كلمة الشيخ مصطفى بلمهدي رئيس حركة البناء الوطني في كلمته الافتتاحية في اللقاء الجهوي لمسؤولي الهياكل الولائية والبلدية للحركة بولايات الغرب

 

 

 

كلمة الشيخ مصطفى بلمهدي رئيس حركة البناء الوطني في كلمته الافتتاحية في
اللقاء الجهوي لمسؤولي الهياكل الولائية والبلدية للحركة بولايات الغرب

وهران: السبت 04 جمادى الاولى 1437 هـ الموافق لـ13 فيفري 2016 م

مرت علينا البارحة ذكرى اغتيال الشهيد حسن البنا رحمه الله ذلك الاغتيال الذي اختطف رجلا اعزلا بعد أن مس الاعتقال عامة أصحابه و تركوه طليقا ليستفردوا به ضانين ان باغتياله يقضون على دعوته و يطفئون نورها، فكانت شهادة حسن البنا رحمه الله هي التي سقت جذور الدعوة فانبتت دولة بعد محنة ومجتمعا بعد جماعة وتمكينا بعد استضعاف و انتشارا بعد احجام، كما تزامنت هذه الذكرى بوفاة ابنه سيف الاسلام البنا رحمه الله، نعزي انفسنا و ذويه و كل اخوتنا داعين الله ان يتغمده برحمته و يلحقه بالصالحين … انا لله و انا اليه راجعون

