بسم الله الرحمن الرحيم
كلمة رئيس الحركة الشيخ مصطفى بلمهدي رئيس حركة البناء الوطني في الملتقى الجهوي للهياكل التنظيمية لولايات الشرق الجزائري يوم السبت 27 فيفري 2016 بسطيف
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله على اله و صحبه و من والاه
الإخوة الأحبة في الله مسئولو الهياكل المحلية و الولائية و البلدية في هذا اللقاء الجهوي، روافد ودعائم البناء الصلبة الأوفياء لعهد الله.
الإخوة أعضاء الهيئة الوطنية و الأمانة العامة.
الإخوة الإعلاميون و الضيوف الكرام، الاخوة و الاخوات الفضلاء و الفضليات
شباب البناء بناة الحضارة و سر قوتها عبر تاريخ الانسانية
- تحية طيبة مباركة فالسلام عليكم و رحمة الله وبركاته.
واسمحوا لنا في البداية ان نحيي من خلالكم في هذه المناسبة و من هذه الولاية شيخ الدعوة الاسلامية العالمي الشيخ الامام البشير الابراهيمي.
و نحيي المناضل العالمي.
العالم الجزائري الشيخ الورتلاني، والسياسي المحنك رئيس اول حكومة جزائرية مؤقتة في المنفى، الرئيس فرحات عباس، والشيخ عبد الرحمن شيبان رحمهم الله جميعا.
لقد احيت الجزائر منذ ايام عيد الشهيد الموافق ل18 فيفري فرحمة الله على كل شهداء الجزائر، وشهداء الامة الاسلامية.
واليوم اذ نعقد اجتماعنا الجهوي الاخير لولايات الشرق الجزائري، في ملتقى الولايات التاريخية الثلاث الاولى والثانية والثالثة وعلى بعد امتار من مكان استشهاد اول ضحايا احداث 1945 الشهيد “بوزيد سعال” رحمه الله الشاب القوي الفتي الحافي الذي كان يحمل علم الجزائر، بصدر عار ليؤسس للسلمية في وجه رصاص الاحتلال الغاشم، الجاحد لتضحيات الجزائريين وبالمناسبة ادعوكم ايها الاخوة الافاضل الى قضيتين هامتين
و هي:
اولا : تسمية ملتقانا هذا على اسم الشهيد بوزيد سعال رحمه الله تأكيدا منا على التضحية من اجل الجزائر و ربط الشباب بالمرجعيات الوطنية
ثانيا : القضية الثانية حماية السلمية من التطرف، فالتغيير الآمن هو منهجنا، والسلمية في النضال خيارنا، ونحن نتحفظ على الاطراف الرافضة للسلمية، لاننا نؤمن بقوة الشعب في التغيير السلمي، بعيدا عن حالات التدمير الذاتي، الذي طال العديد من دول المنطقة ، واننا من موقف الشهيد بوزيد سعال نستمد منهج المقاومة السلمية في تحقيق التغيير السلمي الآمن.
أيها السادة
ان الجزائر تقف على أعتاب مرحلة جديدة ، ونعتقد انها ستدخل في سلسلة من التحولات الأساسية، التي ستمس مجموعة من اركان المنظومة الوطنية، في ابعادها السياسية والاجتماعية، الداخلية والخارجية، وعلى مستوى الدولة والشعب معا .
وان اخطر هذه التحولات هي الأزمة الاقتصادية الخانقة، والتي هي جزء من أزمة عالمية، غير ان حكومة الجزائر تتحمل المسؤولية كاملة باعتبار المخزون المالي السابق الذي افسده التبذير، وغياب الرشد، وشراء السلم الاجتماعي، مما وضعنا أمام تحديات خطيرة، فالأزمة المالية تتبعها أزمات أخلاقية.
