حقائق الايمان
سورة الحجرات الاية 15.
1- “إنما المومنون الذين آمنوا بالله ورسوله ثم لم يرتابوا ،وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله ،أولئك هم الصادقون “.
2- ثلاثة أوصاف فقط ،مختصرة محكمة ، واضحة ،تحدد ملامح الشخصية المؤمنة الصادقة .
1. آمنوا بالله ورسوله .
2. ثم لم يرتابوا .
3. وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله .
3- وهذه الأوصاف ،ليست كلمات تقال ،أو ادعاءات تدعى ، لكنها وقائع يتلبس بها العبد ،وحقائق عملية هي وحدها من تعطي المؤمن شرف الفوز ببشارة الصدق من الله تعالى .
4- قال الله تعالى : قالت الاعراب آمنا قل لم تومنوا ولكن قولوا اسلمنا ولما يدخل الايمان الى قلوبكم ” ذلك ان الايمان مرتبة يقينية سلوكية ، او هي الروح في الجسد الاسلامي ترتفع به الى كمال الاحسان ان احسن صاحبه
5- مساكين أولئك الذين يرهقون أنفسهم في فلسفات أو تعاريف كثيرة وتفريعات وتفصيلات معرفية لتحدديد معنى الإيمان ، في حين أن الأمر أقرب إليهم مما يتصورون ، لو صدقوا وأخلصوا .
6- إن تحويل عقائد الاسلام الى علم كلام أو إلى نقول معرفية واستدلالات منطقية ،وروايات لأقوال العلماء يفقد الايمان حقيقته و زينته في القلوب ، وسطوته على حياة الناس
7- الايمان بالله ورسوله يدخل الإنسان في عمق العبودية ،ويرسم له منهج حياة متكامل في نظرته للكون والحياة والدنيا والاخرة ، وفي علاقاته العائلية والاجتماعية والانسانية . ولا يمكن أن توصف مشاعرنا بالايمان الا اذا تحولت الى سلوك ، وظهرت لها أمارات وعلامات تدل عليه .
8- أما ادعاء الايمان ، من خلال معارف ومعلومات نظرية ،دون سلوك عملي يترجم هذه الحقائق ، فوهم وكذب على النفس .
9- وأول خطوة في تحقيق الايمان الحق هي الخروج من دائرة التردد والريب والشك ،الى مرحلة اليقين التي تقطع حبال المراجعات الفكرية في ثوابت هذا الدين وأصوله وعقائده ،ومحكماته.
10- لأن الارتياب والتردد والشك يجر العبد إلى التنازل ، وعدم الاقدام وتمييع الالتزامات التي يفرضها الايمان حتى تغدو باهتة ،لا ذوق لها ولا رائحة .
11- وثمرة الايمان الحق ،المبني على اليقين هي تحريك الجوارح بالعمل والجهاد لتجسيد حقائق الإيمان في واقع الناس كمنهج حياة .
12- والجهاد بالنفس والمال في سبيل الله هي الصورة التي تختصر جميع القناعات والمشاعر الإيمانية في عقل وقلب العبد وإن أيمانا لا يحرك نحو بذل المال والنفس في سبيل التمكين لدين الله كمنهج شامل هو إدعاء باطل ، لا تسنده حجة .
13- ،وثمة تناسب طردي بين رسوخ الإيمان في القلب والتحرك المخلص لخدمة الدين في الواقع .
14- إن هؤلاء الذين يعمرون المساجد ويشغلون الدنيا بالحديث عن الدين ، ثم يركنون إلى الفساد المستشري والظلم المنتشر، ويتأقلمون مع المنكرات ، ويرضعون ثدي الجبن واليأس والاستسلام للجاهليات الجاثمة على صدور الناس ، هؤلاء لما يدخل الايمان في قلوبهم بعد ، وإن أظهروا بعض رسومه ،
15- ربما غالى المدعون في التمسك ببعض السنن والمندوبات ،أو أطالوا الحديث في آداب القلوب ، ورقائق الروح .وربما كان ذلك من مكر إبليس وتلبيساته على الذين لا يعلمون اذ ان رسوخ الايمان علامته لزوم الفرائض القلبية والحسية حقيقة وشريعة والتقلب بين الخوف والرجاء بعيدا عن حب المرء ان يُحمد بما لم يفعل.
16- وحتى دعاة الباطل يشجعون هذا الشكل من التدين السلبي الذي لا يحمل مشروعا تغيريا لأوضاع الحياة.
17- وقدوتنا في ذلك جميع الأنبياء الذين دعوا إلى الايمان بالله وطاعة الرسل في شرائع الحياة ، التي تتصادم في الغالب مع أهواء الناس ما يجر المؤمنين حتما إلى الدخول في مواجهة مع المناهج الفاسدة السائدة في الارض .
18- وبذل النفس أعلى درجات هذه المواجهة وآخرها ،وقبل ذلك لا بد من جهاد القلب واللسان والقلم ، والدعوة والبلاغ المبين ، وحشد الناس حول عقائد الإسلام وشرائعه وتربيتهم عليها .
19- ان الجهاد هو استفراغ الجهد الصادق تبعا لما يحب الله ويرضى ، ووفق ما شرع وحكم ، فمن سلك هذا المسلك وأرى الله من نفسه البذل الكريم والتضحية العزيزة النابعة من حب الله ورسوله والرغبة في الآخرة ، استحق أن يتوٌجه الله بشرف الانتماء إلى زمرة الصادقين .
20- والصادق هو وحده من يتذوق اللذات المعنوية في الحياة ، لأنه يجسد حقيقة الإنسجام مع النفس ، والتناغم مع حركة الحياة .
اللهم حبب إلينا الإيمان وزينه في قلوبنا ،وكره إلينا الكفر والفسوق والعصيان واجعلنا من الراشدين .
بقلم الشيخ سعيد نفيسي