الملتقى الوطني للتكويني للإطارات النسوية

حركة البناء الوطني
الجزائر

الملتقى الوطني للتكويني للإطارات النسوية
“الأسرة الجزائرية والتحديات الجديدة”
يومي 20 و21 مارس 2015

كلمة الشيخ مصطفى بلمهدي رئيس الحركة في افتتاح الملتقى

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه قال تعالى:
” وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللّهُ إِنَّ اللّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ” سورة التوبة الآية 71
” يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَجِيبُواْ لِلّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُم لِمَا يُحْيِيكُمْ” سورة الأنفال الآية 24
” فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لاَ أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِّنكُم مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى بَعْضُكُم مِّن بَعْضٍ” سورة آل عمران الآية 195
الأخوات الفضليات و الأخوة الأفاضل أحييكم بتحية الإسلام، و تحية الإسلام السلام، تحية الملائكة للذين فازوا الفوز العظيم، فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
وأحييكم في هذا الاجتماع، الذي يضم إطارات الحركة النسوية، من مختلف ولايات الوطن، تداعين واجتمعن تحت قبة البناء الوطني، من أجل المدارسة والنقاش حول التطورات الحاصلة في البلاد، والتي شكلت تحديات جديدة في مسار الأسرة الجزائرية، التي تمثل القلعة الإسلامية الحصينة لحماية البلاد، والثوابت والوحدة والانسجام الاجتماعي، والحفاظ على الاعراف الراقية للشعب الجزائري المسلم، الذي يستمد نظرته للحياة، ويصدر حكمه على القضايا المثارة إنطلاقا من مبادئ الإسلام وقيمه، وتعاليمه الربانية العظيمة، ويتطور من خلال النظرة العصرية، المبنية على العلم والتقدم والمواكبة لاحتياجات العصر.
أيها السادة الكرام: إن الجزائر تشهد تطورات حساسة في ثلاث ملفات خطيرة ومحرجة، وتستدعي من المخلصين للشهداء الاوفياء لتضحياتهم، الوقوف بتان امامها، وهي: ملف الاسرة، وملف التربية، وملف الجنوب.
فأما ملف الأسرة فهو الملف الحساس، الذي عالجه الإسلام علاجا عميقا ، لم يترك فيه سبيلا للعابثين بقانون الاسرة، هذا الملف الذي يشهد هذه الايام تجدد الحملة عليه من خلال المقدمة السيئة التي جاء بها قانون العقوبات فيما يتعلق بالزوجين وهو تعسف في حق الاسرة، التي بنيت في المنظومة الوطنية منذ القديم، على اساس المودة والرحمة والصلح، وليس على اساس العقوبة والصراع، والصدام والخصومات، ومنذ الثمانينات والحكومات المتتالية تسعى إلى المساس بالأسرة تحت ضغوط خارجية، تريد هدم حصوننا الوطنية من الداخل، ولكن المواطنين و المواطنات، والقوى الوطنية، كانت باستمرار بالمرصاد، تقاوم هذه العمليات التي تريد السطو على موروث الأمة، وإرث الشهداء، وحرمة العائلة الجزائرية، وهاهي المحاولة تتجدد، ومطلوب منا الأن ان نقف مع الأسرة الجزائرية جدارا منيعا، لتبقى الأسرة متماسكة و منتجة، ونساعدها لتؤدي دورها الايجابي في البناء الاجتماعي المتماسك، ونبعد عنها شبح التهديد والتخويف، ونساعدها في تربية أبنائها تربية تؤمن مستقبل البلاد.
إن التحديات المفروضة على الأسرة الجزائر ية ليست محدودة بالجزائر ، بل ان المشروع العالمي لاعادة تنظيم العلاقات في المجتمعات وفق رؤية غربية غريبة ، لا تنسجم مع قيمنا ومبادئنا واصبح يمس كل الاقطار الاسلامية ، ويضغط عليها لتتجاوز خصوصياتها ، و تتخلى عن ثوابتها لربطها بالعولمة المتوحشة ، يجب ان نقول لها : لا و كلا بكل وضوح فيما يتعلق بخصوصياتنا الثقافية والدينية ، وقيمنا الاساسية، وليس عندنا ما نستحي به.
