الأمين العام لحركة البناء الوطني في منتدى “الصوت الآخر”

يخاطب الامين العام لحركة البناء الوطني الأستاذ أحمد الدان الطبقة السياسية بضرورة الابتعاد عن فكرة صناعة الأقطاب السياسية المتنافسة على الوجود فقط تحت مبدأ الاستقطاب ومن يهزم من خلال المبادرات المطروحة على الساحة، والانتقال إلى مبدأ جديد ينطلق من صياغة تحالفات حزبية جديدة تذوب فيها مختلف الحساسيات وتنصهر فيها الطبقة السياسية في بوتقة واحدة بهدف خدمة المصلحة العامة وحماية البلاد من الأخطار المحدقة بها في وقت هي في أمس الحاجة إلى أبنائها المخلصين.
نعيش حالة استهداف للمرجعيات والمؤسسات السيادية في الجزائر
يرى أحمد الدان الذي نزل ضيفا على منتدى “الصوت الآخر” أن الدولة تتجاذبها حاليا قضيتان رئيسيتان تتعلقان بالعولمة والعشائرية (القبلية)، وإن لم تستطع الدولة الخروج منه فستتعرض إلى انزلاقات كبيرة، هذه العولمة تفرض قوانين تتعلق بالأسرة والمنظومة التربوية وعوامل أخرى وكله مربوط بإكراهات دولية، هذه الإكراهات نلمسها في التربية والتجارة والعلاقات الدبلوماسية مع الدول والتأثير على سياداتها وهو ما نلاحظه اليوم، من ظاهرة تمزق الدولة. كما يلاحظ الدان اليوم أن هناك استهدافا لمرجعات الدولة ولمؤسساتها باعتبار أن الدولة مرتبطة بالإسلام، وهو المرجع الرئيسي للشعب الجزائري، حيث أصبح فيه نوع من التحريف والتشويه، بالإضافة إلى أنه لدينا إشكالية مجايلة (بين جيل الثورة وجيل الاستقلال)، ومحاولة لمحو الشرعية الثورية التي يؤكد المتحدث بضرورية إبقائها لبقاء تماسك الدولة الجزائرية وعلينا الاعتزاز بشرعيتنا كما تعتز تماما فرنسا بشرعيتها.
كما يلاحظ الضيف وجود ممارسات أخرى في ضرب المرجعيات من خلال ضرب الأحزاب وإدخالها في صراعات مختلفة، وكذا تخبط في وسائل الإعلام والصحافة، ليصل الأمر حسبه إلى استهداف مرجعيات كبرى من خلال ضرب مؤسسات سيادية في الدولة كالرئاسة (قضية الشغور) أو مؤسسة اقتصادية بحجم سوناطراك، فأصبحنا نتحدث عن مؤسسة سوناطراك وفضائح كثيرة تعلقت بها أو عن مسألة تسيير مجمع اقتصادي ضخم يمكن للجزائر أن تستثمر فيه بشكل يجعلها مؤسسة عالمية كبرى، ويخشى أحمد الدان أن يكون لضرب هذه المرجعيات تأثير على البلاد في وقت تعرف الأمة العربية حالة انفلات في دولها واستقرارها.
الجميع يتحمل مسؤولية الأزمة في الجزائر وأمام السلطة فرصة لتدارك الموضوع
حمل الامين العام لحركة البناء الوطني أحمد الدان، السلطة المسؤولية الأولى في تأزم الوضع الاقتصادي لأنها ـ كما قال ـ سلطة مسؤولة وتملك قرار التغيير إلى الأفضل، مشيرا في حديثه لـ”الصوت الآخر” أنه ما زال أمامها فرص لتوسيع الحوار وفتحه، ومن هذه الفرص الانتخابات القادمة التي وجب صياغتها وفق تحالفات استراتيجية تكون في مستوى التحديات المستقبلية للبلا، تعالج بها الشق الاقتصادي السلطة والوضع الإقليمي في المنطقة والمتطلبات الاجتماعية للمواطنين. أما المسؤول الثاني فهو الوضع الراهن حسب المتحدث تمثل في النخب الخاصة (السياسية والعلمية والمثقفة) والتي ابتعدت تماما عن الساحة الوطنية، هذه النخب أصبحت غائبة حسب نظره خصوصا ما تعلق بالجامعة والنشاط الطلابي، وأصبح هناك بروز بالنسبة للأحزاب شخصيات تظهر فقط في المواسم. أما المسؤولية الثالثة فتقع على عاتق رجال المال والأعمال الذين يتحملون جزءا كبيرا في هذا الأمر، فالمؤسسات السياسية ليست بنوكا كما يقول الدان في حديثه، فلكل طرحه الخاص في النشاط، وتحولها عن مهامها أفقد منظومتنا العمالية ماهيتها، في ظل وجود صراعات بين رجال الأعمال تظهر جليا من خلال ما يتم تداوله اليوم في وسائل الإعلام المختلفة، والجزائر كما يشير ليست شركة فلان أو علان فهي أعلى من هؤلاء جميعا.
