كلمة رئيس الحركة الشيخ مصطفى بلمهدي في الملتقى النسوي الثالث للأمانات الولائية

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين الذي بنعمته تتم الصالحات و الصلاة و السلام على الرسول الامين المبعوث رحمة للعالمين و على آله و صحبته و السائرين على دربه الى يوم الدين.

ايها الحضور الكريم، الاخوات الفضليات و الاخوة الافاضل نحييكم بتحية اهل الجنة في يوم الجمعة المبارك فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

نتقدم بالتهاني بحلول المولد النبوي الشريف مولد امة الرسالة الذي اضاء البشرية كلها صراط الحق و الهدي باسلوب الرحمة و اليسر
قال تعالى:
“وَمَاأَرْسَلْنَاكَإِلَّارَحْمَةًلِّلْعَالَمِينَ ”
سورة الانبياء الآية 107
فهو دعوة ابينا ابراهيم عليه السلام عند بيت الله الحرام
“رَبَّنَاوَابْعَثْفِيهِمْرَسُولاًمِّنْهُمْيَتْلُوعَلَيْهِمْآيَاتِكَوَيُعَلِّمُهُمُالْكِتَابَوَالْحِكْمَةَوَيُزَكِّيهِمْإِنَّكَأَنتَالعَزِيزُالحَكِيمُ ”
سورة البقرة الآية 129
فكانت هذه الاستجابة بعد عشرات القرون و بالتحديد عام اصحاب الفيل الذين قدموا من اليمن لهدم بيت الله الحرام نصرة لكنيستهم و توجيه العرب اليها بالعبادة بدعوة التقرب الى الله بتهديم بيته يفسدون في الارض و يحسبون انهم يحسنون صنعا مستغلين ضعف الامة العربية و تفرقها.

فتولى الله حماية بيته بارسال طير ابابيل ترميهم بحجارة من سجيل.
“وَمَايَعْلَمُجُنُودَرَبِّكَإِلَّاهُوَ”
سورة المدثر الآية 31
وميلاد الرسول صلى الله عليه وسلم كان في اوضاع من الانهيار الاخلاقي والاجتماعي ليخرج الناس من الظلمات الى النور
وقد عبر عن ذلك قول جعفر بن ابي طالب للنجاشي وهو يصف بعثة الرسول صلى الله صلى الله عليه وسلم حين قال :
“أيها الملك، كنا قومًا أهل جاهلية، نعبد الأصنام، ونأكل الميتة، ونأتي الفواحش، ونقطع الأرحام، ونسيء الجوار، يأكل القوي منا الضعيف ، فكنا على ذلك حتى بعث الله إلينا رسولاً نعرف نسبه وصدقه وأمانته وعفافه ، فدعانا إلى الله لنوحده ونعبده، ونخلع ما كنا نعبد نحن وآباؤنا من دونه من الحجارة والأوثان، وأمرنا بصدق الحديث، وأداء الأمانة، وصلة الرحم، وحسن الجوار، والكف عن المحارم والدماء، ونهانا عن الفواحش، وقول الزور، وأكل مال اليتيم، وقذف المحصنة، وأمرنا أن نعبد الله وحده لا نشرك به شيئًا، وأمرنا بالصلاة والزكاة والصيام”.

تقول السيدة أم سلمة رضي الله عنها -وهي راوية القصة-: “فعدَّد عليه أمورَ الإسلام”
كما عبر عنه جوابهرقل لمبعوث قريش فقال له:

إني سألتعن نسبه؟ فزعمت أنه فيكم ذو نسب ، وكذلك الرسل تبعث في نسب قومهم.

وسألت : هل قال أحد منكم هذا القول قبله ؟ فزعمت أن لا
فقلت : لو كان قال هذا القول أحد قبله قلت : رجل ائتم بقول قيل قبله.

وسألت: هل كان من آبائه ملك ؟ فزعمت أن لا
فقلت : لو كان من آبائه ملك لقلت : رجل يطلب ملك آبائه.

