كن ھدھد سلیمان علیھ السلام بقلم حشاني زغیدي

 

كن هدهد سليمان عليه السلام         بقلم حشاني زغيدي

           

                  ان تخصيص الحيوان في القران الكريم بالذكر و وروده في حراك  حياة  الإنسان .  له من الدلالات الإعجازية  التي تجعلنا نمعن النظر ونطيل التأمل لأسرار هذه المخلوقات المتفردة  بسلوكها المنفرد وسنخص هذا الطائر الصغير الهدهد ونتعرف على اسرار قصته نستخرج منها القيم والإحكام  فنستلهم  منها الدروس التربوية و العبر  .

                 إن  البيئة التي وجد فيها طائرنا هي بيئة الرسالة  حيث القيادة الراشدة لنبي الله سليمان عليه أفضل  الصلوات والسلام الذي أولى لمملكته من الرعاية والتعهد في  المراقبة و المحاسبة  فهو مهتم بأدق الأمور  فيها  و مهتم بأصغر جزء  في مفاصلها لأن من  واجبات ولاة الأمور تفقد أحوال الرعية  فكان السؤال عن غياب أحد عماله الموكل له من المهام الخدمية في مشروع الدولة ”  وَتَفَقَّدَ الطَّيْرَ فَقَالَ مَا لِيَ لَا أَرَى الْهُدْهُدَ أَمْ كَانَ مِنَ الْغَائِبِينَ (20) وهو سلوك حضاري راقي  تعتمد عليه أنجح  منظومات الحكم  في ادارة مصالحها  فالمراقبة و المحاسبة سلوك حضاري راقي تعتمد عليهما انجح المنظومات في ادارة المصالح سواء كانت اقتصادية أو إدارية اجتماعية   و هي آليات نحن في امس الحاجة اليها  .

                ان الهدهد مثل للإنسان الناجح الذي رسم  لنفسه طريق النجاح   وطريق التميز  فقد شغلته قضية جوهرية . حمل خبر يقيني تعلق بأمر عبودية غير الله .  فقد آلامه أن يسجد  عبد لغير خالقه  فكانت المبادرة وكانت  الخدمة  فكان  غيابه عن الواجهة و عن واجبه الخدمي   نقل  مشهد   لنبي الله سليمان عليه السلام   لبذل الجهد فيه  لهداية الخلق . لأن  قيادة الناس للشرك من اعظم الذنوب فكان  نقل قصة  الملكة المشركة لقائده في حنكة وأدب فقيادة الهداية لمملكة سبأ و قومها  من أولى الوجبات . ”  وَجَدتُّهَا وَقَوْمَهَا يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِن دُونِ اللَّهِ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ فَهُمْ لَا يَهْتَدُونَ (24)  وكأني بالهدهد يوجه الرسالة للأمة  انقدوا عباد البقر والأوثان  في عالم اليوم و لنبذل  الجهد    لهدايتهم

.              ومن العجيب في القصة أن الهدهد كائن مميز يراعي فقه المصالح ويراعي فقه التوازنات فقد وظف القاعدة الفقهية اذا تزاحمت المصالح يقدم الأعلى من المصالح. فقد أثار غياب  مجلس سليمان عليه السلام  تحصيلا للمصلحة الأعلى   قال:  الوليد بن مسلم : حدثني معاوية بن سلام ، عن جده أبي سلام الأسود ، عن النعمان بن بشير الأنصاري قال : كنت عند منبر رسول الله – صلى الله عليه وسلم – في نفر من أصحابه ، فقال رجل منهم : ما أبالي ألا أعمل لله عملا بعد الإسلام إلا أن أسقي الحاج . وقال آخر : بل عمارة المسجد الحرام . وقال آخر : بل الجهاد في سبيل الله خير مما قلتم . فزجرهم عمر بن الخطاب  رضي الله عنه – وقال : لا ترفعوا أصواتكم عند منبر رسول الله – صلى الله عليه وسلم – وذلك يوم الجمعة – ولكن إذا صليت الجمعة دخلت على رسول الله – صلى الله عليه وسلم – فاستفتيته فيما اختلفتم فيه . قال : ففعل ، فأنزل الله – عز وجل – : ( أجعلتم سقاية الحاج وعمارة المسجد الحرام ) إلى قوله : ( والله لا يهدي القوم الظالمين )  رواه مسلم في صحيحه ، وأبو داود  وابن جرير وهذا لفظه وابن مردويه ، وابن أبي حاتم في تفاسيرهم وابن حبان في صحيحه  فكانت موازنة طيرنا الهدهد   بين المصالح أو المنافع أو الخيرات المشروعة بعضها و هو فقه تزيد أهميته في وقتنا الحالي تستنير به  الحركة الإسلامية في حراكها . 

 

و لله أكبر لله الحمد                       الجزائر في 07 / 12 / 2014

                                              

اترك تعليقًا