ندعو إلى تشكيل تحالفات لتأمين الجزائر بعيدا عن مبادرات الاستقطاب
يعتقد السيد احمد الدان أننا الآن أمام حملة انتخابية تتعلق بتشريعيات 2017 تليها انتخابات محلية وبعدها رئاسية في 2019، وبالتالي السنتان الباقيتان كما قال الدان لدى استضافته من طرف “الصوت الآخر” هما سنتان انتخابيتان بامتياز، فالجميع يتحدث عن التشريعيات والبلديات والكل سينخرط في العملية من زاويته الخاصة، مؤكد أنه على المبادرات أن تتحول إلى صياغة جديدة وتحالفات حزبية جديدة ولابد أن نراهن على الزمن والعمل في لحظة تاريخية فارقة سنعيشها مستقبلا، كما أننا ندعو من هذا المنبر إلى تشكيل تحالفات لتأمين الجزائر، بعيدا عن مشاريع الاستقطاب التي نراها اليوم في المشهد السياسي، خصوصا وأننا نعيش أخطار التقسيم، لذي أصبح أمرا مطروحا كما كان الحال بالنسبة لدول أخرى، فكل الجمهوريات –يقول الضيف- تعرضت للتقسيم في الوطن العربي والتصدعات (مصر، سوريا، تونس وليبيا..) وبقيت المملكات، والجمهورية المعافاة حاليا والمتماسكة هي الجزائر، فلابد من حمايتها والتقسيم هو أخطر شيء على النظام الجمهوري في ظل ما يحدث اليوم، وإن كان الدستور الأخير قد فكك بعض القنابل الموقوتة، إلا أن الأوضاع تبقى صعبة وخطيرة في المستقبل، فعلى الأحزاب الموجودة بين موالاة ومعارضة -وهي مؤسسات متشابهة- تقوي ما يخدم الجزائر مستقبلا ونحن نعول على الشباب الركيزة الأولى لذلك.
العديد من الشخصيات السياسية تزور الزوايا وليس فقط شكيب خليل
يؤكد الأستاذ أحمد الدان في منتدى “الصوت الآخر” أن الجزائر أكبر من الأشخاص، وكثيرا من رؤساء الأحزاب يزورون الزوايا والشخصيات السياسية تزور الزوايا وليس فقط وزير الطاقة الأسبق شكيب خليل الذي يقوم بالعملية عبر مختلف الزوايا، كما أنها ليست القضية الأهم بالنسبة للبلاد أو المواطن فملفه في القضاء وهو من سيفصل في نشاطه بالجزائر، مؤكدا في السياق أن أي شخص يزور الزوايا يقر بأنها تسير بالمرجعية الإسلامية للجزائريين وبالتالي فلا خوف حسب المتحدث من هذا الأمر، كما يضيف الدان أننا نستبق الأحداث وهو ما يدخلنا في تأويلات ومخرجات مختلفة، فلا يجب أن نقع في الإلهاء والاستغلال تحت أي ظرف من الظروف.
أما عن ملفات وتسريبات (بنما) فيرى الضيف أنها مثل تسريبات و(كيليكس) باعتبارها عملية ضغط، وتسريب صورة الرئيس هي مسألة ضغط على الجزائر ونحن ضد هذه العبثية الفرنسية، كما كنا نتمنى لو أن موقف الجزائر الدبلوماسي أقوى وأكبر، فهذا الأمر سيادي تمثل في رمزية رئيس الجمهورية حسب الدان، وكل هذا الضغط هو لتمرير مشاريع مؤسسات اقتصادية، وقد بات من الضروري، يضيف، التصدي لهذه السلوكات والممارسات التي تحتاج إلى قوة اقتصادية وقضاء عادل ونزيه، والى مؤسسات مستقرة وقرارات سيادية جزائرية محضة، ليعتبر رئيس الحركة في سياق ذي صلة أن ما قامت به السعودية في دعم المغرب عملية ضغط مماثلة، ومحاولة لإكراهنا على ملفات أخرى، وعلينا يختم أحمد الدان حديثه، النظر اليوم إلى مصالحنا مع أقطاب أخرى مثل الصين وروسيا وغيرها كما أن أوروبا ليست فرنسا فهناك دول صديقة عديدة.
