كلمة رئيس الحركة الشيخ مصطفي بلمهدي بالمؤتمر الشباني بولاية الجلفة

بسم الله الرحمان الرحيم
الحمد الله وصلاة والسلام على رسول الله وعلى اله وصحبة ومن والاه.

ايها الحضور الكريم

نحييكم بتحية الاسلام فالسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.

و بمناسبة حلول شهر شعبان المبارك ندعو الله ان يبارك لنا في شعبان و يبلغنا رمضان.
ونتشرف بالحضور معكم في هذه الرحاب والربوع الطيبة التي نستظل فيها بظلال القيم السامية، التي رسخها سيدي نايل في المنطقة وتركها علامة مميزة لسكان هذه المنطقة الاشراف الكرام، وهي قيم الإسلام، وقيم العربية، وقيم الوطنية الصادقة.

ونحيي من خلالكم ايها االحضور كل القائمين على ثغور القران والعلم، والكرم ورحابة الصدر، التي يشعر معها الوافد اليكم و الى منطقتكم انه صاحب الدار ومالك المزار.
كما نترحم على الشيخ سي عطية رحمه الله، العالم الجليل، العارف بالله، الذي كان دائما يردد: “يا ضيفنا لو زرتنا لوجدتنا نحن الضيوف وانت رب المنزل” فنحن اليوم في اهلنا وديارنا بين اخواننا، مواطني ولاية الجلفة الاكارم.

ايها السادة

إن هذه الوقفة التي نقفها اليوم؛ هي وقفة في مؤتمر حركة البناء الوطني الشباني، الذي هو واحد من مجموعة مؤتمرات، تنظمها حركة البناء في هذه الايام في كل ولايات الوطن، لتعطي الاولية فيها للشباب و تتشارك معهم الراي والعمل، وتسمع منهم، وتقدم لهم برامجها واقتراحاتها، ومن خلال ملاحظاتهم، تصحح مسارها في الاتجاة الذي حدده المؤتمر وهو
“بناء الانسان ضمان التنمية”

فالشباب هو صاحب العقل الذكي والفؤاد النقي، و الحماسة الدافقة، والمشاعر الفياضة ، والمبادرات المستمرة.

والامة التي لاتهتم بشبابها هي امة تقتل مستقبلها ، وتشل طاقتها ، وتعيق نهضتها .

والجزائر ارض الشباب و الشباب يمثل في شعبها 75% ، والامير عبد القادر اسس الدولة الجزائرية الحديثة وهو شاب يافع ، و المجاهدون في مجموعة 22، ومجموعة الستة، انما كانوا شبابا خرجوا بانفسهم وتحدوا العوائق والعراقيل و اقتحموا العقبة، ليصنعوا مستقبل امة، ويوقدوا اعظم ثورة، ويتركوا لنا بيان اول نوفمبر الخالد، الذي اسس لدولة جزائرية ديمقراطية اجتماعية في اطار المبادئ الاسلامية.

ايها الحضور الكريم

اننا نريد من شبابنا ان ينعتق من ضغوط الواقع، وينطلق في آفاق البناء المستقبلي، الذي لا يمكن ان يتحقق الا في اطار غاية اساسية لا مناص منها؛ لمن اراد ان يكون وفيا للشهداء، مخلصا لله، صادقا مع الوطن، يؤثر المصلحة العليا على المصلحة الحزبية والفئوية والجهوية والعائلية، التي اصبحنا نشعر بها في كثير من المواقع تضع فيها العوائق.

ومن اهم هذه القيم والمبادئ

1- قيم العقيدة التي تجعل الثقة في الله، تعطينا الامل في المستقبل، وتطرد الياس من انفسنا ومن صفوفنا، وتجعل لنا هدفا واضحا نعمل من اجله، ونحن ندرك جيدا ان غايتنا هي الله، العقيدة التي تزرع فينا الخوف من الله، وتعصم البلاد من اخلاق السوء والفساد الاخلاقي والاقتصادي والاجتماعي.
وما المحاكمات الاخيرة التي فاضت بها وسائل الاعلام الا دليل على غياب هذه العقيدة العاصمة من الفساد و غياب الخوف من الله ودليل على قلة الحياء لدى من يتجرؤن على المال العام، ينهبون ويسرقون ويسعون في الارض فسادا كبيرا.
وما الارباك الحاصل في القرار الوطني، تجاه العديد من القضايا، الا دليل على النيات الفاسدة والغايات المعلولة و الاطماع المستورة لدى كثيرا من يستغلون مواقع المسؤولية الذين لا يحترمون المسؤولية ولا يحترمون الشعب الذي يحكمونه ويديرون شؤونه و لا تهمهم مصلحة الوطن.
و من اهم هذه المبادئ و القيم
2- الاخلاق العامة: فانما الامم الاخلاق ما بقيت فان هم ذهبت اخلاقهم ذهبوا.
هذه الاخلاق العامة التي بعث رسول الله من اجلها “انما بعثت لاتمم مكارم الاخلاق” وقد اصبح المجتمع بكل شرائحه في حاجة ماسة الى اصلاح اخلاقي، يمنع هذا الانهيار الاجتماعي الكبير، الذي جعل المجتمع متطبعا مع الرشوة والمحاباة واللصوصية والرذيلة المتفشية ، وما قصة الخمر منا ببعيدة.
وحماية الاخلاق انما هي مسؤولية دستورية تتحملها السلطة الساهرة على تنفيذ الدستور.
كما انها مسؤولية اجتماعية، يجب على مكونات المجتمع كلها ان تساهم فيها، لان كثرة الخبث تأذن بانهيار الامم وهلاكها، وقد قالت عائشة رضي الله عنها لرسول الله “انهلك وفينا الصالحون قال نعم اذا كثر الخبث” و الخمر ام الخبائث.

