العنوان الأخير: ذروة السنام

بسم الله الرحمن الرحيم
العنوان الأخير: ذروة السنام
عبد الحميد بن سالم
جاء قرار المحكمة المصرية، بإعلان كتائب القسام منظمة إرهابية، لتصل السلطة الانقلابية إلى آخر عرض يمكن أن تقدمه للغرب من أجل الاستمرار في تأييده للانقلاب، وخاصة بعد التغييرات الأخيرة التي شهدتها الساحة الداخلية من التصعيد الثوري و الساحة الخارجية بعد استيلاء الحوثي على اليمن ووفاة الملك عبد الله الراعي الرسمي للانقلاب، و قبله قرار المحكمة الأوروبية بأن حماس ليست منظمة إرهابية. و كان على مصر أن تقدم رشوة كبيرة من هذا النوع لا يمكن أن تردها أمريكا وإسرائيل فهي تدرك جيدا العنوان الكبير الذي تتجه إليه الدولتان بعد كل هذه الحروب و التحالفات و محاولات تفتيت الأمة العربية و إشعال الفتن و رفع شعار محاربة الإرهاب من ربع قرن من الزمن من أجل أن تصل أخيرا إلى هذه المحطة و هو القضاء على معنى الجهاد و تشويه المجاهدين و نزع فكرة إزالة بني إسرائيل من الوجود التي يتبناها أحرار الأمة وتأسست كتائب القسام لأجلها .
فلم تتوثق العلاقات الأمريكية العربية إلا بعد أن تم الإعلان عن الانتهاء الرسمي للحروب الرسمية العربية بعد حرب 73 و أغلقت مصر و سوريا حدودها مع فلسطين ليتوقف العمل الفدائي نهائيا ثم جاءت معاهدة كامب ديفيد و تطبيع الدول العربية مع اسرائيل .
و بدأ الترتيب للجيش المصري و هو أكبر جيش عربي لتغيير عقيدته القتالية و يتحول إلى حارس أمين لمعاهدة كامب ديفيد من خلال الدورات الإدارية الدورية التي يجريها كبار الضباط في أمريكا وتغيير أخلاقه بعد أن لوث يده بالمال وأصبح القائم على اقتصاد البلد من خلال الميزانية الضخمة التي تعطيها له أمريكا سنويا فتحول من صانع سلاح إلى صانع الشكولاطة ومن حامي الديار إلى مخرب للديار في سيناء.
و قد سبق عرب السنة هؤلاء المعسكر الشيعي الذي غطى طويلا على سياسته وعلى عقيدة القتالية حتى كشفت عنها الأيام بأنها تركز أساسا على حرب أهل السنة ، والتوسع في المحيط العربي ، و لم يناقض بذلك عقيدة الحسينية و لا تاريخية الشاهد على ولائه و تحالفه مع أمريكا و إسرائيل ، وإنما ناقض شعاراته فقط التي يرفعها دائما ، ابتداءا من الحوثيين الذين يرفعون شعار الموت لأمريكا و الخزي لإسرائيل و هم في تحالف مؤكد معها من أجل “ضرب القاعدة في اليمن كما يزعمون” و يرعى هذا التحالف جمال بن عمر المبعوث الأممي ، وصرّح الأمريكيون مرارا بأن ما يهمهم في اليمن هو القضاء على القاعدة .
إلى حزب الله الذي نطقها أخيرا على لسان أمينه العام بأنه لا يريد معركة مع إسرائيل في الوقت الراهن وهو منشغل بقتال أهل السنة في سورية ، و لم يفعل ذلك من قبل إلا فقاعات إعلامية على معارك لم تتجاوز أرض لبنان بشبر واحد ليثبّت مشروعية جيشه في لبنان و ينفذ مشروعه مع إيران و رأيناه متفرجا دائما على المعارك الحقيقية التي أدارتها كتائب القسام ، ولم يكلف حتى إعلامه من أن يروج للانتصارات الباهرة التي حققتها كما روج لضخات نارية ومناورات عسكرية استعراضية قامت بها كتائبه.