فالاسلام كرم المرأة ومنع العنف ضدها منذ 14 قرنا و كانت قبل الإسلام متاعا يباع و يورث ، فأعطاها الإسلام حريتها في التصرف الكامل بعيدا عن كل الضغوط سواء أكانت إما يمر ابنائها الى الجنة من تحت أقدامها ، او زوجة حسنة الدنيا ، أو إبنة تشفع لوالدها يوم القيامة ، ولن يعلمنا الغرب اليوم قواعد التعامل الإنساني مع أمهاتنا وزوجاتنا ، وبناتنا و أخواتنا ، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” ما أكرمهن إلا كريم وما أهانهن إلا لئيم” والرجل الجزائري الحر رجل كريم وليس لئيما، وإننا ندعوا السلطة للتحرر من الضغوطات الخارجية، بالإحتماء بالشعب من هذه الضغوطات الخارجية، فلا تسمح للغرب باستغلال الأوضاع الصعبة التي تمر بها البلاد، لتمرير المشاريع المشبوهة، وسيقف الشعب مع الجزائر وأصالتها، وفاء للشهداء.
كما ندعوا كافة القوى السياسية الى التنسيق بينها من أجل الموقف المشترك، للمحافظة على الإنسجام الاجتماعي في المجتمع الجزائري، الذي وحدته يد الله ولا تستطيع أيدي الشيطان أن تفرقه، كما قال الامام بن باديس رحمه الله.
أيها السادة ان موضوع الاثارة لقضايا الأسرة تتزامن مع إثارة ملفين هامين أيضا هما:
: 1- ملف التربية الذي أوشك على دفع الاساتذة والتلاميذ الى اليأس من حلول جادة تقوم بها الجهات الوصية، وأصبح الأمر يهدد ابناءنا بسنة بيضاء ثم طلعت علينا الوصاية بحكاية القرض المدمج الذي يريدون من خلاله تعويض الاساتذة، ودروس الاساتذة بالاقراص المدمجة، ولا يهم بعد ذلك ما يحدث لألاف الأساتذة، وبهذا المنطق فلا نحتاج في المستقبل الى الوزارة ايضا، لاننا يمكن ان نعوضها بأقراص مدمجة، وهنا نقول كفى عبثا بالمنظومة التربوية، وكفى عبثا بالمدرسة الجزائرية، وكفى استهانة بالأستاذ الجزائري.
2- ملف الجنوب الذي ابتدأ بالاحتراب المذهبي في غرداية وأسال دماء ، وأضاع أموالا، وأفسد العلاقات الاجتماعية بين الناس، ولا تزال الأوضاع متوترة بسببه و لو ارتدعوا بموقف رسول الله صلى الله عليه و سلم و قولته الشهيرة عن الفتنة التي أيقضها اليهودي بين قبيلتي الأوس و الخزرج بعد الإخاء.” أبدعوى الجاهلية وأنا بين ظهرانيكم ، دعوها فإنها منتنة ” ثم انطلقت التوترات في ولايات ورقلة وادرار وتندوف ، لتنتهي الى مشكل الغاز الصخري الذي لا يزال لحد الساعة يمثل مشكلا لم يعد لولايات الجنوب فقط، بل تحول لكافة ولايات الوطن، لأن السيادة الوطنية واحدة غير متعددة اصبحت مهددة، ولان الاجيال القادمة اصبحت مهددة قبل ولادتها، ولان الشعب اصبحت كلمته لا قيمة لها، عندما إعتصم أشهرا في عين صالح، وسانده المواطنون في كل مكان، ولكن السلطة لم تستجب لها رغم الوعود الكبيرة بتأجيل الملف.
وإننا في حركة البناء الوطني نعتبر أن التلاعب و اللامبالاة بهذه الملفات تهدد استقرار البلاد ، ومحاولة استغلالها كوسيلة من أطراف خارجية من اجل الزج بالبلاد ، الى وضع يشبه أوضاع جيراننا من الدول ، التي ذهب استقرارها ، وتناحر ابناؤها ، وصدق فيهم قوله تعالى:” يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُم بِأَيْدِيهِمْ ” سورة الحشر الآية 2 واستبيحت أراضيها، وهددت سيادتها، ومثلما نحن نحاول الصلح والمصالحة في ليبيا و مالي بسياسة خارجية رشيدة، نتمنى أن نحل مشاكلنا الداخلية وحدنا وبحريتنا، حتى لا نضطر يوما الى قبول وساطة الاخرين، الذين يؤججون نار الفتنة بدل إطفائها و يوفرون لها السلاح بدل الحلول السلمية، فليس من الحكمة ان نحل مشاكل غيرنا سلميا و نركب مركب الحماقة مع مشاكلنا الداخلية –لا قدر الله- و خاصة اذا استمر البترول في الانهيار، وازدادت المطالب والضغوطات الداخلية والخارجية، لاننا لا نستطيع المواجهة الا بحصون قوية متينة متماسكة، اهمها حصن الاسرة، وحصن التربية، وحصن الوحدة الوطنية، قال تعالى: ” وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُواْ وَاتَّقَواْ لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاء وَالأَرْضِ ” سورة الاعراف الآية 96

اترك تعليقًا