و من اهم القيم و المبادئ
3- العلم : فالعلم يبني بيوتا لا عماد لها، والجهل يهدم بيوت العز والشرف.
و لقد اصيبت البلاد بظاهرة سلبية تتعلق بانتشار الغش في قطاع العلم، حتى ظهر لنا جيل هش العلم، ضعيف المعرفة، قليل البضاعة في الجانب التقني، والعلوم الانسانية، ادى الى ضعف جامعاتنا في الترتيب العالمي، رغم ما نملك من طاقات فردية لم تجد البيئة المناسبة لها فهاجرت لتستثمر امكانياتها العلمية و اثمرت ثمارها في المهجر، وما تزال تهاجر الى الدول الاخرى حيث الابداع والحريات، وهذا العصر يتطلب من وزارة التربية، ووزارة التعليم العالي، ان تاخذ على عاتقها تصحيح هذا الوضع المزري وليس الدخول في حروب مع النقابات، لان مهمة وزارة التربية والتعليم العالي هي الحرب مع الجهل والتخلف بالاساس، ونحن نتاسف عندما نسمع عن تقليص ميزانية البحث العلمي مؤخرا، لان هذا دليل على ان العلم ليس اولوية في بلادنا.

و من القيم و المبادئ
4- الاصلاح الاجتماعي : والاصلاح العام رسالة الجميع ومسؤولية الجميع، ومهمة الجميع، لان خطر الفساد ينعكس على الجميع، ويضرب المصالح الاستراتجية للبلاد.
والاصلاح يبدا من النفس الامارة بالسوء فلو اصلح كل واحد منا نفسه، ومحيطه العائلي، وساهم في اصلاح مجتمعه الصغير، لاصبحت البلاد في احسن الاحوال ولذلك:
• ندعوا انفسنا لاصلاح انفسنا ونجعل اصلاح محيطنا اولوية مستمرة
• ونطالب الحكومة بإصلاح نفسها فالمبادئ الاسلامية التي نص عليها نداء اول نوفمبر تهتم بالفرد قبل ولادته و تطهير مؤسساتها “وثيابك فطهر” واشراك الشباب فيها وليس بتدوير المناصب بين مجموعة محدودة من الاطارات ، فالجزائر ليست عقيمة، والشباب لابد ان يعطى فرصته.
• كما ندعوا الى اصلاح اداري تصلح فيه الولايات لتصبح مفتوحة على المواطن بدل البيروقراطية القاتلة المعطلة التي ترعب المواطن امام ابواب الادارات ، رغم حث الوزارة الوصية عن التقرب من المواطن، مما يعني ان الكلام عندنا لا يتطابق مع الافعال والسلوكات فحديث الوزارة الوصية في واد و التنفيذ في واد فعلى من تقع المسؤولية؟.
• وندعوا الى اصلاح مالي يعطي للمواطن الفرصة في الاستفادة من الثروة، بعيدا عن الربا والمعاملات والصفاقات المشبوهة، التي اهلكت روح العمل والمنافسة الشريفة، وادخلت البلاد في دوامة الفساد، والاتكالية والانانية، والبحث عن المصالح الذاتية، مما يقتضي حملات اصلاحية جادة ومسؤولة، تجنب الجزائر مزيدا من الانزلاقات والمخاطر المتربصة بالوطن.
5- العمل : فالله تعالى قال “وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون” والجزائر ستظل مشلولة ومرهونة مادامت تعتمد على النفط، يجب ان نحررها بالعمل من تهديد نفاذ البترول واختلالات السوق النفطية العالمية التي يتحكم فيها غيرنا وانما يكون ذلك بسياسة راشدة، وارادة صادقة، تستثمر الطاقات الجبارة المتوفرة، والثروات العظيمة في هذا الوطن، الذي يملك ثروة بحرية عظيمة وثروة فلاحية عظيمة وثروة منجمية عظيمة، وثروة شبابية عظيمة، يمكن ان تنظم كلها في سلسة واحدة هي العمل المنتج النافع والصالح، من اجل غد افضل لاجيال المستقبل، تنخرط فيه كل مكونات الوطن من شماله الى جنوبه، ومن غربه الى شرقه، وتوقف عقليه الريع، والحسابات الجهوية الضيقة، التي اضرت بالتوازن الوطني في الاقتصاد والسياسة، وتقسيم الثروة والتنمية الجادة .

