كلمة الشيخ مصطفى بالمهدي رئيس الحركة

بسم الله الرحمن الرحيم

أيها السادة…أيتها السيدات….ضيوفنا الأشقاء من الوطن الكبير و الوطن الأكبر…أيها الشباب و الشابات….أحيكم بتحية الإسلام… السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.

ونرحب بكل من يقاسمنا أفراحنا بنوفمبر العظيم الذي كان ميلاد فجر من غسق دجى الاستعمار.
وكم يشرفنا أن تحتضن احتفالاتنا بنوفمبر قضية الأمة المركزية فلسطين.
فنجعل هذا الاجتماع الشعبي نصرة للانتفاضة الثالثة التي ستكون إن شاء الله انتفاضة التحرير، وانتفاضة العزة، وانتفاضة الكرامة.
وكم هو عظيم أن يكون الشعب الجزائري واقفا إلى جنب فلسطين استمرارا لمواقف الجزائر التاريخية مع القضية.

أيها السادة

إن هذه الفعاليات التي عقدناها البارحة و نواصلها اليوم إنما نهديها صدقة جارية لروح الشيخين المؤسس محفوظ نحناح و الشهيد محمد بوسليماني وقد كانا جناحين تحلق بهما الحركة في أجواء الأمة، وقد تركا لنا ميراثا كبيرا واضحا صافيا وسطيا معتدلا متوازنا، نعاهدهما وقبلهما نعاهد الله على الاستمرار عليه في خدمة الإسلام و الجزائر، و الانتصار لفلسطين، ودعم قضايا التحرر في كل ربوع الأرض، و نربي أنفسنا و اتباعنا وشعبنا على هذه القيم، لأننا نؤمن بأن التربية هي الأساس و إن التربية هي الأساس بشموليتها.

وان النضال السياسي لا يمكن أن تقوى عليه الأحزاب؛ إلا أذا حملتها أرجل ثابتة من الرجال و النساء، و الشباب و الشابات، و من المثقفين و النخب، و الفلاحين و العمال، في الشمال و الوسط، و الجنوب، و في الشرق والغرب، كما كان يقول الشيخ محفوظ نحناح رحمه الله من تاء تلمسان الى تاء تبسة، و من تاء تمنراست و تندوف إلى تاء تيزي وزو و تيبازة.

أيها السادة

ان نصرة فلسطين في هذه المرحلة الحساسة هي :
أولا : نصرة للإسلام، فالمسجد الأقصى هو مسرى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو امانة محمد صلى الله عليه وسلم، وهو وديعة عمر رضي الله عنه، ولا يليق بالأمة الإسلامية ان تخون هذه الأمانة، او تتهاون في حفظها او تتخلى عنها وهي من اساسيات العقيدة الاسلامية.
ثانيا : نصرة فلسطين هي نصرة للديمقراطية فالشعب الفلسطيني اختار بحرية أن تحكمه حكومة منتخبة، ولكن المكر السيئ و المؤامرة الدولية أجهضت الديمقراطية في فلسطين، لأنها لم تخدم مصالحها في امن الصهاينة، الجرثومة المغروسة في جسم الأمة، مثلما اغتصبت الديمقراطية في مصر، لأن الشعب المصري صوت بكل ديمقراطية شفافة على برنامج سياسي لا يخدم ايضا مصالح امن الصهيونية، وينتصر لمقاومة التحرير الفلسطينية.

ثالثا: و نصرة فلسطين هو انتصار للحرية و التحرر، فالشعب الفلسطيني يدق أبواب العقد السابع من الاستعمار الاستيطاني و لم ييأس، لأن الحق لا يسقط بالتقادم و مفاتيح المهجرين في ايديهم وفلسطين ستحرر على يد وبتضحيات الشباب، كما تحررت على يد صلاح الدين ثم الظاهر بيبرس بعد تسعين سنة من الاحتلال الصليبي، وكما تحررت الجزائر بعد قرن وثلاثين سنة جدباء من سنوات القحط الحضاري الذي فرضته فرنسا على الجزائر ودول المغرب العربي وافريقيا.
أيها السادة
ان قضية نصرة فلسطين ليست بالامر الهين، ولا بد ان تشترك فيها قوتان رئيسيتان هما
النظام العربي الذي ندعوه من هذه المنصة للتكفير عن اخطائه في حق فلسطين، فما تزال امام النظام العربي فرص الاستدراك قائمة للتراجع عن الأخطاء ومعركة فلسطين هي حرب دول، ونحن اليوم في الثاني من نوفمبر الذي هو ذكرى وعد بلفور المشؤوم، الذي رعته اعظم دولة في ذلك الوقت وهي بريطانيا، ثم استلمت رعايته أعظم دولة في العصر الحديث وهي أمريكا، و لكن الله أعظم واقوى واكبر، و ان رجعت الأمة الى الله سينصرها بنصره، و هو القائل جل و علا
“ان تنصروا الله ينصركم و يثبت اقدامكم”

