كثير من المسلمين قد يغفلون عن أفضلية الاستعداد لشهر الصيام في شعبان كما أخبر الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم , ففي الحديث عن أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ قَالَ : لَمْ يَكُنْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَصُومُ مِنْ شَهْرٍ مِنْ الشُّهُورِ مَا يَصُومُ مِنْ شَعْبَانَ فقلت : لَمْ أَرَكَ تَصُومُ مِنْ شَهْرٍ مِنْ الشُّهُورِ مَا تَصُومُ مِنْ شَعْبَانَ قَالَ : (ذَاكَ شَهْرٌ يَغْفُلُ النَّاسُ عَنْهُ بَيْنَ رَجَبٍ وَرَمَضَانَ وَهُوَ شَهْرٌ يُرْفَعُ فِيهِ الْأَعْمَالُ إِلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ) مسند الإمام أحمد بإسناد حسن
إذن فالغفلة عن فضل هذا الشهر واردة بنص حديث الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم , وهو ما يجعل التذكير بمكانته وأفضلية الإكثار من أعمال البر فيه استعدادا لشهر الصيام أشد حاجة وأكثر ضرورة.
أول دعائم الاستعداد الأمثل لشهر الصيام في شهر شعبان هو : تدريب النفس على الصيام , فمن المعروف أن النفس إذا اعتادت على الصيام قبل رمضان , فقد اجتازت بذلك مرحلة المجاهدة التي لا بد منها في بداية شهر الصيام , وبالتالي القدرة على اغتنام ساعات مدرسة الثلاثين يوما بشكل أكبر وأفضل في أعمال البر والخير.
لقد أرشدنا الرسول الكريم إلى هذا النوع من الاستعداد لشهر رمضان من خلال الكثير من الأحاديث الصحيحة التي تتحدث عن كثرة صيامه في شعبان , ففي الحديث عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ :” كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَصُومُ حَتَّى نَقُولَ لَا يُفْطِرُ وَيُفْطِرُ حَتَّى نَقُولَ لَا يَصُومُ فَمَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسْتَكْمَلَ صِيَامَ شَهْرٍ إِلَّا رَمَضَانَ وَمَا رَأَيْتُهُ أَكْثَرَ صِيَامًا مِنْهُ فِي شَعْبَان”َ (صحيح البخاري)
وفي الحديث عن أُمِّ سَلَمَةَ رضي الله عنها قَالَتْ : مَا رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَصُومُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ إِلاَّ شَعْبَانَ وَرَمَضَانَ . وفي رواية أخرى عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها أَنَّهَا قَالَتْ : “مَا رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي شَهْرٍ أَكْثَرَ صِيَامًا مِنْهُ فِي شَعْبَانَ كَانَ يَصُومُهُ إِلاَّ قَلِيلاً بَلْ كَانَ يَصُومُهُ كُلَّهُ”. سنن الترمذي وقال : حديث حسن .
قال ابن رجب رحمه الله في الحكمة من الإكثار من الصيام في شعبان : صيامه كالتمرين على صيام رمضان لئلا يدخل في صوم رمضان على مشقة وكلفة ، بل يكون قد تمرن على الصيام واعتاده فيدخل رمضان بقوة ونشاط – في العبادات والطاعات طبعا – .
و قال أهل العلم : صوم شعبان مثل السنن الرواتب بالنسبة للصلوات المكتوبة ، ويكون كأنه تقدمة لشهر رمضان ، أي كأنه راتبة لشهر رمضان، ولذلك سن الصيام في شهر شعبان ، وسن الصيام ستة أيام من شهر شوال كالراتبة قبل المكتوبة وبعدها , ومن المعلوم أن الرواتب هي تكملة لنقص الفرائض .
أما الدعامة الثانية في الاستعداد الأمثل لشهر الصيام في شعبان فهي تلاوة القرآن , قال سلمة بن سهيل : كان يقال : شهر شعبان شهر القراء . وكان حبيب بن أبي ثابت إذا دخل شعبان قال : هذا شهر القراء.
والحقيقة أن من يدقق في أهم أعمال شهر الصيام يلاحظ أنها الصيام والقرآن , فإذا استطاع أحدنا أن يستعد لهما بالتدريب عليهما في شعبان , فقد هيأ النفس والروح والبدن للاغتراف من أهم نفحات وبركات شهر الصيام .
الإستعداد الأمثل لشهر رمضان