نقف اليوم على أعتاب مرحلة جديدة في حياة الجزائر، التي نعتقد انها ستدخل في سلسلة من التحولات الأساسية، بعد التعديل الدستوري الذي صوت عليه البرلمان بغرفتيه منذ اسبوع والذي سيكون التعديل الرابع خلال العقدين الأخيرين من عمر الجزائر، وهذا ان دل على شيء فإنما يدل على غياب الرؤية الإستراتيجية في تسيير الدولة، ودخول مؤثرات متعددة في القرار الوطني، و مع ذلك يعتبر هذا التعديل خطوة اكيدة نحو تحقيق دستور يطمح اليه الشعب في المستقبل.
ان اخطر هذه التحولات هي الأزمة الاقتصادية الخانقة، والتي لم تأت على الجزائر وحدها، وإنما هي جزء من أزمة مالية عالمية فليست الجزائر معزولة فهي تؤثر و تتأثر، غير ان الجزائر تتحمل المسؤولية وحدها باعتبار المخزون المالي الذي كانت تتوفر عليه، وضعيته بسبب التبذير، وغياب الرشد، وبالبرامج الاجتماعية المحدودة، التي كنا نسميها شراء السلم الاجتماعي، مما يضع البلاد أمام تحديات خطيرة، لا نريد الحديث عنها في اجتماع الهياكل، لكن يتحتم علينا أن نتحدث عن حماية المجتمع من انعكاساتها السلبية عليه.
فالأزمة المالية لا محالة تتبعها أزمات أخلاقية، والطبقة السياسية مطلوب منها اهتمام خاص بحماية المجتمع، وترقية الدور الشعبي في المنظومة الوطنية، لأن التجربة أثبتت مرارا ان الشعب هو حصن الوطن وجداره الحامي، وعلى الطبقة السياسية ان ترفع منسوب الوعي لديه، وتعبئته بما يخدم حماية المكتسبات، وصناعة التضامن الوطني الذي يبقى أحد أركان مواجهة الأزمات.
ان القيم الاسلامية تنهانا عن الفساد، و تطالبنا بالاقتصاد الراشد الحكيم، و تطالبنا بالحجر على السفهاء، و التضامن أمام المصائب، ونعتقد ايها الاحبة في الله أن مرحلة الواجبات الأولى قد تجاوزها الزمن حيث غاب الرشد فيها، ولم يسمع للناصحين المخلصين، ولم يحجر على السفهاء في تسيير المال العام، ولم يبق أمام المواطنين لاستدراك ما فات و ضاع إلا التضامن الاجتماعي، الذي هو ركيزة اساسية، في تخفيف انعكاسات الأزمة على المجتمع والدولة معا.
فالتضامن هو روح وسلوك: فأما الروح؛ فالواجب إحياؤها عبر دور دعوي، تؤدي المساجد فيه مهمة كبيرة تبعث الهمة، و اما السلوك؛ فيتطلب تفعيل دور التضامن عبر:
أولا: ترقية فريضة الزكاة التي سيكثر عدد مستحقيها لاتساع مساحة الفقر، كما يمكن لأموالها أن تغطي الفجوة التي تركتها أخطاء الحكومات، ونحن نرى احترام الإسلام وتمجيده يكمن في تأطير الوطن حكومة وشعبا بالمبادئ الاسلامية التي نص عليها نداء اول نوفمبر و ديباجة الدستور، فالزكاة المنظمة هي فعل اجتماعي قريب من الناس، دوره تغيير وجه المجتمع، و الذي عطل هذا الدور؛ هو سوء التسيير لدى الحكومة، و ابتعادها عن الشريعة الغراء، التي تنص على مضمونها المادة الثانية من الدستور”الإسلام دين الدولة” و الذي اقسم رؤساء الجمهورية دائما انهم يحترمونه و يمجدونه.
ثانيا: إزالة حواجز الربا ، فالشعب الجزائري شعب مسلم تحركه قيم الحلال، و تدفعه مبادرات الخير نحو التضحية، ولكن وجود المنظومة الربوية المسيطرة على حركة المال الجزائري؛ تجعل مليارات الدولارات محبوسة، بعيدا عن المساهمة بها في إنقاذ البلاد من الأزمة بل تضخم الازمة.
ثالثا: إقامة حملات التضامن الاقتصادي والاجتماعي، لأن الطبقة الهشة من المجتمع ستصبح عرضة لكثير من الضغوطات الخطيرة و التأثيرات المندسة، التي ستهدد النسيج الاجتماعي في المستقبل لا قدر الله .
ان الجزائر تتطلب حذرا كبيرا، ويقظة واعية مبصرة، لأن التهديدات والمخاطر المحيطة بنا ستدفع في المستقبل نحو مزيد من الاختراقات الاجتماعية، التي تهدف إلى ضرب مكتسبات الهوية، و المنظومة الاخلاقية، والوحدة الوطنية، وستجد هذه الاختراقات بيئة ملائمة بسبب زيادة الفقر، و ارتفاع منسوب اليأس، والشعور بخيبة الأمل، واتساع مساحة الاضطرابات في المحيط الإقليمي الجزائري.
وإذا كان واجب الدولة، حماية وحدة التراب الوطني؛ فإن على الطبقة السياسية حماية المجتمع، و بذلك يتحقق التشارك و التكامل، والخلاف على السلطة؛ لا يجوز أن يرهن الدولة، لأن السلطة تزول وتتغير بالفعل السياسي الجاد، وأما الدولة فهي باقية بفضل الله تعالى ثم بفضل الشهداء رحمهم الله فتضحياتهم عاصمة بحول الله.

ان هذا اللقاء هو واحد من أربعة اجتماعات جهوية، نلتقي فيها بهياكلنا وقياداتنا المحلية، لتبادل الرأي والمشورة، وترتيب خطوات العمل المستقبلي خلال عام 2016 ليكون عاما ان شاء الله يغاث فيه الناس، اعتقادا منا بأن الاقتراب من هموم المواطن ليس خطابا في الملتقيات و انتهى، وانما هو تواصل اجتماعي وانفتاح على الاخرين و مخالطتهم، وعمل متواصل تشترك فيه كل مؤسسات الحركة كل من موقعه، وكل حسب قدرته، وبذلك تكون الحركة حاضرة، بمشروعها في الجزائر العميقة، قريبة من المواطن؛ تشاركه همومه و افراحه، و ترافقه في تطلعاته ومعاناته.