اثبات
6-السيادة : فالشعب الجزائري دفع مليون ونصف مليون من الشهداء، ليعيش سيدا حرا كريما عزيزا في وطنه يستطيع ان يقود بحرية وان يعمل بحرية، ويتخذ الموقف الذي يريده بحرية.
هذه الحرية التي تضمن التعددية، والمنافسة الشريفة، وتمنع الجزائر من الاستبداد والظلم والحقرة و التهميش، كما تحفظ سيادة الجزائر من التدخلات الاجنبية التي تهدد امننا واقتصادنا وتنقص من قرارنا الوطني، ومع الاسف الشديد بعد اكثر من خمسين سنة من الاستقلال مازالت سيادة الجزائر ناقصة غير آمنة، ومن خرج من الباب مهزوما، يريد ان يعود من النافذة سيدا آمرا.
7- الحضور في قضايا الامة الاساسية : وعلى رأسها قضية فلسطين التي اصبحت شاهدة على تآمر عالمي ضد مقدساتنا، وهو ما يدعونا الى ضرورة ابقاء القضية الفلسطينية حية في الراي العام و ضمير الامة وخاصة بين الشباب لان قضية فلسطين هي قضية الامة، كما انها رمز للحرية وحقوق الانسان، وشاهد على الانهيار الاخلاقي لأنظمة الغرب التي تدعم الكيان الصهيوني، وتوهم وسائلها الاعلامية الراي العام العالمي، لتجنده ضد الحق الفلسطيني، مما يستدعي اعادة بناء الراي العام في الامة، ليناصر فلسطين، ويقف الى جانب قضايا التحرر في العالم فتحرير فلسطين هي التي تعيدنا الى وطننا الكبير.
ايها السادة
ان تركيز حركة البناء الوطني على الشباب في هذه المؤتمرات، منطلقهُ من انها ترى الشباب هو حصن البلاد، وجدارها الوطني القوي، الذي ان قويت عقيدته ، واستقامت اخلاقه ، وتسلح بالعلم والعمل ؛ كان قادرا على الوقوف في وجه الفساد والمفسدين من خلال اصلاح سياسي واجتماعي آمن، يعطي للجزائر سيادتها وقوتها، ويحقق لابنائها آمالهم بجهودهم وايديهم.
ويدخل البلاد في مرحلة جديدة تنتهي معها تلاعبات المتلاعبين، ومؤامرات المتآمرين، وفشل الفاشلين، وعمالة العملاء، ويشرق فيها فجر جديد، هو فجر الشباب الجزائري الذي نتمنى أن نراه يتبوأ المناصب الكبرى ويكون حيث يجب ان يكون ، ليقود المشاريع النافعة، ولا يمكن ان يحصل ذلك بصدقة من الاخرين، وانما بتغيير حقيقي، واصلاح واع ويقظة مبصرة يعرف شبابنا من خلالها اين يضع رجله، ويحدد ما هي اولوياته للانطلاق في التنفيذ.
ايها السادة
ان شباب الجزائر يجب ان يخرج من عقلية ” لونساج ” التي اصبحت تشبه عقلية ” البايلك” ويدخل في عقلية الاعتماد على الذات، ويفرض نفسه في الواقع ، ومن هذا المنبر نجدد دعوتنا للحكومة ان تحترم شباب الجزائر، وتتيح امامه الفرصة ليساهم في بناء وطنه، بعيدا عن الديماغوجيات، والمناورات السياسوية.
و اننا نقف اليوم معكم بعيدا عن المناسبات الانتخابية، لان حركة البناء الوطني همها الاول والاخير هو الجزائر، والشعب الجزائري، والمصلحة العليا للمواطن والوطن ، فالجزائر عندنا فوق الرؤوس، وفوق الرؤساء، وقبل الأحزاب و الأشخاص.
ايها الحضور الكرام
شكرا لكم وفقكم الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الجلفة في 04 شعبان 1436
الموافق لـ23 ماي 2015

اترك تعليقًا