وسألت: هل كنتم تتهمونه بالكذب قبل أن يقول ما قال ؟ فزعمت أن لا
فقد أعرف أنه لم يكن ليذر الكذب على الناس ويكذب على الله.

وسألت : أشراف الناس اتبعوه أم ضعفاؤهم ؟ فزعمت أن ضعفائهم الذين اتبعوه ، وهم أتباع الرسل.

وسألتهل يزيدون أم ينقصون ؟ فزعمت أنهم يزيدون ، وكذلك الإيمان حتى يتم.

وسألتك : هل يرتد أحد منهم سخطه لدينه بعد أن يدخل فيه ؟ فزعمت أن لا
وكذلك الإيمان حين يخالط بشاشة القلوب .

وسألتك : هل يغدر؟ ، فزعمت أن لا
وكذلك الرسل لا يغدرون.

وسألتك : كيف قتالكم إياه ؟ فزعمت أن الحرب بينكم سجال ودول.
وكذلك الرسل تبتلى ثم تكون لهم العاقبة.

وسألتك عما يأمركم به؟ ، فزعمت أنه يأمركم أن تعبدوا الله ، ولا تشركوا به شيئا ، وينهاكم عن عبادة الأوثان ، ويأمركم بالصلاة ، والصدقة ، والعفاف والصلة.

فإن كان ما تقول حقا يوشك أن يملك موضع قدمي هاتين ، وهو نبي ، وقد كنت أعلم أنه خارج ، ولكن لم أكن أظن أنه منكم ، ولو أعلم أني أخلص إليه لالتمست لقياه ولو كنت عنده لغسلت قدميه.

ان هذين الخطابين حددا صفات عالية تحتاج الامة الاسلامية اليوم الى ان تراجع نفسها على اساسها امام التحولات العالمية الخطيرة التي تحيط بنا من كل جانب ولو تمسكوا بصفات محمد صلى الله عليه وسلم لقبلت الملوك الارض تحت اقدامهم، انها الصفات التي يجب علينا تحويلها الى مواد بناء صلبة التي نبني بها افرادنا و اسرنا و مجتمعنا ندعو اليها الراي العام ليقتنع بها و يتبناها و يدافع عنها لان بها يتحقق التمكين لدين الله.

ايها الحضور الكريم

ان التحديات التي تواجهنا اليوم لا تواجهنا رجالا او نساء ولا تواجهنا نخبا او جماهيريا ولا اقطارا ودولا وانما هي تحديات تواجهنا كأمة ودين وملة وعقيدة ونجد قول الله تعالى امامنا.
” وَلاَيَزَالُونَيُقَاتِلُونَكُمْحَتَّىَيَرُدُّوكُمْعَندِينِكُمْإِنِاسْتَطَاعُواْ”
سورة البقرة الآية 217
ان القوى الدولية ومن ورائها الصهيونية العالمية التي تستخدم التضليل الفكري والدعاية الاعلامية وتحاول سلخ الامة من قيمها واخلاقها هي التي تطور اعمالها ومشاريعها تحت مظلة مؤتمرات الامم المتحدة من اجل ضرب قوة الامة وتحويلها :
“من قاعدة يزيدون ولا ينقصون الى حالة ينقصون ولا يزيدون ”
ولعل هذا اكبر التحديات عندما نصبح في حالة نقصان في الافكار والاقتصاد،و نقصان في السياسة والتربية والعلاقات التعاونية وانهيار جيوش الامة، ونقصان في السلام و الامن وزيادة الحروب في ارضنا ومنطقتنا، و زيادة في ارتفاع نسب البطالة والفقر والوهن وضعف الجوانب التنموية …الخ.