ايها السادة اننا اشد خشية على الجزائر، ولكن خوفنا لا ينبغي أن يعيقنا عن العمل؛ ونحن نشاهد امتنا تتمزق في تونس الشقيقة التي عبثت بها المؤامرات الخارجية، ولولا حكمة أهلها وسياسة المشاركة، والتضامن بين مكوناتها، لتحولت إلى ساحة مفتوحة للجريمة المنظمة، وليبيا الشقيقة لاتزال تبحث عن الدولة تحت ادخنة الحروب الداخلية، ولم تستطع سلسلة الحوارات والمبادرات؛ ان تصل إلى نتيجة، و املنا أن يصل أشقاؤنا الليبيون إلى حل يحفظ للشعب الليبي دينه ووطنه، ومكتسباته وثرواته، ومصر الكنانة؛ التي كانت قلب الامة، وأصبحت مطعونة بخنجرين، خنجر الانقلاب، وخنجر الكيد الإسرائيلي الصهيوني، لأن فلسطين إنما تتنفس برئة مصر، التي نتمنى أن تخرج من عنق الزجاجة، بعيدا عن ما حدث لسوريا الشقيقة، التي أصبحت ساحة حرب بالوكالة وقد تتحول كذلك الى حرب عالمية ثالثة، وما انجرت إليه اليمن والعراق من فتنة طائفية.

ان جراح الأمة؛ تتطلب منا كمناضلين ابقاءها حاضرة في الراي العام الوطني “فمن لم يهتم بامر المسلمين فليس منهم” فالامة كما جاء في الحديث “كالجسد الواحد اذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر و الحمى”، فالعدو تفطن لهذا المعنى و عمل على اصابة الجسد كله، حتى لا يجد عضو فلسطين الشاكي من يتداعى له.
و فلسطين راس قضايا الأمة كلها، التي أصبح أهلها معزولين بالحصار الظالم في غزة، و بالتهويد في الأرض المحتلة، ولولا انتفاضتها الثالثة المباركة، لاستفرد بها الظالمون، وباع قضيتها الخائنون، ولذلك أصبح دعم الانتفاضة المباركة واجب الوقت، ونصرة أهلها مهمة المرحلة، التى نرجو الا تتخلى الحكومة الجزائرية فيها عن شرف التزاماتها، بل الواجب ان تفتح المبادرات للشعب، ليساهم في نصرة فلسطين، والتضامن معها بتأطير؛ لا لون فيه الا لون راية فلسطين و راية الجزائر،
وبهذه المناسبة، ندعو الى اطلاق سراح الاعلامي الفلسطيني محمد القيق، رجل الاعلام المضرب عن الطعام، المعتقل اداريا لدى الكيان الصهيوني منذ شهرين و اكثر بدون تهمة، وهذا مخالف للقوانين الدولية، التي يدوسها الكيان الصهيوني، وباسمكم جميعا ندعو لإطلاق سراحه واعادة الحرية اليه.

ايها السادة “إنما الأمم الأخلاق ما بقيت**** فان هم ذهبت اخلاقهم ذهبوا” فاعملوا على أن تكون أخلاق الامة حية، لتكون برامج الاصلاح الاجتماعي في بيئة صالحة، ويكون غرسكم ايها الاحبة مثمرا بإذن الله.
“وقل اعملوا فسيرى الله عملكم و رسوله و المؤمنون”

ندعو الله ان يرتفع اليه اخلاصكم و ينزل عليكم توفيقه، فبعد صعود الاخلاص ينزل التوفيق
و السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

12669498_962041057222306_8619291631831047117_n 12688238_962033567223055_6812937194086162063_n 12744486_962136537212758_7001438869276649178_n 12494907_962075920552153_4216145516420161142_n 12729341_962075917218820_3204208063370571748_n 12669498_962041057222306_8619291631831047117_n 12688238_962033567223055_6812937194086162063_nا

 

اترك تعليقًا