ولقد احيت الجزائر منذ يومين ذكرى تأميم المحروقات، التي كانت حماية للثروة من الاجنبي الغاصب ولكن للاسف لم نستطع الحفاظ عليها من لصوص الثروة و الفساد، بل اننا نشهد اليوم ردة عن حماية الثروة، وترشيد المكتسبات
ايها السادة
ان التجربة أثبتت ان الشعب هو حصن الوطن ، وعلينا حماية المجتمع وترقية الدور الشعبي في المنظومة الوطنية، برفع منسوب الوعي، وتفعيل النصح و التضامن الوطني، الذي يبقى أحد أركان مواجهة الأزمات، والتخفيف من انعكاساتها السلبية على المجتمع
والتضامن هو روح وسلوك، فأما الروح فالواجب إحياؤها عبر دور دعوي، تؤدي المساجد فيه مهمة كبيرة في بعث الهمم، واما السلوك فيتطلب تفعيل دور التضامن عبر:
أولا: إقامة حملات التضامن الاقتصادي والاجتماعي، لأن الطبقة الهشة في المجتمع، ستصبح عرضة لكثير من الضغوطات الخطيرة، التي ستهدد النسيج الاجتماعي في المستقبل.
ثانيا: إزالة حواجز الربا، فالشعب الجزائري شعب مسلم تحركه قيم الحلال، و تدفعه مبادرات الخير نحو التضحية، ولكن وجود المنظومة الربوبية المسيطرة على حركة المال الجزائري، تجعل مليارات الدولارات محبوسة راكدة، بعيدا عن المساهمة بها في إنقاذ البلاد من الأزمة
ثالثا:ترقية فريضة الزكاة التي سيكثر عدد مستحقيها، كما يمكن لأموالها أن تغطي الفجوة التي تركتها أخطاء الحكومات، فالزكاة فعل اجتماعي رباني قريب من الناس، دوره تغيير وجه المجتمع، و إنما الذي عطل هذا الدور هو سوء التسيير لدى الحكومة، و ابتعادها عن الشريعة الغراء، التي تنص على مضمونها المادة الثانية من الدستور “الإسلام دين الدولة” كما حدد نداء اول نوفمبر صفة الدولة الجزائرية بانها دولة اجتماعية اطارها المبادئ الاسلامية.
ايها السادة
ان الجزائر تتطلب حذرا كبيرا، ويقظة واعية بصيرة، لأن التهديدات والمخاطر ستدفع في المستقبل نحو مزيد من الاختراقات الاجتماعية، التي تهدف إلى ضرب مكتسبات الهوية، و المنظومة الاخلاقية، والوحدة الوطنية.
وستجد هذه الاختراقات بيئة ملائمة بسبب زيادة الفقر، و ارتفاع منسوب اليأس، والشعور بخيبة الأمل، و اتساع مساحة الاضطرابات في المحيط الإقليمي الجزائري.
وإذا كان واجب الدولة حماية وحدة التراب الوطني، فإن على الطبقة السياسية حماية المجتمع، والخلاف على السلطة لا يجوز أن يرهن الدولة، فالسلطة تزول وتتغير بالفعل السياسي الجاد، وأما الدولة فهي باقية بفضل الله اولا ثم بفضل تضحيات الشهداء.
ايها السادة
ان هذا اللقاء يهدف لتبادل الرأي والمشورة، وترتيب خطوات العمل المستقبلي
لتكون الحركة حاضرة بمشروعها في الجزائر العميقة، تشارك المواطن همومه و افراحه، و ترافقه في تطلعاته ومعاناته، وأعمق وسيلة لهذا التواصل؛ هو المؤسسات الفاعلة، والعمل الجواري المتواصل.
ايها السادة
اننا نخشى على الجزائر، ولكن خشيتنا لا ينبغي أن تعيقنا عن العمل ونحن نشاهد امتنا تتمزق من تونس، التي عبثت بها المؤامرات الخارجية، ولولا حكمة أهلها وسياسة المشاركة، والتضامن بين مكوناتها، لتحولت إلى ساحة مفتوحة للجريمة المنظمة.