انقسام “حمس” جاء في لحظة ضعف وعلينا لم شمل مختلف التيارات
أكد القيادي السابق في حركة مجتمع السلم أحمد الدان أننا اليوم نتطلع إلى المستقبل وعدم الرجوع إلى الماضي بل الاستفادة منه، وهذا في خضم حديثه لـ”الصوت الآخر” عن انشقاق وتفكك “حمس”، مشيرا إلى أن مسألة الانشقاق جاءت في لحظة (خاصة واستثنائية)، داعيا الجميع إلى التقارب والتعامل مع ما هو آت لأن الانقسام كان في لحظة زمنية ولحظة ضعف، وعلينا الآن أن نبعث روحا جديدة في توافق وطني بين الجميع مبادرات لم الشمل والتحالفات الاستراتيجية لخدمة الجزائر والجمع بين جميع الشرائح من الإسلاميين وغيرهم، فلا يمكن حسبه حصر الأخوة والتعاون في تيار واحد أو تيارين، والأمل يظل قائما للتحصين والتحسين والابتعاد عن التخوين والتعفين، والبحث عن المصالحة والإصلاح لأن السنتين القادمتين ستكونان صعبتان جدا على الجزائر والجزائريين كما جاء على لسان المتحدث.
نرفض فكرة “الشغور في السلطة” والتشريعيات القادمة ملف مطروح لدى الجميع
تبقى التشريعيات القادمة ملفا مطروحا في الساحة السياسية، حسب ضيف “الصوت الآخر” أحمد الدان ويفرض نفسه على الجميع، ونحن لدينا مؤسسات ستدرس الموضوع والوضع السياسي وهذا في المجلس الوطني وسنقدم نظرتنا في المستقبل كما قال، وهذا من خلال نظرة سياسية ناضجة وتشاركية، لتبقى أمور أخرى وتفاصيل في يد مؤسسات الحزب هي من يقرر الأمر بعد دراسة الوضع. كما أننا كما يقول المتحدث لسنا مع فكرة الشغور ولا نؤمن بوجوده، بالفعل هناك نقائص ندعو إلى تداركها والتعجيل بمعالجتها، ونأمل في انتخابات رئاسية مستقبلية نزيهة وديمقراطية، فالجزائر حسب الدان تعيش عزوفا انتخابيا وعلى جميع السياسيين إعادة الأمل للشعب وبناء الدولة، كما أن رئيس حركة البناء الوطني يؤكد أن الدعوة إلى انتخابات رئاسية مسبقة هو إرباك للرأي العام وللمصلحة الوطنية والساحة السياسية، والديمقراطية كما أشار تنعش الاستقرار والهدوء وقدرة الشعب على الفعل السياسي بعيدا عن الفتنة المختلفة.
الشيخ الراحل أحمد ياسين قال لي “قوة الجزائر من قوة فلسطين” والراحل محفوظ نحناح قال “حافظوا على الجزائر لأنها عنوانكم”
يكشف المناضل السياسي والنائب السابق أحمد الدان حول صورته مع الشيخ الراحل أحمد ياسين أنه التقاه في سوريا سنة 1998، ويذكر أنه سأله حول فلسطين فقال لي”أريد أن تبقى الجزائر قوية وكلما كانت كذلك كانت فلسطين بخير”، موضحا أن الشيخ أحمد ياسين كانت لديه رؤية ثاقبة تجاه القضايا العربية وأكد أن فلسطين قوية بقوة الدول العربية. أما عن مسيرته مع الشيخ الراحل محفوظ نحناح فقد أكد الدان أن الراحل كان يقول دائما “حافظوا على الجزائر لأنها عنوانكم”، وأيضا كان يؤلف في آخر حياته كتابا سماه “أنماط المعارضة” ذكر فيه أن أنماط المعارضة لا يجب أن تكون تقليدية وكان يدعو إلى حماية الدولة رغم الاختلاف مع السلطة، وهذه النظرة العالية أثرت كثيرا في العديد من القيادات العالمية، مشيرا “نحرص أن يبقى الشيخ محفوظ حيا كما كان يرى الشعب الجزائري كله مسلما وله مساحات التقاء كثيرة وأذكر بالمناسبة أن قسا لبنانيا قال لي يوما إن من أفضل أصدقائي محفوظ نحناح عليه رحمة الله”.
dane

اترك تعليقًا