فليتدارك العقلاء الموقف

سليمان شنين
فليتدارك العقلاء الموقف


أثارت زيارة الوفد الأوروبي للجزائر وطلب لقائه بالمعارضة الوطنية لغطا كبيرا عند البعض وخاصة القوى المؤيدة للرئيس، رغم أن الطرف الاكثر تمثلا سارع قبل طلب الوفد الاوروبي والتقاه بمقر حزب جبهة التحرير الوطني، وحاول اظهار اللقاء على انه رسالة مفادها أن السلطة ممتعضة من الزيارة ومن توقيتها وأن كل شيء في البلاد على ما يرام.
سي عمار الوطني الذي اختار أن يحاكم من اتهموه بالعمل مع جهات دولية برفع دعوى قضائية ضدهم وفي المحكمة العسكرية، لأنها على حد تعبيره قضية تمس الأمن القومي، ورغم أن من رفعوا دعوة ضده قالوا إنهم يملكون الادلة ومستعدون أن يذهبوا معه للمحكمة العسكرية، مما يعني اننا أمام مشهد جديد لم نعهده من قبل.
رسائل سي عمار لم تتجاوز صفحات من اختار التعامل معهم إعلاميا، لسبب واحد انه هو من بدأ اللقاء مع السفير الفرنسي قبل الانتخابات الرئاسية وفي مقر حزب جبهة التحرير الوطني، وهو من اثيرت حوله قضايا لم يشهدها امين عام الافلان من قبل، والتي من أواخرها اكتسابه الاقامة في فرنسا وتردده غير المبرر عليها، وبالتالي استمرار اللغط حول علاقاته هناك ومع من يتعامل، وهل فعلا انه كان عرابا لخريطة طريق فرنسية يبدو انها انجزت البعض من نقاطها، وانتهت إلى نهاية المطاف انها لا يمكنها تغيير بعض ثوابت النظام رغم كل ما بذل.
توقيت تحرك الاتحاد الاوروبي قرأه البعض انه رغبة فرنسية في اعادة تركيب المشهد السياسي في الجزائر، ولأن باريس تدرك حساسية موقفها وإمكانية الانتقام منها من البعض، فأوعزت للاتحاد بالمبادرة من اجل استيعاب التغيرات المحتملة، وخاصة أن الاعلام الفرنسي سبق وأن اعلن بداية مرحلة ما بعد بوتفليقة مباشرة بعد زياراته الاستشفائية الاخيرة في مصحة قرونوبل.
الاطراف العاقلة في السلطة سواء كانت في محيط الرئيس أو في أي موقع آخر، إن كان لها تأثير في هذه المرحلة مطالبة بأن تتحرك بجدية ومسؤولية، بعيدا عن منطق الاقصاء والتخوين وأن تبحث في بدائل حقيقية يمكنها أن تحقق تحولا ديمقراطيا حقيقيا يطمح له الشعب الجزائري وكل القوى المخلصة في البلد وهي الأغلبية، خاصة أن كل الاطراف الآن اصبحت تدين العنف والإرهاب واننا بدأنا مرحلة جديدة التقى فيها خصوم الامس وتصالحوا بالحوار والإنصات وأمام التحديات التي تواجه بلادنا.
إن النضج الذي وصلت اليه المعارضة مطلوب من السلطة أن تصله اليوم، وان نصحح جميعا مسار البلد، دون أن نهدر طاقاتنا وإمكانياتنا من جديد في معارك هامشية لا تخدم مصالحنا العليا ولا مصالح المنطقة الراغبة في أن تتولى الجزائر مبادرة استقرارها وأمنها…

اترك تعليقًا