و التاريخ يعيد نفسه فأمتنا اليوم تعيش مخاضا عسيرا في العالم العربي و ربيعه المغتصب بتحالف اهل الظلم و الكفر و النفاق لا جهاض كل محاولة لنهضة الامة و وحدتها التي نرى بشائرها القادمة من الارض المقدسة على يد و بتضحيات شباب الانتفاضة في وجه مشروع الصهاينة الذين عاثوا في الارض فسادا و علوا علوا كبيرا يريدون تكرار تاريخ اجدادهم اصحاب الفيل بتهديم الاقصى لبناء هيكلهم المزعوم في غفلة من الامة الاسلامية المفككة المشغولة بفتنتها الداخلية فالله يحمي الاقصى كما حمى بيته الحرام و هو وعيد من الله في سورة الاسراء بانهم يفسدون مرتين و في كل مرة يبعث عليهم رجالا اشداء يجوسون خلال الديار و قال تعالى و ان عدتم عدنا فقد عادوا وبقي تحقيق عدنا و وعد الله و وعيده سيتحقق عاجلا ام اجلا على يد رجال الانتفاضة و المقاومة و من ورائهما شعوب الامة.

ندعو الله ان يبارك في حجارة الانتفاضة وشباب و اطفال الانتفاضة و نساء الانتفاضة و المرابطين و المرابطات في الاقصى و ان ينزل عليهم السكينة و يربط على قلوبهم و يرمي برميهم

و اخيرا ايها السادة

لقد عقدت حركة البناء الوطني خلال الايام الاخيرة عبر امانة المرأة و الاسرة ندوة غاية في الاهمية وحضرها مشاركون على درجة عالية من الاهمية وانتهت الى الدعوة الى رابطة لحماية قيم الاسرة ونرجوا ان تجند طاقاتنا مع المخلصين من ابناء شعبنا لانجاح هذه الرابطة التي هي واجب الوقت امام القوانين الجديدة فيما يتعلق بالاسرة وامام المواثيق الدولية التي مهما رفعنا صوتنا و استنكارنا لم تعد تراعي خصوصياتنا العقائدية ولا اعرافنا الاجتماعية ولعل الدعم المتواصل لاعمال هذه الرابطة سيجعلنا نؤدي بعض الواجب المعلق في رقابنا تجاه الاسرة الجزائرية الاصيلة
ونرجوا ان توسع دائرة الانخراط في هذه الرابطة لتصبح فضاء للمجتمع المدني المفيد وليس المستفيد من اجل مستقبل اطفالنا
ان الاسرة لا تعني المراة وحدها وانما هي المراة والرجل والاصول والفروع وهي المستقبل الذي يقوم على المودة والرحمة والرفق والرشد بين مكونات العائلة وابناء العائلة الاصيلة.

ايها الاحبة

ان رسالة حماية الاسرة ليست رسالة حزبية ولا فئوية، وانما هي رسالة اجتماعية وامانة راي عام، وكما قال العربي بن مهيدي عن الثورة، فعلينا ان نقول اليوم ارموا بالحفاظ على الاسرة الى الشارع، يحتضنه الشعب، ويستعصي على التلاعب والمناورات المشبوهة.

واننا بالمناسبة ندعوا الاحزاب الاسلامية والوطنية الى التنسيق والتحاور في هذا الموضوع الهام،فهلموا نجعل حماية الاسرة الاصيلة موضوعا نتوحد عليه، وجهدا نتقاسمه من اجل اسرة افضل و مجتمع افضل و جزائر افضل، في الغد الذي لم يعد واضحا امامنا بسبب زوابع التراشق الاعلامي، ودفع الناس وراء الرغيف والهائهم على الثوابت والقيم.
ولا بد ان يكون للنخب الصادقة تضحيات، من اجل المبادي والشرف الاجتماعي، لان الذي يبقى مرابطا على ثغور الثوابت، سيشغله الرباط عن الخبز ولقمة العيش، وانما ينصر الناس بضعفائهم والمضحين منهم.

وليكن لنا قدوة باخواننا واخواتنا المرابطين والمرابطات على حماية بيت المقدس والاقصى الشريف، الذين لولا عون الامة لهم بعد الله، لما تمكنوا من الرباط والصبر والتضحية.
نسأل الله لهذه الندوة التوفيق و السداد، و التوفيق ينزل بصعود الاخلاص.

و السلام عليكم ورحمة الله و بركاته

المقر الوطني في:
الجمعة 06 ربيع الاول 1437 هـ
الموافق لـ 18 ديسمبر 2015 م

اترك تعليقًا