لم أشأ أن تفوتني ذكرى الاعلان التاريخي لإضراب الطلبة الجزائريين في الثانويات والجامعة الوحيدة إبان الثورة التحريرية المباركة في التاسع عشر من شهر ماي سنة 1956، شكلت تلك المحطة نبقلة نوعية في مسار الثورة بانخراط الشريحة الطلابية في النضال السياسي والعسكري وأمد كيانها البشري بنخبة متبعة بالروح الوطنية متقدة العزيمة صلة الارادة ومتمكنة من المعرفة العلمية تفتح العقل على مجريات الاحداث في العالم وهي تستشرف مستقبلا لوطنها خارج قدر الاستعمار الذي طال أمده وأوغل في اذلال شعب أبي وطمس هويته و محو ثقافته بل وأنكر وجوده كما لو ان الجزائر لم تكن قبل الاحتلال الا اراض خالية من أهلها.
لقد عاش الطلاب وهم من صلب هذا الشعب قضيهم بعمق وآمنوا بها ووهبوا حياتهم وكل مايملكون من أجل الانتصار لها، وكانت الحركة الطلابية متميزة بأدباتها العريقة مستلهمة من التراث العالمي وملاحم الشباب عبر التاريخ، تمكنت من التقدم في مختلف الصفوف السياسية والعسكرية ومكنت للثورة من تقنيات الكفاح المسلح والنضالبالقلم والكلمة وتسجيل حضور القضية الوطنية في المحافل الدولية وفي عواصم العالم.
الحركة الطلابية بالمختصر أعطت نفسا جديدا وزخما شعبيا ودبلوماسيا في السنوات الموالية وأكسبت الثورة مواقع متقدمة في عمق الصراع مه المستعمر الغاشم، ولذلك لم يكم رحيما مع من يتم اعتقالهم وشاهد على ذلك الحقد لالتعذيب الرهيب الذي طال الشهيد طالب عبد الرحمان وإعدامه في الأخير بعد أن ظل ثابتا باسلا طيلة شهور التنكيل به.
الحركة الطلابية بالمختصر أعطت نفسا جديدا وزخما شعبيا ودبلوماسيا في السنوات الموالية وأكسبت الثورة مواقع متقدمة في عمق الصراع مه المستعمر الغاشم، ولذلك لم يكم رحيما مع من يتم اعتقالهم وشاهد على ذلك الحقد لالتعذيب الرهيب الذي طال الشهيد طالب عبد الرحمان وإعدامه في الأخير بعد أن ظل ثابتا باسلا طيلة شهور التنكيل به.
محطة جديدة تسجل في تاريخ الحركة الطلابية الجزائرية كانت مباشرة بعد اعلان التعددية في البلاد لتكون أول شريحة تتهيكل في حركة انبعاثية تحمل الروح الأصيلة للعمل الطلابي بعد سنوات من التدجين القسري الذ فرضه النظام السياسي بعد الاستقلال، ولعل أبرز أشكال هذا الانبعاث هو تشكل قوى جديدة على الساحة الجامعية استطاعت بفضل تنظيمها وقوة أفكارها ومشروعية منطلقاتها أن تحظةى بثقة شريحة واسعة من الطلاب وأضحت قوة محركة في الوط الجامعي ولسانا حالا للنضال الطلابي من أجل قضاياه ن لتمد في مداها واهتماماتها الى قضايا الوطن والأمة، وتمكنت خلال ما يقارب العشرية من قيادة المجتمع المدني الناشئ آنذاك وكانت رأس حربتها منظمة الاتحاد العام الطلابي الحر،وأصبحت نضالاتها ملهمة للكثير من الشرائح والفئات ن واستطاعت بفضل وعي نخبتها أن تقف بكل مسؤولية وطنية أمام حملة التهديم لمقومات الأمة بعد انسداد الافق السياسي ودخول البلاد أتون الحرب الأهلية ودفعت هذه الحركة ثمن نذاءاتها للتعقل والحوار ورفض لغة السلاح بأنامتدت أيادي الجماعات المسلحة لاغتيال ثلة من خيرة ابنائها منهم الشهيد عبد الحفيظ سعيد و سليم بديار وغيرهم….
لقد ارست الحركة الطلابية منذ عهد التعددية لغاية بداية الالفية الثالثة، لممارسة سياسية وتعايش فكري ناضج في الجامعة الجزائرية، وبقدر ما كانت المنافسة قوية بين تنظيماتها بقدر ما كان الاحترام الرأي المخالف وتأسيس لمسار التقارب والتعاون في القضايا المصيرية، ولعل أهم ملف اجتمعت عليه بعد هو الانتصار للقضية الفلسطينية وبفضلها تخرج مئات الآلاف من الطلبة الجامعيين وهم يحملونها في قلوبهم كيف لا وقد صدحت حناجرهم بشعاراته وساروا من أجلها المسيرات وسجلوا لها الوقفات الجماهيرية في كل جامعات الوطن.
اليوم وإذ نحيى في الجزائر هذه المناسبة الخالدة ونحن نعتز بأننا قدنا لسنوات مسيرة العمل الطلابي الأصيل ، نقف أمام الوضع البائس لبقايا الحركة الطلابية التي استطاع النظام السياسي تدجينها مرة أخرى ، وأطبق عليها في دائرة مغلقة من التبعية والتهليل لسياساته الصالحة والفاسدة، وفقدت الحركة الطلابية بريقها النضالي وخسرت الالتفاف الجماهيري وأضحت أسيرة لقيادات فشلت في أن تنهل من رصيد و روح الحركة الطلابية وإشراقتها وثوريتها إلا بقدر ما يخطبون به من خطابات التملق أمام السياسين أو حشد الطلبة في الجامعات لنقلهم بالمجان إلى قاعات التهريج الفارغ.
ومع ان الحديث يطول على مآلات الحركة الطلابية الجزائرية وانكفائها على اهتمامات هزيلة وسقوطها في فخ التدجين المقين ، وعن أسبابه وتداعياته على المشهد الوطني ، فإني على يقين من أن روحها لا تزال تسري في المخلصين من أبنائها الجدد الحالمين بأدوار أكثر عمقا وأقوى صوتا وأقربها الى تطلعات المواطنين من أطماع السياسين، وسيظل الرهان الحقيقي لانتصار الحركة الطلابية هو مدي استقلاليتها في طموحاتها وقراراتها وتوجهاتها الكبرى وفي بعد رؤيتها لمصالح الوطن والأمة…. وإن جيلا لا محالة قادم لقلب صفحة جديدة ومسح صفحات الخنوع والاستسلام لفتات الأنظمة السياسية الجشعة.
كمال قرابة … 19 ماي 2016.
الحركة الطلابية : قلعة الصوت الحر والضمير الحي