و سبق ذلك شيعة العراق وقبل الاحتلال الأمريكي ، حيث جاء في مذكرات قائد القوات الأمريكية في العراق أن عبد العزيز الحكيم قد طلب من بوش حين زاره وفد المعارضة العراقية ليحثه على احتلال العراق و اختلى به الحكيم و قال له :” إذا تم تمكين الشيعة من الحكم في العراق فإن الشيعة على استعداد لطاعة كل أوامركم و تنفيذ كل خططكم و الانحياز التام لها ” كما جاء في كتاب (الردة عن الحرية لمحمد أحمد الراشد) و هذا الذي صدقته الأيام . وللشيعة تاريخ حافل لمثل هذا الولاء للغرب من تاريخ الفاطميين إلى الثورة الإيرانية التي لم تنجح إلا بدعم من أمريكا بعد أن نفضوا أيديهم من الشاه .
و لم يكن متوقعا من القيادات الشيعية أن يصل بهم الحد إلى تأييد الانقلاب العسكري في مصر و يباركونه ، و يقوم خاتمي والمالكي و الحكيم و علاوي بتأييد الانقلاب من أول لحظة وقوعه .
وعن شيعة السعودية نذكر حدثا أورده الشيخ محمد أحمد الراشد في كتابه الردة عن الحرية “أن شيعة الأحساء والقطيف من المنطقة الشرقية من مملكة آل سعود تولد عندهم طموح فأولموا وليمة غداء فخمة للقنصل الأمريكي في مدينة الدمام في بيت أحد كبار رجال الأعمال و طلبوا من القنصل أن يطلب من حكومته احتلال المملكة على غرار احتلال العراق و أن الشيعة سيعاونون في ذلك فرفع القنصل تقريره فكان مما سرّبته ويكيليكس في تسريباته ” كما فضح في نفس الكتاب أسباب التصرف الشيعي الإيراني ضد مرسي و أحرار مصر فقال : ” يرجع إلى خمس وثلاثين عاما أو أكثر لندرك وجود حلف استراتيجي بين أمريكا و الشيعة أطلق فكرته و أبدعه الرئيس نيكسون في مذكراته فقد قال فيها بيقين و صراحة بأنه هو ومن سبقه من الرؤساء لم يتفطن إلى أهمية الخلاف الشيعي لأهل السنة و دعا الرؤساء الذين سيأتون بعده ألّا يقعوا في الخطأ الذي وقع فيه هو و الذين من قبله و أن يستثمروا الخلاف الشيعي لتقرير المصلحة الأمريكية العليا و ببعد عميق و استراتيجي المدى” و كانت أول نتائج هذا الصيحة تأييد الخميني في ثورته على الشاه .
و بهذا يمكن القول بأن الشيعة لم يكونوا ليبلغوا هذا المبلغ إلا حين توغلوا في هذا التحالف الأمريكي الذي لا شك أن وراءه إسرائيل و أن عرب السنة قد بلغ بهم التخلف والفتن بسبب أن شعوب هذه المنطقة قد وضعت على رأس أجندتها مخطط لزوال دولة بني إسرائيل عكستها هتافاتها أثناء الثورات العربية وتأييدها المطلق لحركة حماس و كتائب القسام التي جعلت هدفا واحدا في أجندتها و هو إزالة الاحتلال و رفعت راية الجهاد نيابة عن الأمة عندما تأخرت الجيوش العربية وحققت انتصارات أسطورية أرعبت الكيان الصهيوني وحلفائه ومن هنا جاءت فكرة محاصرة هذا الفصيل ومحاولة القضاء عليه وكانت الخطوة الأولى هذه الثورات المضادة والانقلاب في مصر و قد قالتها صراحة ليفني أن السبب وراء الانقلاب العسكري هو أن الإخوان يضعون على رأس أجندتهم زوال دولة بني إسرائيل . فسر العملية كلها وعنوانها الكبير ذروة سنام الإسلام الجهاد في سبيل الله . ( وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ )البقرة 120 . قال أبوكر الصديق – رضي الله عنه- ( ما ترك قوم الجهاد في سبيل الله إلا ذلّوا ) .

اترك تعليقًا