وليبيا الشقيقة لاتزال تبحث عن الدولة تحت ادخنة الحروب الداخلية، ولم تستطع سلسلة الحوارات والمبادرات ان تصل إلى نتيجة، ونتمنى أن يصل أشقاؤنا الليبيون إلى حل يحفظ للشعب الليبي دينه ووطنه، ومكتسباته وثرواته.
ومصر الكنانة التي كانت قلب الامة، وأصبحت مطعونة بخنجرين، خنجر الانقلاب، وخنجر الكيد الصهيوني، لأن فلسطين إنما تتنفس برئة مصر، التي نتمنى أن تخرج من عنق الزجاجة بعيدا عن ما حدث لسوريا، التي أصبحت ساحة حرب بالوكالة، وما انجرت إليه اليمن والعراق من فتنة طائفية كانت نائمة قرونا فوجدت من يوقضها، “فالفتنة نائمة لعن الله من ايقضها” كما جاء في الحديث.
ان جراح الأمة تتطلب منا كمناضلين، ابقاءها حاضرة في الراي العام الوطني “فمن لم يهتم بأمر المسلمين فليس منهم” فالأمة كما جاء في الحديث “كالجسد الواحد اذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر و الحمى”، فالعدو تفطن لهذا المعنى، و عمل على اصابة الجسد كله بمكره السيئ، حتى لا يجد عضو فلسطين الشاكي من يتداعى له
و فلسطين راس قضايا الأمة كلها التي أصبح أهلها معزولين بالحصار الظالم في غزة، و بالتهويد في الأرض المحتلة، ولولا انتفاضتها الثالثة المباركة، لاستفرد بها الظالمون، وباع قضيتها الخائنون، ولذلك أصبح دعم الانتفاضة المباركة واجب الوقت على كل مسلم ومسلمة، ونصرة أهلها مهمة المرحلة التي نرجو الا تتخلى الحكومة الجزائرية فيها عن شرف التزاماتها التاريخية، بل الواجب ان تفتح المبادرات للشعب ليساهم في نصرة فلسطين، والتضامن معها بتأطير، لا لون فيه الا لون راية فلسطين و راية الجزائر.
ايها السادة
في ختام هذه الكلمة نود أن نؤكد على قضايا هامة تراها حركة البناء الوطني ضرورية لمستقبل البلاد و تنميته.
- الدعوة الى بناء اقطاب اقتصادية، و عواصم اقتصادية، تتناسب مع موقع الجزائر الاقتصادي المستقبلي.
- تامين المال الجزائري ورجال الاعمال، واشراكهم في ارتقاء التنمية وتطويرها
- تفعيل الفلاحة كمصدر للاكتفاء الذاتي والامن الغذائي، ونحن في واحدة من الولايات الاقتصادية بامتياز
- التأكيد على الوحدة الوطنية والانسجام الاجتماعي، فالإنسان الذي حمى الثورة يمكنه حماية الوحدة، واحداث ماي1945 كانت عنوانا لجزائر جديدة قبل70 عاما صنعها الشعب، ويمكنه دائما اعادة انتاجها وحمايتها، بحماية المرجعيات الاساسية للوطن
ايها السادة در من قال “إنما الأمم الأخلاق ما بقيت****فان هم ذهبت اخلاقهم ذهبوا” فاعملوا على أن تكون أخلاق الامة حية، لتكون برامج الاصلاح الاجتماعي في بيئة صالحة، ويكون غرسكم ايها الاحبة مثمرا بإذن الله.
“وقل اعملوا فسيرى الله عملكم و رسوله و المؤمنون”
ندعو الله ان يرتفع اليه اخلاصكم و ينزل عليكم توفيقه، فبعد صعود الاخلاص ينزل التوفيق
طوبى للمخلصين الذين اذا حضروا لم يعرفوا و اذا غابوا لم يفتقدوا أولائك مصابيح الهدى تنجلي عنهم كل فتنة ظلماء
و السلام عليكم ورحمة الله وبركاته