واما القوة الثانية لنصرة فلسطين فهي الشعوب التي نفتخر بما تقدمه من مجهودات جبارة في كل ساحات الأمة.
وهي الشعوب التي تظل عصية على التطويع و التركيع و التطبيع لانها شعوب مقاومة لا تعتدي ولكن لا تقبل الضيم والهوان والذلة.
ونحن نراهن على دور الشعوب في الوقوف الى جنب فلسطين في انتفاضتها الثالثة.
وهذا الدور يتخلص في ثلاثة محاور هي:
القوة الداخلية فكلما كانت اوطاننا قوية، و تقودنا ثوابتنا وشعوبنا موحدة آمنة ، حرة في قرارها، تملك ثروتها؛ كلما كانت اقدر على دعم فلسطين.
التعاون البيني من خلال قوى الأمة الحية، وعدم انتظار النظام الرسمي ان يفعل؛ ذلك لانه لم يحسن الا التنافر والتآمر.
حضور فلسطين كبوصلة في سياساتنا وبرامجنا، ويلعب فيها الاعلام المقاوم اهم الادوار، وعليه نعول باستمرار.
و لذلك اصبحت شعوبنا تتعرض لمؤامرة كبيرة و فوضى عارمة سبقت وان دخلت فيها الجزائر خلال التسعينات، وخرجت منها سالمة باذن الله، رغم الاثار التي لا نزال نتجرع مرارتها.
ولكن الدرس الكبير الذي يجب ان نستخلصه من تجربة الجزائر هو المصالحة قبل دفع الضريبة، لأن المصالحة حتمية ولكن تأجيلها يزيد من عدد الضحايا، الذي كان منهم الذبيح الشيخ محمد بوسليماني رحمة الله عليه.

واليوم
ان الفتنة الداخلية في اقطارنا الشقيقة بسببها يهجر شعبنا في العراق و سوريا ،و يدخل شعبنا الى الحرب الاهلية في اليمن و ليبيا ، و يسجن شعبنا في الرعب في العديد من الدول الأخرى و يعيش معاناة الانقلاب في مصر، في محنة ليس لها من دون الله كاشفة.
ولكن مع ذلك مازلنا نثق في شعوبنا، وسيكون جهدها مباركا كلما التفت شعوبنا حول القدس والأقصى الذي بارك الله حوله و هو القائل عز وجل:
“وان عدتم عدنا”

أيها السادة
اننا في هذا الموقف نجدد دعوتنا للإصلاح السياسي، و نرحب بكل الفعاليات والمبادرات و الجهود التي تبذل من أجل الجزائر، وقد آن الأوان ليراجع الجميع مواقفه، ويصحح خطابه، ونؤسس معاً لميثاق الشرف بين الطبقة السياسية، من أجل حماية مستقبل البلاد، بعيدا عن سياسة ليُ الاذرع، و ذهنيات “من يقود من؟” ، وبعيدا على القفز عن الحقائق ومكونات الواقع، لأننا نستلهم بهذه المناسبة رؤية الشيخ محفوظ رحمة الله عليه القائل:

“الجزائر حررها الجميع و يبنيها الجميع”
و نحن نقول اليوم ويحميها الجميع

ولذلك نجدد دعوتنا الى الجدار الوطني الذي هو فكرة سامية قبل ان يكون مبادرة حزبية ، وبالمناسبة نقول اننا نثق كثيرا في وعي الطبقة السياسية في الجزائر، ونكره أن نصنفها الى مولاة ومعارضة؛ لأن مصلحة الجزائر فوق كل شيئ.

ولا يحق لنا ان نبقى مرهونين في أي ضيق، ما دام باب الحوار مفتوحا ، وقد تعلمنا من الله سبحانه وتعالى أنه حاور الشيطان في اللحظة التي عصاه فيها.
فهل يضيق علينا الحوار خصوصا أمام التحديات الكبيرة التي تحيط بنا من كل جانب، وخاصة التحدي الاقتصادي الذي سيفرض على مواطنينا انهيارا في القدرة الشرائية –لا قدر الله-
هذا التحدي يحتم وضعا صعبا في ظل مدفوعات، تقاربا الـ 100 مليار دولار ومداخيل لا تتعدى الـ 30مليار دولار و من تخلص من المديونية يوما يجب ألا يعود اليها.

أيها السادة

إننا نحذر من مواقف التشفي، فالدولة الجزائرية دولتنا ، والحكومة الجزائرية حكومتنا ، والشعب الجزائري شعبنا ، والأرض الجزائرية ارضنا فلا يجوز ان نردد مقولة اللا مبالاة القائلة (اذا اشتعلت النار في الوطن تخطي دارنا واذا اشتعلت في دارنا تخطي راسنا) فأي فشل سينعكس علينا جميعا و ما يتطلب منا أن لا تفشل الجزائر في أي شكل من الأشكال، لان الفشل يعني انهيار الوطن في هذه الظروف التي تتهاوى فيها الأوطان من حولنا، بسبب الأنظمة الكرتونية التي حكمت الأمة بالأوهام الدعائية، وبالقمع والظلم، فلم تفلح في الحكم ولا في التنمية، ولا استطاعت أن تتجنب الفتن والأزمات، ولاتريد فتح اللعبة، ولا إفساح الطريق امام خيارات الشعوب.
أيها السادة
إننا مسرورون بهذا اللقاء الذي نظمته حركة البناء، وتشارك فيه القوى الوطنية، ويقدم فيه كل فرد وعائلة دعمه السياسي النابع من عقيدتنا في فلسطين، ويشعر اخواننا في فلسطين الذين يتابعوننا الأن عبر الوسائط الإعلامية المختلفة، ويسمعون السياسي الى جانب الرياضي، والفنان الى جانب الشاعر، والافريقي الى جانب الأسيوي، والعربي الى جانب غير العربي، والرسمي الى جانب الشعبي منتظمين في عقد واحد واسطته فلسطين وانتفاضة الاقصى المباركة.

شكرا لكم
و السلام عليكم و رحمة الله

اترك تعليقًا