المشهد المقدسي والانتفاضة.. تحديات وإرادة مواجهة

aqsaأحمد التلاوي

تحديات استثنائية تواجه مدينة القدس المحتلة، مهد الانتفاضة، والتي تضم بين جنباتها المقدسات التي اشتعلت لأجلها غالبية انتفاضات الشعب الفلسطيني، بدءًا من انتفاضتَيْ النبي موسى والبُراق، في عشرينيات القرن الماضي، وحتى الآن، مرورًا بـ”انتفاضة الأقصى” عام 2000م، وصولاً إلى “انتفاضة القدس” الحالية.
ولئن كانت التحديات استثنائية؛ فإنها تواجَه بدورها بإرادة استثنائية من جانب المقدسيين، وكل المجموع الوطني الفلسطيني، بالرغم من كل الضغوط القائمة من جانب ذوي القربى في السلطة ومؤسساتها الأمنية.
ولعل من أهم التحديات التي تواجه المقدسيين في الوقت الراهن، هي قضية الإبعادات والاعتقالات، والتي تستهدف المرابطين والإعلاميين بشكل أساسي، ولا يستثني الكيان الصهيوني وقواته الغاشمة في ذلك ذكرًا من أنثى، من أجل تفريغ المدينة من نبضها الحي، وإخفاء شهود جرائمها الثقات!
فبحسب تقرير حديث لمركز “كيوبرس”، فقد ارتفعت مستويات اعتقال الاحتلال للمقدسيين بشكل كبير خلال شهر مارس الماضي، والنصف الأول من شهر أبريل الجاري؛ حيث وصل عدد المقدسيين المعتقلين منذ الأول، وحتى الثالث عشر من أبريل، إلى أكثر من مئتَي مقدسي، من بينهم سبعين شخصًا اعتقلوا على خلفية ارتباطهم بنشاط الرباط والتصدي للمقتحمين اليهود للمسجد الأقصى.
من أهم التحديات التي تواجه المقدسيين في الوقت الراهن، هي قضية الإبعادات والاعتقالات، والتي تستهدف المرابطين والإعلاميين بشكل أساسي
الوجه الآخر للاعتقالات فيما يخص جزئية تعطيل نشاط المرابطين، وإفراغ القدس من قلبها النابض، هو الإبعادات، وفي ذلك ذكرت تقارير لوكالة “قدس برس”، و”المركز الفلسطيني للإعلام”، أن المبعدين منذ أول أبريل وصلوا إلى 20 شخصًا، من بينهم 18 من القدس، أبعدوا عن البلدة القديمة أو المسجد الأقصى ضمن ترتيبات ما يُعرف بـ”عيد” الفصح اليهودي، الذي حل في الثاني والعشرين من أبريل.
كل هذا الجهد المحموم من جانب الاحتلال، من أجل تعطيل المقدسيين عن القيام بواجباتهم الدينية والسياسية داخل المدينة وحول الأقصى، وبداخله.
ولعل ذلك هو أحد أهم البواعث التي دفعت الحكومة الصهيونية إلى محاصرة وجود عرب الداخل المحتل عام 1948م، وخصوصًا نواب القائمة العربية المشتركة، والحركة الإسلامية؛ باعتبار أنهم الظهير الحيوي للمقدسيين، وأحد أهم أعمدة دعم جهدهم في الرباط، سياسيًّا وإعلاميًّا.
تشدد قوات الاحتلال من حصارها العسكري، بل والنفسي لأهل القدس من خلال استهداف المدارس ورياض الأطفال، والقتل حتى، لمجرد الاشتباه؛ للفت في عضد المقدسيين
ونصل إلى أحد أهم نقاط التحدي التي يواجهها المقدسيون في هذه الأيام، بعد أن ثبت أنهم العمود الفقري للانتفاضة –مع كامل التقدير لدور الأقاليم الفلسطينية الأخرى، وتضحياتها– وهي الحصار؛ حيث تشدد قوات الاحتلال الصهيونية من حصارها الأمني والعسكري، بل والنفسي لأهل القدس من خلال استهداف المدارس ورياض الأطفال، والقتل حتى، لمجرد الاشتباه؛ للفت في عضد ونفسية المقدسيين.
هذا الحصار الذي يتم بالحديد والنار؛ يستهدف أمرَيْن؛ الأول عدم نقل الحقيقة فيما يجري في المدينة المقدسة، والثاني هو الفت في عضد روح المقاومة لدى أهلنا في القدس.
إلا أن هذه السياسات الصهيونية فاشلة؛ حيث العالم كله الآن يعلم حقيقة ما يجري في القدس وفي فلسطين بالكامل، ويأبى الضمير الإنساني إلا أن يقاطع الكيان الصهيوني وقطعان مستوطنيه، حتى في أشد بقاع الأرض تأييدًا له؛ الغرب الأوروبي والأمريكي.
لم يتم ذلك، إلا بفضل الله عز وجل أولاً وأخيرًا، ثم بفضل جهود الصحفيين المقدسيين، والمراكز الإعلامية في المدينة المجاهدة.
وهو ما يمكن معه تفهُّم الإجراءات المتصاعدة التي يقوم بها الاحتلال في حق هؤلاء؛ حيث يمارس الاحتلال أقسى ألوان الانتهاكات في حقهم، سواء بغلق المراكز الإعلامية المحلية، أو اعتقال الصحفيين، وكان آخر ذلك، اقتحامه منزل الصحفية سماح الدويك، واعتقالها.
إجراءات الاحتلال المتصاعدة بحق المقدسيين تفرض على جميع الأحرار في فلسطين، وفي كل الأمة، أن يعملوا على إسناد هذه الطليعة المقدسية، بكل ما يملكون
إن كل هذه الأمور تفرض على جميع الأحرار في فلسطين، وفي كل الأمة، أن يعملوا على إسناد هذه الطليعة المقدسية، بكل ما يملكون، ولو بنشر صورة واحدة تدعم نضالات القدس، وتبقي الروح حية، وتشعِر المقدسيين أن هناك من يفكر فيهم، ويؤيدهم ويساندهم، وتكشف جرائم الاحتلال وحقيقة الوجه الصهيوني الأغبر أمام الناس.
هذا هو واجب الساعة فلقنوه لأبنائكم في المدارس والمساجد، واطلبوه من الشرفاء في كل المنابر، واعملوا على أن يكون خالص النية للهِ تعالى؛ حيث الإخلاص في النية، هو أصل النجاح!.

اترك تعليقًا