحن على ما قال ربنا من الشاهدين .

اترك تعليقًا